آثار كتاب "الفيس بوك آدابه وأحكامه" للمؤلف "على محمد شوقى"، الذى نشرت "اليوم السابع" تفاصيله وأحكامه، التى دارت حول معاملات وأحكام التواصل على موقع "فيسبوك"، حالة كبيرة من الجدل، وتداول رواد مواقع التواصل تفاصيل الكتاب وأحكامه بردود فعل متباينة بين مؤيدين لأن يكون الدين شريكا فى كل تفاصيل حياة الإنسان، وما بين رافض لوضع قواعد فقهية لأمور مثل "الفولو" و"اللايك" و"سكرين شوت"، ومثل هذه الأمور.
وكان الكتاب تناول الآداب العامة لاستخدام "فيس بوك" وآداب كتابة بيانات الصفحة الشخصية وطلب الصداقة أو حذفها والإعجاب بالصفحات.
وتتضمن الأحكام الواردة فى الكتاب نماذجا للأسماء التى لا يجوز استخدامها للصفحات العامة أو الشخصية، وذكر الكتاب أنه لا يجوز لا يجوز انتحال الشخصيات ولا تزييف العمر على "فيس بوك".
وأباح الكتاب "الصداقة الفيسبوكية" بين المرأة والرجل بشرط إذن ولى الأمر طالما أن هذا يعنى متابعة المنشورات فقط أما التواصل والتعارف حتى لو بغرض الزواج فلا يجوز ووصفه بأنه "من خطوات الشيطان".
وفى "آداب المراسلات الفيسبوكية" وصف الكاتب تصوير المحادثات "سكرين شوت" دون إذن صاحبها بأنها "مكر وخديعة وخيانة للأمانة".
وتعليقًا على الكتاب قال الكاتب الصحفى شريف الشوباشى، لـ"اليوم السابع"، إن غالبية الشعب المصرى دينهم الإسلام وهذا الدين له قيم عليا، ولكن رجال الدين أصبحوا يستخدمون الدين من أجل الهيمنة على المجتمع والسيطرة على عقول الناس وخاصة البسطاء بالتالى يقحمون الدين فى مجالات لا علاقة لها بالدين.
منها على سبيل المثال ما ورد فى الكتاب فانتحال الشخصية على فيسبوك ليس قضية دينية وإنما قضية قانونية وهذا خلط عمد بين الدين والقانون، كذلك تزييف السن قضية أخلاقية وليست دينية".، متابعًا: "هم يخلطون عمدًا بين الدين وبين المجتمع ليصبح الشعب لا يتحرك ولا يفكر إلا باللجوء إلى الشيخ أو الفتوى، ويريدون أن يشلوا عقل الشعب المصرى.
واعتبر "الشوباشي" الكتاب محاولة لتجريم الفكر والعلاقات الطبيعية والإنسانية بين الناس، متابعًا: "رجال الدين عندهم عقدة من المرأة، عقدة متأصلة متجذرة بدليل أن الكتاب يريد أن يكمم المرأة تمامًا فلا تظهر صورتها ولا تكلم رجل ولا تضحك أو تمزح".
وكان "اليوم السابع" طرح سؤالًا على دار الإفتاء حول وجود ضوابط وأحكام فقهية تحكم طريقة وآلية التواصل على موقع "فيس بوك" بين الرجال والنساء، وهل هناك حلال وحرام فى صور ومظاهر تلك التطبيقات مثل متابعة النساء وحسابتهن الشخصية، أو إضافة نساء وبنات كصديقات أو التحدث معهن من خلال الرسائل الخاصة، وكذلك استخدام الـ"سكرين شوت" لمحادثات خاصة.
وقال ممثل لجنة الفتوى عبر خدمة هاتف الإفتاء، إنه إذا كان كل ذلك لا يخرج عن إطار المعاملة التى لا يبنى عليها محرم، فلا مانع، أما إذا ترتب على أى من تلك الأمور محرم شرعى أو خرجت عن إطار المعاملة وأحدثت فتنة، فهى لا تجب".
وأضاف ممثل لجنة الفتوى: "بصورة عامة فإن التواصل عبر تلك التطبيقات يخضع لقاعدة "حلاله حلال وحرامه حرام"، فإذا كان متابعة سيدة أو بنت على مواقع التواصل الاجتماعى سيكون بابا للفتنة للشاب أو الرجل وسيتسبب ذلك فى متابعة صور أو فيديوهات قد تكون فتنة له فلا يجب ذلك، وإن كان متابعتها أمر يفيد دينه ودنياه فلا مانع من ذلك".
وتابع ممثل لجنة الفتوى عبر خدمة هاتف الإفتاء: "إذا كان استخدام الحسابات المزيفة لمصلحة دون أن يقع ضرر على أحد ودون أن نخدع أحد من خلالها، فلا مانع فى حدود الضرورة، وإلا فهى لا تجب لأننا نخدع بها آخرين"، مضيفًا: "وهو نفس الأمر فيما يخص أن تأخذ "سكرين شوت" لرسائل شخصية وتعرضها لشخص آخر، فإن كان ذلك بعد استئذان الطرف الآخر فى الرسائل وطالما أنه لن يقع عليه ضرر أو ستحقق به منفعة فلا مانع، أما لو كان من باب التشهير والابتزاز فهو مرفوض".
وأشار ممثل لجنة الفتوى عبر خدمة هاتف الإفتاء، إلى أنه فيما يتعلق بالأحاديث والرسائل الخاصة فهى مثلها مثل التواصل العادى بين أى شخصين يخضع لنفس الضوابط والأحكام التى تحكم علاقة الرجل بالمرأة.
ومن جانبه، قال الدكتور جابر عصفور الكاتب والمفكر، إن إعمال العقل فى القضايا العصرية التى يريد المواطن أن يعرف موقف الدين منها أهم وأولى من سؤال الأئمة والشيوخ الذين قد يكونوا لم يطوروا فتاويهم وأداوتهم وفق تطور العصر.
وعلق الكاتب على تعليق لجنة الفتوى بدار الإفتاء على بعض الأسئلة الخاصة بالمعاملات على "فيسبوك" قائلا: "من حق أى شخص أن يسأل عن الفتوى فى ما يريد لكن الإسلام قوته فى أن لغى السلطة الدينية وأصبح من حق الإنسان أن يستفتى قلبه وأن يخاطب ربه دون وسيط فيما يشاء".
وأوضح عصفور، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن هناك أمور كثيرة استحدثها العلم الحديث قد تتعارض مع ما جاء فى الأحاديث وآيات القرآن الكريم لكن العقل فى الإسلام دعانا إلى التدبر والتفكر دون التقيد بنصوص جامدة تحمل كثير من التفسيرات والتأويلات. مطالبًا أن يكون لدى كل فرد ثقافة ووعى كافى بأن يدير علاقته بربه بنفسه وفق ماتعلمه من القرآن والسنة الصحيحة وأن يسأل فقط عن الفتاوى الكبرى وليس تفاصيل الأمور.
أما الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، فقال إن هذا الكتاب هو رؤية باحث فى أمر مستحدث، وهو موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وما يماثله على الشبكة العنكبوتية، والحقيقة أن هذه الرؤية محاولة للتنبيه على بعض الآداب المشهورة فى الأخلاقيات والسلوكيات العامة، وهناك بعض الأمور بالغ فيها، لكن هذه المبالغة لا تقلل من محاولته المشكورة لاجتهاد معاصر فى مسألة مستحدثة، ولعله يفتح الطريق لأبحاث معاصرة تتصل بالإعلام المرئى والمسموع فى الثورة الإعلامية التى يمر بها العالم.
وأضاف كريمة: "نحن بحاجة لأبحاث معاصرة مشابهة، فهو حين تتطرق إلى جريمة الانتحال هذا يتفق مع قول الله تعالى "﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ"، وحين تكلم عن تحريم السخرية من الآخرين فالله قال "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أن يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ" وحين تكلم عن خطورة إدعاءات مواقع مناهضة للإسلام فهذا فنحن فعلًا نحتاج إلى تحصين الناشئة فليس كل ما على مواقع التواصل مناسب للعامة.
وأشار أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إلى أن هذا رأى يعبر عن صاحبه وليس بالضرورة أنه يعبر عن الأزهر الشريف، مضيفًا: "القاعدة الذهبية فى الأعمال العلمية قول الله سبحانه وتعالى "وإِنَّا أو إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أو فِى ضَلالٍ مُبِينٍ"، وقول النبى صلى الله عليه وسلم "المجتهد إذا اجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر" وقال الإمام الشافعى رضى الله عنه كلامى صواب يحتمل الخطأ وكلام المخالف خطأ يحتمل الصواب، وقال الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه "كل الناس يؤخذ من كلامه ويرد عليه، إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة