قال الدكتور حسام عقل، أستاذ النقد الأدبى بجامعة عين شمس، إن حسن البندارى من خلال ما يقدمه لنا ويمتعنا به فى مجموعاته القصصية يثبت لنا أن القصة القصيرة لم تمت، كما يرى بعض النقاد، لكن الحركة النقدية هى التى تحتاج أن تنفض عنها غبار الكسل فى تعاملها مع القصة القصيرة.
وأضاف "عقل"، خلال مناقشة "مجموعة مرايا الحب" بأتيليه القاهرة، أمس، أن قدم قراءة نقدية متكئة على التقنيات الفنية فيها، والتى يأتى على رأسها الإيقاع البطىء الهادئ الذى تتسم به المجموعة على عكس المألوف فى القصة القصيرة، لكنه إيقاع فنى يفضح من خلاله البندارى التفاصيل ويضىء الشخصيات من الداخل، ويكشفها بمسباره الخاص.
التذييل والختام فى "مرايا الحب"- بحسب عقل- مبهر، فإذا كان البلاغيون قد توقفوا عند براعة الاستهلال فلا ننسى أنهم تناولوا أيضا براعة الخواتيم والتذييل، باعتبار الختام هو آخر ما يعلق بالذاكرة، وهو ما نلحظه مثلا فى قصة خطوات البصيرة، حيث يذيلها بختام مفعم بالأمل، مضيفا أن "البنداري" يبنى قصصه على منظومة اللعب بشبكة الضمائر، مراوحا ما بين الذكورى والأنثوى والعكس فى حركة أكروباتية تخلق نوعا من التعدد الألوفونى (الصوتي).
وأضاف "عقل" أن الرمز من التقنيات الفنية أيضا التى أجاد "البنداري" استخدامها، ففى قصة "غاية"- وهو اسم شخصية فى القصة من مجموعة مرايا الحب- نجد أنها رمز، فالبطل يذهب إلى الصالون الأدبى من أجل غايته هو وهدفه، وهو حبه لـ"غاية" التى يعتقد أنها تبادله الحب، والتى نشعر أنها مى زيادة.
وأكد عقل أن قصة "الصباح الأخير" ضمن مجموعة مرايا الحب للدكتور حسن البندارى تندرج تحت أدبيات حرب أكتوبر الذى يمثل أهم انتصار عربى فى التاريخ.
من جانبها قالت الدكتورة أميمة خشبة، أستاذ النقد الأدبى كلية الألسن جامعة عين شمس، إن التعرض لمجموعة مرايا الحب يكون من خلال ملاحظتين، الأولى: المضمون، وهو الحب الذى يقدم "البندارى" مراياه وانعكاساته على المجتمع، فهناك الحب الذى يبنى والحب الذى يهدم، وهناك الحب الذى تستمر معه الحياة والحب الذى ينقضى بفعل الأنانية أو الأثرة أو الغباء أحيانا، وهى مضامين يكشفها عنوان المجموعة مرايا الحب، فالمرايا قد تكون خادعة، فكما هناك المرايا المستوية هناك المرايا المحدبة والمرايا المقعرة.
أما الملاحظة الثانية التى كشفت عنها أميمة خشبة فكانت التقنيات االحداثية وما بعد الحداثية التى أجاد "البنداري" استثمارها، ومنها التناص الأسطورى فى قصة الصباح الأخير، حيث الموازاة بين البطل وهيكتور بطل طروادة، فكلاهما بطل لكنه مهزوم إلا أنها هزيمته لا تأتى من داخله بل من المحيط الذى يعيش فيه.
ومن التقنيات أيضا التى كشفتها "خشبة" أن "البنداري" أجاد استخدام الواقعية السحرية، إلى جانب تعدد الرواة الذى يسمح بتعدد التأويل والتفسير.
أما الدكتور حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، فقدم قراءة سوسيولوجية لـ"مرايا الحب"، مؤكدا أنها تجسد صور القهر والظلم الاجتماعى فى المجتمع الأبوى سواء فى الريف أو الحضر، مضيفا أن حسن البندارى يقدم فى المجموعة ما يؤكد خبرته على الغور فى أعماق الحياة الاجتماعية بالوقوف على أدق تفاصيلها وأسرارها وأدق صورها وما يدور فى كواليسها.
وأضاف الخولى أن المجموعة القصصية تضم 13 قصة القاسم المشترك بينها هو الحب مع تنوع صوره فى إطار الشبكات الاجتماعية، فهناك الحب فى الإطار الأسرى وهناك الحب فى الإطار الوطنى والحب فى إطار التوازن بين المهام والمسؤوليات، وهناك الحب الأنانى الذى يأتى على حساب الآخرين، وهناك أيضا الحب الإيثارى وغيرها من صور الحب الأخرى التى تناولها البندارى فى مجموعته.
طرحت "مرايا الحب" أيضا- بحسب الخولي- أنماط الزواج، فهناك ما يسمى الزواج المفروض الذى يخلف حياة تعيسة لا تطاق يكون نتيجته تفكك الأسرة، كذلك هناك الزواج غير المتكافئ، مثل زواج فتاة صغيرة ممن رجل يكبرها سنا أو زواج فتاة متعلمة من ابن عمها غير المتعلم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة