آلاف السيدات يقفن سنويا أمام المحاكم المصرية بحثا عن طوق النجاة بعد أن وقعن فى ظلمة الجهل التي تجبر أباءهن وأشقائهن بالسطو على حقوقهن فى الميراث، ويظهر الواقع أرقام وحقائق وقصص معاناة فاقت الخيال، من ظلم وقتل والتعرض بالاعتداء وبيع لفتيات واتهام فى الاخلاق لسيدات فضليات قررن أخذ الخطوة للمطالبة بتطبيق شرع الله الغائب عن عقول مريضة.
وننشر هنا أرقاما تظهر كارثة حرمان الإناث من حقوقهن الشرعية، وتوزعت النسبة الأكبر لحرمان الإناث من الميراث بين كل من "الفيوم - كفر الشيخ – أسيوط – قنا – سوهاج – الدقهلية – الشرقية – المنيا - الجيزة".
وحسب الإحصائيات تتعرض 35% من السيدات اللاتى حُرمن من ميراثهن للإيذاء جسديا و15% عبر الابتزاز المادى و50 % يضطررن للتنازل عن حقوقهن عبر الابتزاز المعنوى وخوفهن من الخلافات الأسرية، وغضب الأهل وقطع صلة الرحم.
وأشارت النسب وفق أصحاب الدعاوى المقدمة للمحاكم إلى أن 50% من الحرمان من الميراث يكون عن طريق الأشقاء الذكور و25% بسبب تعنت الأمهات، ورفضهن حصول بناتهن على حقوقهم و25 عن طريق الآباء الذين يكتبن وهم أحياء كل شىء لأبنائهم الذكور .
ووفق لوزارة العدل توجد ما يتجاوز 144 ألف قضية نزاع على ميراث سنويا .
الدولة تعلن الحرب على العنف ضد المرأة
مجلس الوزراء ومجلس النواب ووزارة العدل استجاب لأوجاع آلاف السيدات بمحافظات مصر ووافق على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 77 لسنة 1943 بشأن المواريث والذي ينص بإن يعاقب كل من امتنع عمداً عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
كما يعاقب القانون بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألفا، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حجب سنداً يؤكد نصيباً للوارث أو امتنع عن تسليمه حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين، وتكون العقوبة الحبس الذى لمدة لا تقل عن سنة فى حال العودة لذلك.
وننشر هنا بعض قصص المحرومات من ميراثهن بأيدي أشقاءهن وأزواجهن.
موظفة لمحكمة الأسرة: شقيقى اتفق على بيعى لزوج مريض نفسيا مقابل سلبى ميراثى
تحكى "ن.خ" الموظفة الثلاثنية فى دعوى الخلع أمام محكمة الأسرة بإمبابة رقم 368 لسنة 2017 وهى تبكى عن غدر شقيقها بها بعد وفاة والديها: "أخويا كان بيعايرنى عشان وصلت لـ36 سنة ومتجوزتش رغم أنى كنت بصرف عليه وولاده وعمرى ما قصرت معاه ولا طالبته بحقى فى أموال أبى الذى كان يستحوذ عليها ويخفيها فى حسابه البنكى".
وتابعت: اكتشفت أن أهل زوجى قايضوا شقيقى مقابل مبلغ لتزويجى لابنهم المريض نفسيا والعاجز بالإضافة للاتفاق معه بالتحايل على للتنازل عن حقى فى ميراثى من والدى أثناء عقد القران .
وأكملت الزوجة المقهورة: عندما سألت حماتى لماذا شاركت شقيقى فى سلبى كل حقوقى ردت على قائلة "عشان متفكريش تسيبى ابنى أنا كبرت ومحتاجة حد مكسور وملهوش حد يكمل معاه لو مت وسبته".
زوجة بأسيوط: أهلى أجبرونى على هجر زوجى بعدما طالبهم بنصيبى من إرث والدى
قالت "أمل.ع"، 35 سنة، إن أهلها أجبروها على إقامة الدعوى 376 /ش لسنة 2017 أمام محكمة الأسرة بأسيوط بعد زواج استمر لمدة 14 عاما نتج عنه 3 من الأبناء، وذلك بسبب طلب زوجها "مصطفى، ع، م" 40 سنة، من أهلها الإقرار بميراث زوجته من أبيها الذى توفى منذ عامين تاركا لها ولأشقائها ميراث كبير، ومطالبته بإعطائها حقها فى هذا الإرث.
وقالت أمل إن عادات وتقاليد القرية التى تعيش بها تمنع الإناث من الحصول على حقها فى الميراث، وتعتبر بمثابة خروج السيدة عن طاعة العائلة،مما دفع أهلها باتهام زوجها بالنصب وبالتحريض على مخالفة العادات والتقاليد، وطالبوها بترك الزوج وإقامة دعوى خلع.
زوج فوزية طلقها بعد 14 عام وهو يحتضر حتى لا تشارك أولاده فى أمواله
رصد مكتب التسوية بمحكمة الأسرة بإمبابة قصة السيدة " فوزية. ص" التى وقفت تطالب بحقها الشرعى فى الميراث من زوجها فى الدعوى التى حملت 23676 لسنة2016 بعد زواج دام 14 عاما برفقة زوج كانت له ممرضة وزوجة وأم لأولاده سهرت على تربيتهن وفى النهاية غدر بها وألقى عليها اليمين وهو يحتضر حتى لا تشارك أولاده فى الميراث.
زوجة تستغيث: طردنى أولاده بعد علمهم بحملى بالولد خوفا من مشاركتى لهم فى مال أبيهم
ميرفت شاهين ابنة قرية ناهيا بمحافظة الجيزة لجأت إلى محكمة الأسرة بإمبابة تستغيث مما حدث لها بعد وفاة زوجها البالغ من العمر 53 عام وطرد أولاده لها بعد علمهم بحملها بالولد، خوفا من أن يشاركهم وإياها مال والدهم.
تحكى ميرفت قصتها قائلة: أجبرنى أهلى على الزواج بعد بلوغ سن الثلاثين دون زواج بحكم إقامتنا بقرية تتهكم على العوانس وبعدها عشت معه 5 سنوات أرعاه وأرعى أولاده ولكن عندما اشتد به المرض وعلموا بحملى بصبى طردونى حتى لا يكتب زوجى لى مالا يؤمن به مستقبل صغيره وبعد وفاته رفضوا دخولى المنزل وإعطائى حقوقى الشرعية.
ناهد:"أولاد شقيقتى اغتصبوا حقي بعدما ضحيت بخطيبى من أجلهم وتزوجت والدهم بعد وفاة أختي
قصت الزوجة ناهد مأساتها أمام محكمة الأسرة بإمبابة تشكو ظلم أولاد شقيقتها وزوجها المتوفى قائلة:" ضحيت بحياتى من أجل أولاد شقيقتى المتوفاة وتركت خطيبى الذى أحبه قبل زواجنا بعشرة أيام وتزوجت والداهم حتى أسهر على رعايتهم حفاظا على وعدى لشقيقتى الوحيدة وتلبية لرغبة والدتى المريضة وعشت برفقتهم سنوات إلى أن توفى الله زوجى وبعدها رفضوا رد المعروف لى وعاملونى بشكل سيئ".
وأكدت ناهد أن أبناء شقيقتها اغتصبوا حقها رغم وعدهم أنهم سوف ينفذوا وصيه أبيهم لكى يجعلوه يرتاح فى قبره ولكن بعد أن انتهى العزاء وذهب أثر الحزن خلفوا وعدهم ورفضوا إعطائها الأموال التى تركها والداها طمعا فيها ونسوا ما فعلت من أجلهم وما تحملته من إهانة بسبب عنف زوجى ومعاملته السيئة وكيف ضحيت بحياتي وسعادتى وربيتهم وعاملوني بمنتهى الأنانية .
حقوقية:" تعديل قانون المواريث يساهم فى تمكين النساء اقتصاديا ووصول الفئات المهمشة لحقوقهم"
وذكرت مها سالم المحامية والناشطة الحقوقية أن الميراث حق شرعى للذكور والإناث، ولا يجب إقصاء أحد أو حرمانه من حقه، وأن قانون المواريث رقم 77 لسنة 43 قد أتى خاليا من أى نصوص تعاقب على الحرمان من الميراث وهو ما تعكف الدولة بكل أجهزتها الآن على تغييره مواكبة لإنصاف المرأة التى حرمت لسنوات من حقوقها الشرعية.
وتابعت : الشرع عندما نص أن يرث الرجل ضعف المرأة كان الغرض من ذلك التكافل وإلزامه بالإنفاق على أرحامه ورعايته لشقيقاته ولكن للأسف نرى رجال كثيرة تجور على حقوق السيدات.
وأكملت: بلد مثل تونس تشترط أنه فى حالة وفاة أحد الأشخاص وحال الإبلاغ عن تلك الواقعة من جانب أحد الورثة الشرعيين، ولكى تستخرج شهادة الوفاة، فإنه يشترط تحديد أعيان تركة الموروث والورثة الشرعيين كأحد الطرق لمجابهة حرمان البعض من الميراث.
واستكملت: دعاوى قسمة المال الشائع والفرز والتجنيب تأخذ الكثير من الوقت والمال، أما فى حالة وجود نص يعاقب على ذلك سيحد من فرصة إطالة أمد التقاضى ويساهم بلا شك فى تمكين النساء اقتصاديا ووصول الفئات المهمشة لحقوقهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة