"مستعد لتحمل كامل المسئولية القانونية للتكفل بالطفلة" بهذه الكلمات تتجلى الإنسانية داخل مزارع صعيدى بمحافظة أسوان، عثر على رضيعة وسط زراعاته ولم يبال من أين جاءت، وكل ما يشغله هو مصير الطفلة.
"اليوم السابع" التقت أسرة المزارع حسن إسماعيل جاد عبد الله، البالغ من 42 سنة، ويقيم قرية الخور قبلى بمركز كوم أمبو محافظة أسوان، والذى رفض أن تعيش الطفلة فى ملجأ أو داراً للأطفال بلا أب ولا أم ومصير مجهول.
يروى "حسن" قصة العثور على الطفلة، قائلاً: نحن أسرة مكونة من 8 أفراد زوجتى وأبنائى الستة بالإضافة إلى والدتى، نعيش فى قرية بسيطة بمركز كوم أمبو محافظة أسوان، داخل منزل يبلغ مساحته فدانين، مخصص جزء منه بالخارج لتربية المواشى، وبينما أطفالى يباشرون إطعام المواشى خارج المنزل فى بداية المساء، عثروا على طفلة صغيرة ملفوفة فى ملابسها وموضوعة بجانب "زير" خارج الحوش.
وتابع المزارع القصة قائلاً: "أسرع الأطفال إلى مناداتى من الداخل فخرجت مسرعاً أنا وزوجتى فوجدنا طفلة صغيرة يكاد عمرها لا يتعدى الأسبوع الأول وبجانبها شنطة أطفال بها علبة لبن وملابس من النوع "الغالى"، وحفاظات وعلاج للسرة وقطرة للعين، وأسرعنا بها إلى داخل المنزل.
وأضاف المزارع حسن، أنه تشاور مع أخيه الأكبر "يوسف" فى أمر الطفلة، وجاءوا لها بالطبيب وأخبرهم أنها لا زالت فى الأسبوع الأول من ولادتها وهو ما اتضح من أمر "سرة" الطفلة، ومكثت الطفلة نحو ساعتين وأكثر، ثم توجه بها المزارع وأخيه إلى مركز شرطة كوم أمبو لتحرير محضر بالواقعة، وتم تحويل الطفلة، لمستشفى كوم أمبو المركزى، وبعد الكشف عليها وتحويلها إلى النيابة، قررت تسليمها إلى مأمور مركز الشرطة.
وتطوع المزارع حسن لاصطحاب الطفلة إلى زوجته بالمنزل لتكون تحت حضانته حتى إيجاد أهلها، أو إيداعها بدور رعاية الطفل بأسوان.
وأشار المزارع، إلى أنه عندما باتت عندهم الطفلة ليلتها الأولى زاد تعلق الأولاد بها وزوجته وأيضاً أمه الكبيرة فى السن، وعرضوا عليه أن يتبنوها ويتكفلوا أمرها، وأن تعيش وسط أبناءه بدلاً لها من أن تنشأ فى مصير مجهول داخل الملاجئ ودور الأيتام، لافتاً إلى أنه كان ينوى شراء حلق ذهب للطفلة التى أطلق عليها اسم "وفاء" فى شهادة الميلاد الرسمية التى طلبوا منه أن يستخرجها للطفلة.
زوجة المزارع، تدخلت فى الحديث موضحةً بأن سبب تعلقها بالطفلة جاء نظراً لأنها كانت حامل بأنثى وعندما قاربت على الوضع وبينما هى فى الشهر الثامن للحمل، إذ أصيبت بتسمم وأكد الأطباء لها أنه لابد من التضحية بالجنين حتى يمكن للأم أن تعيش، فحزنت الأم حزناً شديداً خاصة أن معظم أبنائها ذكور، ولكنها صبرت حتى جاءت هذه الطفلة التى اعتبرتها ابنتها التى أجهضت قبل فترة قليلة، وأرضعتها من صدرها حتى حن لها ونزل اللبن.
وفى صباح اليوم التالى، أخذ المزارع الطفلة وبرفقته زوجته وأولاده، متوجهين بها إلى مدينة أسوان التى تبعد عنهم ما يزيد عن 60 كيلو متراً، حيث دار رعاية الطفل التابع لمديرية التضامن الاجتماعى، وهناك حاول المزارع استكمال إجراءات الكفالة وحضانة الطفل، إلا أن المسئولين على الدار أخذوا الطفلة – على حد قول المزارع – وأبلغوه أنه لا يمكن له أن يتسلمها فى الوقت الحالى حتى يتبع الإجراءات القانونية فى ذلك الأمر، ورفضوا حتى إعطاءه أى أوراق تثبت أنهم تسلموا منه الطفلة، ومنعوه من زيارتها داخل الدار مرة أخرى.
وأوضح حسن، بأن مديرة الدار طلبت منه حتى يتكفل بالطفلة، عدة شروط أهمها أن يكون حاصل على مؤهل عال، وأن يكون عمر الزوج والزوجة صغير، وليس لديه أولاد، وأن يكون لديه دخل ثابت لا يقل عن 3 آلاف جنيه، معلقاً "ليس لدى دخل ثابت لأنى مزارع ولكن أمتلك الأراضى والزراعات والمواشى والأحصنة، ولكن هذه الشروط بعض منها لا ينطبق عليه، ولكنه متعلق بالطفلة ومستعد لتربيتها ونشأتها فى أحسن حال حتى يظهر لها أسرة أو تعيش وسط أبناءه للأبد كأنها واحدة منهم".
وأكد المزارع، استعداده لتحمل المسئولية كاملة تجاه تربية الطفلة، وأن يوقع على كل الأوراق التى تثبت ذلك، خاصة أنه رجع إلى منزله بدون الطفلة، وانقلبت السعادة إلى حزن وعم البكاء على الجميع خاصة والدته التى لم تصدق ما حدث من مسئولى رعاية الأطفال، مناشداً المسئولين بالتدخل والسماح له بالتكفل بالطفلة للأبد أو حتى يظهر أهلها.
من جانبه، صرح محمود فاروق، وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بأسوان، لـ"اليوم السابع"، أنه لا مانع من تبنى المزارع للطفلة وأن تكون فى حضانته، ولكن بعد مضى ثلاثة أشهر طبقاً للإجراءات القانونية والتأكد من عدم ظهور أهلها خلال هذه المدة، مشيراً إلى أنه يمكنه زيارة الطفلة خلال هذه الفترة فى أى وقت.
الطفله
الطفلة التى عثروا عليها
أسرة حسن المزارع
المزارع حسن وأولاده
داخل منزل الحاج حسن
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة