كلما كان الإنسان أكثر مرونة، سواء فى فكره أو تعامله، كلما ازدادت مكاسبه، فالمرونة الفكرية تُضفى على صاحبها جاذبية من نوع خاص؛ لأنه يكون فى هذه الحالة لديه القدرة على استيعاب كل من حوله، وكل المتغيرات التى تطرأ على العالم وتؤثر فيه، ونحن لدينا الكثير من المواهب، ولكن للأسف، عندما تواتينا فكرة ما، نُصر على تطبيقها بطريقة معينة، ولو فشلت هذه الطريقة، نظن أن فكرتنا فى حد ذاتها، هى التى فشلت، وندعها جانبا، فى حين أننا لو فكرنا أن نُغير طريقتنا، ربما نجحت أفكارنا، وبشكل مثالى، وهذا هو ما يُفرق بين الإنسان المتحجر فكريًا، والمرن فكريًا، فكلاهما قد يُؤدى نفس العمل، ولكن أحدهما يُصر على التطبيق بصورة محددة، فى حين أن الآخر يُجرب كافة الأساليب؛ حتى يصل إلى أهدافه، وهذا ينطبق على كافة مناحى الحياة، أى أنه ليس مُرتبطًا بالجانب العملى فقط، فنحن حتى نستطيع أن نصل إلى كافة أهدافنا، ونُحقق ما نرجوه، ونكسب ود من يهمنا، ونكتسب احترام الكافة، ونُحافظ على مكانتنا لدى الغير، علينا أن نكتسب أولاً المرونة الفكرية، وأن نستغل كافة إمكانياتنا وقدراتنا ومواهبنا؛ حتى نُحقق أحلامنا المنشودة.
وهناك قصة تحكى عن رجل كفيف، جلس على إحدى عتبات بناء، واضعًا قبعته بين قدميه، وبجانبه لوحة مكتوب عليها: "أنا أعمى، أرجوكم ساعدوني"، فمر رجل إعلانات عليه، ووقف ليرى قبعته، فوجدها لا تحوى سوى قروش قليلة، فوضع المزيد فيها، ودون أن يستأذن الرجل الأعمى، أخذ لوحته وكتب عليها عبارة أخرى، وأعادها مكانها، ومضى فى طريقه، فلاحظ الأعمى أن قبعته قد امتلأت بالقروش والأوراق النقدية، فعرف أن شيئًا قد تغيَّر، وأدرك أن ما سمعه من صوت الكتابة هو سر ذلك التغيير، فسأل أحد المارة عما هو مكتوب على اللوحة، فقرأ له عبارة: "نحن فى فصل الربيع، لكننى لا أستطيع رؤية جماله".
فهذا يدل على أنه عندما غَيَّرَ مضمون الكتابة، اكتسب شفقة الناس، وبدءوا بالفعل مساعدته. إذن، فما المشكلة لو غيَّرنا وسائلنا؛ حتى نصل إلى أهدافنا، فمن وجهة نظرى أن هذا هو قمة الدهاء المحمود.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة