تبذل الدولة المصرية جهودا كبيرة لإرساء الأمن والاستقرار فى المنطقة ووقف النزاعات المسلحة والدفع نحو الحل السياسى للأزمات، التى يمكن أن تعصف بالمنطقة، وتتحرك مصر على المستوى الإقليمى لنزع فتيل الأزمة بين الفرقاء فى عدد من الدول الشقيقة ولا سيما فى ليبيا وفلسطين وسوريا وفلسطين وجنوب السودان.
الدور المصرى الكبير الذى تقوده القيادة السياسية وقيادات جهاز المخابرات العامة بالتعاون مع مؤسسات الدولة الأخرى يأتى انطلاقا من الدور المهم والحيوى، الذى تقوم به مصر فى المنطقة باعتبارها الدول صاحبة الدور المحورى الأبرز بالمنطقة، إضافة لثقة للأطراف المتصارعة فى الدولة المصرية، التى تمتلك من الرصيد الحضارى والتاريخى ما يمكنها ان تلعب دورا مهما فى نزع فتيل الأزمات فى الدول على أساس الشراكة الوطنية وعدم الانحياز لطرف على حساب آخر.
جنوب السودان
يأتى التحرك الأخير الذى أعلنت عنه القاهرة اليوم باستضافة اجتماعا خلال الفترة من يوم 13 نوفمبر وحتى 16 نوفمبر الجارى للحركة الشعبية لتحرير السودان بشقها الحكومى ومجموعة القادة السابقين، تكليلا للجهود التى تبذلها مصر فى القاهرة السمراء لوقف الصراعات المسلحة، وكانت آخر تلك النجاحات التوقيع بمقر المخابرات العامة على وثيقة إعلان القاهرة لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس الأوغندى يورى موسيفنى.
ويعد توقيع وثيقة إعلان القاهرة خطوة مهمة على طريق دعم السلام ووقف الحرب فى جمهورية جنوب السودان الشقيق، الأمر الذى يعد مدخلا سياسيا لعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم الأصلية، ويمثل الجهد السياسى المصرى الأوغندى بالتعاون مع جنوب السودان ركيزة أساسية لدعم الاستقرار الإقليمى.
كما اتفقت الأطراف على قيام المخابرات العامة المصرية بالتنسيق مع الأطراف المعنية ومتابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
المصالحة الفلسطينية
التحرك الذى تقوده مصر على مدار السنوات الماضية كان محل تقدير واحترام من الدول الكبرى للجهود التى تبذلها الدولة المصرية لدعم مسيرة السلام بالمنطقة عبر جمع الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى على طاولة واحدة تمهيدا لإحياء العملية السلمية المجمدة منذ ما يقرب من 3 سنوات.
المصالحة الفلسطينية تأتى تكليلا لجهود الدولة المصرية فى الوساطة بين حركتى فتح وحماس، حيث أعلنت الحركتان من قلب القاهرة منتصف اكتوبر الماضى عن حزمة من القرارات التى تعزز إنهاء حالة الانقسام، وتعزيز وحدة البيت الفلسطينى، وهى خطوة من شأنها تفويت الفرصة على سلطات الاحتلال الإسرائيلى للمماطلة فيما يتعلق باستئناف مفاوضات السلام.
واتفقت الحركتان خلال اجتماعهما المنعقد فى القاهرة على تمكين الحكومة الفلسطينية برئاسة رامى الحمد الله من عملها على كامل التراب الفلسطينى فى قطاع غزة والضفة الغربية ورام الله، وهو التحرك الذى يجرى على الأرض بتسلم عدد من وزراء حكومة الحمد الله لمقراتهم فى قطاع غزة.
كما تم خلال الاجتماع توجيه الدعوة من جانب القيادة المصرية إلى الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق 2011 لاجتماع جديد فى القاهرة يوم الثلاثاء المقبل فى القاهرة.
وتستمر مصر فى دعم الأشقاء فى الأراضى المحتلة على كافة المستويات وتخفيف معاناة أهالى قطاع غزة عبر تقديم المساعدات الإنسانية وتوفير المستلزمات الطبية التى يحتاجها أهالى القطاع، وبحث سبل تعزيز الشراكة الوطنية بين جميع شرائح المجتمع بدعم جهود المصالحة المجتمعية وحل مشكلات الدم التى نتجت عن الانقسام الفلسطينى.
اتفاقات خفض التصعيد فى سوريا وإدخال المساعدات الإنسانية
تميزت المواقف المصرية حول الصراعات المسلحة، التى دخلتها الدولة السورية بالاتزان وعدم طرف فى المعادلة والصراعات العنية التى دخلتها البلاد منذ نهاية عام 2011 وحتى اللحظة، وهو ما جعل القاهرة الطرف المقبول فى المعادلة السورية الأكثر تعقيدا فى الوقت الراهن.
وفى إطار الجهود الإقليمية والدولية التى تبذلها الدولة المصرية لوقف نزيف الدم السورى فى الشقيقة المهمة وشريكة الأخوة والوحدة السياسية المباشرة فى ستينيات القرن الماضى، نجحت مصر، بمشاركة روسيا، فى إبرام اتفاق لخفض التصعيد العسكرى بين المعارضة المسلحة والجيش السورى، والذى تم توقيعه فى القاهرة من قبل ممثلين عن الحكومتين المصرية والروسية، ورئيس تيار الغد السورى المعارض أحمد الجربا ممثلا عن الفصائل المسلحة المعتدلة.
توقيع اتفاق خفض التصعيد فى الغوطة الشرقية بريف دمشق الشرقى، جاء بعد مشاورات استمرت 3 أيام فى القاهرة، وتم وضع آلية عمل منطقة خفض التصعيد فى الغوطة الشرقية.
وتمكنت القاهرة خلال الأشهر الاخيرة فى رعاية اتفاق آخر لخفض التصعيد فى سوريا بمشاركة ممثلى وزارة الدفاع الروسية مع المعارضة السورية المعتدلة، وتم التوقيع على الاتفاق بالعاصمة المصرية لخفض حدة التصعيد وإدخال المساعدات الإنسانية شمالى مدينة حمص والتى تضم 84 بلدة يقطنها أكثر من 147 ألف نسمة، والمناطق يسكنها نحو 150 ألف شخص.
وأعلنت القاهرة خلال الأسابيع الأخيرة عن اتفاق ثالث لخفض التصعيد جنوب العاصمة السورية دمشق بحضور ممثلى وزارة الدفاع الروسية وعدد من قادة الفصائل السورية المعتدلة، وذلك لخفض التصعيد فى أحياء مهددة بالتهجير جنوب دمشق وإدخال المساعدات الإنسانية، وهو الاتفاق الذى أفشل التحركات الإقليمية التى تقودها بعض الأطراف لتغيير ديموجرافية سوريا.
توحيد صفوف الفرقاء الليبيين من العسكريين والمدنيين
تقود مصر تحركات مكثفة عبر اللجنة المصرية المعنية بليبيا لإنهاء حالة الانقسام وترسيخ المصالحة الوطنية فى ليبيا، واحتضنت القاهرة وفود ليبية من برقة ومدينة مصراتة، وتمت اللقاءات والمشاورات بشكل منفرد مع كل وفد على حدة، ثم بشكل مشترك مع ممثلين عن الوفدين دون شروط مسبقة.
ونجحت المشاورات المصرية مع الأطراف الليبية على دفعهم للاتفاق على عدد من الثوابت الوطنية أبرزها التأكيد على وحدة ليبيا وسيادتها وآمنها وسلامتها والحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعى الليبى، والتأكيد على حرمة الدم الليبى وتعزيز المصالحة الوطنى، العمل على إعادة بناء الدولة الليبية ودعم مؤسساتها ولحمة شعبها ورفض وإدانة جميع أشكال التدخل الأجنبى فى الشأن الليبى ومكافحة كل أشكال التطرف والإرهاب، الالتزام بإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة مبنية على مبادئ التداول السلمى للسلطة والتوافق وقبول الآخر ورفض جميع أشكال التهميش والإقصاء لأى طرف من الأطراف الليبية، تهيئة المناخ المناسب للتهدئة عبر المنابر ووسائل الإعلام ووقف حملات التأجيج والفتنة وصولاً لمصالحة وطنية حقيقية.
احتضنت القاهرة عدة اجتماعات مع العسكريين الليبيين لبحث توحيد المؤسسة العسكرية فى ليبيا، وتم التأكيد على الثوابت الوطنية، مناقشاتهم التفصيلية حول مختلف الأفكار والحلول لتدشين مرحلة جديدة على مسيرة توحيد المؤسسة العسكرية، وتم تشكيل مجموعة من اللجان الفنية التخصصية لبحث آليات توحيد المؤسسة العسكرية ودراسة الشواغل التى تدعم تحقيق هذا المسار، ودارت محاور تلك النقاشات حول موضوعات تتعلق بطبيعة العلاقة بين السلطة المدنية والمؤسسة العسكرية وكذا عملية إعادة هيكلة وتنظيم المؤسسة العسكرية.
وثمن الجانب المصرى شتى الجهود المضنية التى بذلتها اللجان المنبثقة من ضباط المؤسسة العسكرية لدعم هذا المسار الليبى الخالص، وفقا لمتطلبات المصلحة الوطنية الليبية.
الجهود الكبيرة التى تقودها مصر فى الإقليم يصنفها ضمن أبرز العواصم العربية الداعمة للسلام الإقليمى والدولى، ويرشحها للعب أدوار أكبر وأبرز للوساطة بين أطراف إقليمية كبرى وحلحلة الأزمات ووقف الصراعات المسلحة فى المنطقة لتجنيب الشعوب ويلات الصراع المسلح والاقتتال الداخلى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة