بوتيرة متصاعدة، تتبادل كلا من تركيا والدول الأوروبية رسائل التصعيد فى خلاف مرشح للاستمرار طالما تمسك نظام حزب العدالة والتنمية الحاكم فى أنقرة بممارساته القمعية فضلا عن مؤامراته العابرة للحدود، وتدخلاته فى شئون دول الجوار.
وفى الوقت الذى يواصل فيه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، ممارساته القمعية ضد شعبه ويلاحق المعارضة وفى مقدمتها حركة الخدمة التى يترأسها فتح الله جولن، بحملة تنكيل واسعة، بالتزامن مع دعمه المباشر وغير المباشر للكيانات والتنظيمات الإرهابية ومن بينها داعش وجماعة الإخوان، تواصل الدول الأوروبية محاولاتها للتصدى للدور التركى المشبوه فى الشرق الأوسط بوسائل عدة.
الرئيس التركى رجب طيب أردوغان
وأقدم أردوغان مساء أمس الجمعة، على سحب القوات التركية من مناورات حلف شمال الأطلسى "الناتو" فى النرويج، زاعما أنه تم استخدام اسمه وصورة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك فى تدريب "التصويب النارى".
وأعلن أردوغان أمس الجمعة، سحب القوات التركية من مناورات حلف شمال الأطلسى (الناتو) فى النرويج، على خلفية تلك الإدعاءات، وقال فى كلمته خلال اجتماع مع قيادات حزبه فى العاصمة أنقرة: "استخدموا لوحة تصويب فى النرويج وضعوا عليها اسمى وصورة مصطفى كمال أتاتورك"، مشيرا إلى أنه علم بالأمر من رئيس الأركان خلوصى أكار، ووزير شئون الاتحاد الأوروبى عمر جيليك، وتابع: "أخبرونى أنهم سيسحبوا قواتنا التى قوامها 40 جنديا من النرويج".
الجيش التركى
واستطرد: "قلت لهم افعلوا ذلك على الفور، لا يمكن أن يكون هناك تحالفا كهذا"
محاولة أردوغان للتصعيد فى القارة العجوز، قابلتها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالدعوة إلى تحرك أوروبى موحد من أجل تقليص التمويل المرتبط بمفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبى، فى ظل ما وصفته بـ"الاتجاه السىء" الذى تسلكه أنقرة.
المستشارة الألمانية من أكبر المعارضين لأردوغان
وسبق أن دعت ميركل فى الشهر الماضى، دول الاتحاد الأوروبى إلى تقليص المساعدات التى يتم تقديمها إلى تركيا فى ملف انضمامها إلى عضوية الاتحاد، وقالت فى ذلك الحين: "من المهم أن يتحرك المجلس الأوروبى الذى ضم قادة بلدان الاتحاد الأوروبى الـ 28 حول هذه المسألة بطريقة موحدة".
وأكدت المستشارة الألمانية، أن تطور دولة القانون فى تركيا، يسلك اتجاها سيئا ونشعر بقلق شديد إزاء ذلك ولا يقتصر سببه على اعتقال عدد كبير من الألمان.
وكانت ميركل قد تعهدت خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بالسعى لإقناع نظرائها الأوروبيين لوقف مفاوضات الانضمام التى تجريها تركيا مع الاتحاد الأوروبى.
وعبر عدد كبير من القادة الأوروبيين عن انتقادات حيال تركيا التى ارتفعت كثيرا حدة التوترات معها منذ عمليات القمع والاعتقالات الواسعة النطاق بعد انقلاب يوليو 2016.
وقال رئيس الوزراء البلجيكى شارل ميشال، إن مفاوضات الانضمام بين الاتحاد الأوروبى وتركيا "مجمدة حتى درجة التوقف"، فى خطوة تعكس عمق الخلافات القائمة بين أنقرة وعواصم القارة العجوز.
وجمد الاتحاد الأوروبى فتح فصول جديدة العام الماضى فى هذه المفاوضات التى بدأت فى 2005، ويرفض تحديث الاتحاد الجمركى مع تركيا، طالما استمرت انتهاكات حقوق الإنسان.
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء الهولندى مارك روتى، أن "تركيا بعيدة جدا من الانضمام وسيبقى الوضع على حاله".
وكان الأوروبيون حددوا نحو 4.45 مليار يورو للتمويل الذى يسبق انضمام تركيا، للفترة 2014-2020، لكن تم تخصيص 368 مليون يورو فقط منها لمشاريع الانضمام.