دخلت قطر عمليا ضمن عواصم السيطرة الإيرانية، ومجال نفوذ الحرس الثورى، والتحقت الدوحة بركب مناطق اختراق الدولة الشيعية منذ اشتعال الأزمة الخليجية يونيو الماضى، وتعنت أمير قطر تميم بن حمد آل ثانى الراعى الرسمى للإرهاب فى العالم قبول مطالب الرباعى العربى، وارتمائه فى أحضان الملالى وتعاونه مع الحرس الثورى لتنفيذ مخططه فى منطقة الخليج لتصبح قطر شوكة فى ظهر العرب ينبغى نزعها.
طهران لم تعلن حتى الآن سيطرتها على قطر صراحة، كما أعلنتها دون أدنى مواربة فى عام 2014 عقب سقوط العاصمة اليمنية صنعاء فى أيد المتمردين الحوثيين، إذ قال النائب الإيرانى السابق على رضا زاكانى متفاخرا "إيران لديها 3 عواصم الآن بغداد ودمشق وبيروت وفى المستقبل ستدخل صنعاء أيضا ضمن عواصمنا"، فهى فى طور تنفيذ مخططاها وأجندتها السياسية المشبوهة فى الخليج، بعد أن وجدت بيئة خصبة لذلك.
نجاد وحمد
كيف ساعدت قطر الحرس الثورى الإيرانى فى بسط نفوذه على الخليج؟
العلاقات المشبوهة بين الدوحة وطهران لم تكن وليدة الأزمة، بل على مدى السنوات الماضية شهدت منطقة الخليج شذوذا قطريا عن الإجماع العربى، إذ زار أمير قطر السابق فى 2010 طهران والتقى بالمرشد خامنئى، ووقعت قطر مع خلال الزيارة اتفاقية أمنية وشهد هذا العام زيارت متبادلة، ورفعت من تعاونها العسكرى مع الحرس الثورى، ولجأت الدوحة عام 2013 إلى القوات الإيرانية، لتدريب خفر السواحل القطرية فى مجال مكافحة المخدرات.
وحاولت قطر التقارب بشكل كبير مع إيران، لتصل العلاقات المشبوهة بينهما إلى ذروتها فى عام 2015، حيث شهد هذا العام تعزيز التعاون الأمنى لأول مرة بين "الحرس الثورى وما يسمى بالجيش القطرى"، بتوقيع اتفاقية أمنية وعسكرية تحت مسمى "مكافحة الإرهاب والتصدى للعناصر المخلة بالأمن فى المنطقة"، كانت إحدى بنودها السرية، "منح حق تدريب قوات قطر البحرية للقوات البحرية التابعة للحرس الثورى الإيرانى فى المنطقة الحرة بجزيرة قشم جنوب إيران".كما استقبل ميناء الدوحة لأول مرة سفنا عسكرية للحرس الثورى الإيرانى، حاملة قيادات عسكرية إيرانية لإجراء لقاءات من أجل التوصل إلى تفاهمات أمنيّة بين الطرفين.
تمزيق قطر للصف العربى وسيرها عكس اتجاه منظومة البيت الخليجى السنوات الماضية، إضافة إلى دعمها الإرهاب وإيواء عناصر وتنظيمات مسلحة، جعلها مطمعا للدولة الشيعية، ولقمة سائغة فى فم الدولة العميقة فى إيران، وكشفت تقارير خليجية عن آلاف من العناصر التابعة للحرس الثورى الإيرانى موجودة بالدوحة وظيفتها حماية عرش الأمير تميم، ويأتى وجودها أيضا للسيطرة على مفاصل صنع القرار للدويلة الصغيرة.
قوات الحرس الثورى الإيرانى
قطر منطقة نفوذ استراتيجى للحرس الثورى
بخلاف الدول العربية والخليجية التى كانت ومازالت عصية على التمدد الإيرانى، لم تبذل الدولة الشيعية جهدا كبيرا فى مد نفوذها إلى الدوحة التى أظهرت انحيازا واضحا منذ عهد والد تميم حمد بن خليفة آل ثانى إلى سياسات طهران وبناء علاقات سياسية معها، باركت تلك العلاقات علاقات خفية مع هرم السلطة فى إيران والحرس الثورى، فى وقت كان يشعر فيه العالم العربى والمنطقة بتوجس تجاه سياسة إيران وقلق من أنشطتها النووية ويرصد تحركاتها المريبة فى الإقليم.
القطيعة العربية التى كانت تهدف لإعادة قطر إلى المنظومة الخليجية، استغلتها طهران وحاولت التقرب من الدوحة، ولجأ تميم لحكام إيران لمساعدته فى الخروج من المأزق، وفى خضم الأزمة فى 18 يونيو أرسلت طهران مبعوثها "حسين جابرى أنصارى" مساعد وزير الخارجية الإيرانى للشئون العربية والأفريقية، إلى دولة قطر للقاء وزير الخارجية القطرى الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى وتسليم رسالة شفهية من روحانى إلى تميم، تبعها استئناف العلاقات الدبلوماسية وأعادت الدوحة سفيرها إلى طهران أغسطس الماضى، أعقب ذلك زيارة لوزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف فى أكتوبر الماضى.
استغلال الأسواق القطرية للترويج للبضائع الإيرانية الفاسدة
الأزمة الخليجية جعلت طهران تستغل حالة التراجع التى تعيشها الإمارة للتغلغل داخلها، واتخاذتها مدخلا لغزو منطقة الخليج العربى، والتوسع وزيادة النفوذ على حساب القوى الكبرى فى المنطقة وأمنها القومى، وزيادة حجم التبادل التجارى معها، وباعتراف إيرانى تم تصدير سلع فاسدة إلى الدوحة، وقال مدير مطار شيراز رضا بديعى فرد، فى تصريح له نوفمبر الجارى إنه يتم تغليف الخضروات والمنتجات الصيفية بشكل غير مناسب، والخضروات بها "وحل".
و كشف رئيس الدائرة التعاونية لمنتجى المواد الغذائية في إيران، مهدى كريمى تفرشى، ارتفاع صادرت إيران من المواد الغذائية إلى قطر بعد الأزمة الخليجية من 200 إلى 300 مليون دولار فى عام2017، بعد أن كان حجم الصادرات الإيرانية لقطر فى عام 2016 لا يتجاوز 18 إلى 20 مليون دولار.
قائد الحرس الثورى الإيرانى محمد على جعفرى
الاحتلال الاقتصادى للدوحة
لم يقف مخطط إيران للسيطرة على الدوحة عند هذا الحد بل استهدفت احتلال الدوحة اقتصاديا، وكشفت تقارير خليجية عن اعتزام الدولة الشيعية تدشين فرع جديد لإحدى شركاتها الغذائية العملاقة داخل قطر بالتزامن مع إبرام اتفاقية لتدشين ممر نقل بين البلدين، وقالت إن شركة "شيرين عسل" للصناعات الغذائية الإيرانية والتى تقدر مبيعاتها بما يزيد على 5 مليارات دولار سنويا، تعتزم إقامة مصنع داخل قطر، بحسب تقارير إعلامية إيرانية.
تاريخ العلاقات المشبوهة بين البلدين، ومواصلة قطر السقوط فى البئر الإيرانى، جعل المراقبون المتابعون لسلوك طهران، يؤكدون أن نظام الدوحة يتخبط بسبب تصاعد حالة الاستياء الشديدة بين القطريين فى الداخل من أسرة آل ثانى، وشدد المراقبون على أن النظام القطرى باتت نهايته واقتلاعه من جذوره وثيقا، وأن طهران لن تتمكن من الدفاع عنه فى المستقبل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة