إنك لا ترى إلا جانبا واحدا من الصورة، ومقابل هذا تغيب عنك جوانب عدّة، وإذا انطبق هذا الأمر على كل شىء فى الحياة مرة، فإنه ينطبق على السياسة ألف مرة، وبينما يسعى الإنسان بنهم المعرفة وفضوله لاستكمال الصورة، لأن يضع يده على الجوانب الأخرى، يبقى الفيصل ألا تتورط فى جانب واحد يخص آخرين، أو شراء بضاعة ملونة.. البطولة للنقد والفرز والتقييم.
إذا طبقنا هذا الأمر على الصراع العربى الإسرائيلى، سنجد أننا نملك رواية كاملة ومقنعة للأمر منذ الانتداب البريطانى، ووعد بلفور فى 1917، وتسهيل لندن مهمة إقامة دولة إسرائيل على حساب الفلسطينيين، واستمرار الدعم البريطانى والأمريكى لـ"تل أبيب" حتى الآن، ولكن مقابل هذه الرواية المدعومة بشواهد، لا تتوقف جهات البحث ومؤسسات الإعلام الغربية عن إطلاق روايات أخرى بين وقت وآخر، تبدو محايدة فى ظاهرها، وربما تحمل تناقضا فى باطنها، وفى كل الأحوال تتورط كثيرا فى تجاهل تعقيدات القضية ومفصليات الصراع ودور الغرب فى خلف أزمة فلسطين والفلسطينيين، وفى استمرارها حتى الآن.
هيئة الإذاعة البريطانية تزعم أن مصر قبلت طلبا بتوطين الفلسطينيين قبل 30 عاما
الرواية الأحدث ضمن أطروحات الجانب الآخر للقضية، تمثل هذه المرة فى وجهة نظر تبنتها هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، المؤسسة الإعلامية الرسمية فى المملكة المتحدة والمملوكة بالكامل لحكومة الملكة، قالت فيها إن مبارك وافق على استقبال وتوطين أعداد من الفلسطينيين فى مصر.
فى تقرير لها اليوم الأربعاء، زعمت هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، عبر ما قالت إنها "وثائق سرية"، أن الرئيس الأسبق حسنى مبارك قبل طلبا أمريكيا بتوطين فلسطينيين فى مصر، ضمن تسوية سياسية مع إسرائيل، قبل أكثر من 30 عاما من الآن.
وبحسب الوثائق - التى يجرى "اليوم السابع" اتصالات بمؤرخين ومسؤولين للتأكد من صحتها - فإن "مبارك" استجاب للطلب الأمريكى، عقب لقاء مع الرئيس الأسبق رونالد ريجان، ولكنه اشترط التوصل لاتفاق تسوية شاملة للصراع العربى الإسرائيلى بين كل الأطراف.
تقرير بي بي سي مرفق بصورة مبارك ومارجريت تاتشر
بحسب الرواية والمزاعم التى عرضتها "بى بى سى"، اشترط الرئيس الأسبق حسنى مبارك التوصل لاتفاق بشأن "إطار عمل لتسوية الصراع العربى الإسرائيلى" كى تقبل مصر توطين الفلسطينيين فى أراضيها.
وتشير الوثائق إلى أن "مبارك" كشف عن الطلب الأمريكى وموقفه منه خلال مباحثاته مع رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارجريت تاتشر، خلال زيارته للعاصمة لندن فى طريق عودته من واشنطن، فى فبراير 1983، إذ التقى وقتها الرئيس الأمريكى رونالد ريجان.
جانب من تقرير "بى بى سى"
الزيارتان اللتان ذكرهما التقرير، لواشنطن ثم لندن، جاءتا بعد 8 شهور من غزو إسرائيل للبنان فى 6 يونيو 1982، تحت ذريعة شن عملية عسكرية ضد منظمة التحرير الفلسطينية، إثر محاولتها اغتيال سفير إسرائيل فى بريطانيا، شلومو أرجوف، على يد منظمة "أبو نضال" الفلسطينية.
واحتل الجيش الإسرائيلى حينها جنوب لبنان، بعد هجمات واسعة النطاق على مقاتلين من منظمة التحرير الفلسطينية والجيش السورى ومنظمات إسلامية مسلحة فى الأراضى اللبنانية.
وثائق نشرتها "بى بى سى" وقالت إنها سرية
وفى ظل هذا الوضع بالغ التوتر فى الشرق الأوسط، زعمت "بى بى سى" أن مبارك سعى لإقناع الولايات المتحدة وإسرائيل بقبول إنشاء كيان فلسطينى فى إطار كونفيدرالية مع الأردن، تمهيدا لإقامة دولة فلسطينية مستقلة مستقبلا، وفى مباحثاته مع "تاتشر" فى لندن يوم 2 فبراير 1983، طرح مبارك تصوره بشأن التسوية فى الشرق الأوسط.
وبحسب محضر جلسة المباحثات، فإن الرئيس الأسبق حسنى مبارك قال إنه "عندما طُلب منه فى وقت سابق أن يقبل فلسطينيين من لبنان، فإنه أبلغ الولايات المتحدة أنه يمكن أن يفعل ذلك، فقط كجزء من إطار عمل شامل للحل"، ووفقا للوثائق المزعومة التى نشرتها "بى بى سى" فقد أبدى مبارك استعداده لاستقبال فلسطينيين من لبنان، رغم إدراكه حجم المخاطر التى تنطوى عليها هذه الخطوة.
تقرير "بى بى سى"
ويشير محضر المباحثات، إلى أن مبارك قال إنه أبلغ المبعوث الأمريكى الخاص للشرق الأوسط، فيليب حبيب، بأنه "بدفع الفلسطينيين لمغادرة لبنان، تخاطر الولايات المتحدة بإثارة عشرات من المشكلات الصعبة فى دول أخرى"، وردت "تاتشر" على التحذير ملمحة بأنه أيا كانت التسوية المستقبلية فإنه لا يمكن أن يعود الفلسطينيون إلى فلسطين التاريخية، متابعة: "حتى إقامة دولة فلسطينية لا يمكن أن يؤدى لاستيعاب كل فلسطينيى الشتات".
غير أن الدكتور بطرس غالى، وزير الدولة للشؤون الخارجية المصرى وقتها، رد على رئيسة وزراء بريطانيا مارجريت تاتشر قائلا: "الفلسطينيون سيكون لديهم حينئذ جوازات سفر خاصة بهم، وسيتخذون مواقف مختلفة"، و"لا يجب أن تكون لدينا فى الواقع فقط دولة إسرائيلية وشتات يهودى، بل دولة فلسطينية صغيرة وشتات فلسطينى أيضا".
جانب آخر من تقرير "بى بى سى"
وثائق سرية بريطانية نشرتها "بى بى سى"
بحسب الوثائق التى نشرتها "بى بى سى"، فإن المباحثات لم تتطرق لأوضاع بقية اللاجئين الفلسطينيين خارج أراضى فلسطين التاريخية، وعندما دوّن السكرتير الخاص لرئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر محضر لقائها مع مبارك، شدّد على أن يُوزّع على نطاق ضيق للغاية.
وعلى صعيد واقع الفلسطينيين فى المنطقة، ذكر التقرير أن لبنان بكل أطيافه السياسية يرفض فكرة توطين الفلسطينيين فى أراضيه، حتى لا يكون بديلا عن حقهم فى العودة لديارهم وفق قرار الأمم المتحدة.
وكانت الحكومة اللبنانية قد رفضت بشدة أن تقر القمة العربية فى بيروت (مارس 2002) المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل، لأنها لم تتضمن حق الفلسطينيين فى العودة، وحذر الرئيس اللبنانى وقتها العماد إيميل لحود، من أن خلو المبادرة من بند يتعلق بحق العودة، يعنى توطين الفلسطينيين فى لبنان، وهو ما لا يمكن قبوله، بحسب قوله وقتها.
وعقب هذا الاعتراض، أُضيف وقتها بند للمبادرة العربية، يطالب بـ"التوصل لحل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يُتفق عليه وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194".
وبحسب تقرير "بى بى سى"، فقد بدت رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر مؤيدة لفكرة الفيدرالية بين الأردن والدولة الفلسطينية المنتظرة، التى طرحها مبارك، وقالت "هذا الحل هو ما يتصوره معظم الناس"، ولكنها أبدت تحفظا على قيام دولة فلسطينية مستقلة عن الأردن، قائلة: "البعض يشعر أن دولة فلسطينية مستقلة قد تخضع لهيمنة الاتحاد السوفيتى".
وثائق نشرتها بى بى سي
ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية ومزاعم التقرير، رد الدكتور أسامة الباز، المستشار السياسى للرئيس الأسبق حسنى مبارك، على تحفظ "تاتشر" بشأن الدولة المستقلة، قائلا: "هذا تصور خاطئ، فلن تكون أى دولة فلسطينية خاضعة أبدا لهيمنة الروس".
وأضاف أسامة الباز: "هذه الدولة ستعتمد اقتصاديا على العرب الأغنياء بالبترول، الذين يعارضون بشدة أن تقام فى المنطقة دولة موالية للسوفييت، والمملكة العربية السعودية مثال لتلك الدول التى لن تسمح مطلقا بأن يحدث هذا".
وثائق سرية بريطانية نشرتها بى بى سي
تقول "بى بى سى" فى تقريرها، إن الرئيس الأسبق حسنى مبارك أيّد طرح مستشاره السياسى أسامة الباز، قائلا: "لا توجد دولة عربية واحدة تقبل كيانا فلسطينيا يهيمن عليه السوفييت"، وكى يزيد من طمأنة "تاتشر" أضاف: "دولة فلسطينية لن تكون أبدا تهديدا لإسرائيل، الفلسطينيون فى الكويت وبقية الخليج لن يعودوا مطلقا لدولة فلسطينية"، ليعلّق الباز: "أى دولة فلسطينية يجب أن تكون منزوعة السلاح، ولهذا فإنها لن تحصل على أسلحة سوفيتية".
وتساءل وزير الخارجية والكومنولث البريطانى حينئذ، فرانسيس بايم، عما إذا كانت إسرائيل ستقبل مفهوم دولة فلسطينية صغيرة منزوعة السلاح، فأجاب أسامة الباز: "الخطوة الأولى يجب أن تكون كيانا فلسطينيا متحدا فى فيدرالية مع الأردن، وهذا سيتطور خلال 10 إلى 15 سنة لدولة فلسطينية منزوعة السلاح".
عدد الردود 0
بواسطة:
بركة
إقرأوا جيدا ..
ليس المقصود ( حسب المادة التي تم صياغتها بخبث شديد كعادة بريطانيا .. مثال .. وعد بلفور .. قرارات الأمم ةلمتحدة ) .. ليس المقصود رغم عدم ارتياحنا للصياغة ...ليس المقصود تهجير فلسطينيين وتوطينهم في مصر .. المقصود منح بعض الفلسطينيين المقيمين في مصر إقامة دائمة أو الجنسية المصرية .. لان معظم هؤلاء مثل الفلسطينيين في الخليج او اوربا وامريكا لن يعودوا الى فلسطين فقد عاشوا لعشرات السنين واستقروا في هذه البلدان .. غرض ال bbc المعروف هو إيجاد فتنة وتشويه مبارك الذي لم يسمح للامريكان او غيرهم بقاعدة في مصر ولو كان زي التقرير ما بيحاول يلمح مكنش مبارك نادر الزيارات لبريطانيا وظل على مدى اكثر من عشر سنوات لايزور امريكا .. لو كان تنازل هذا الرجل الصلب العنيد مكانش هناك مشكلة ومكانش هناك تآمر تلى مصر ومكانش هناك ربيع عربي ولكانش أوباما قال له خلال يناير الأسود ( الآن .. يعني الآن ) ....
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصرى
الحقيقة
كل مسرحية نكسة يناير 2011 قامت عشان حاجة واحدة بس هى حل القضية الفلسطينية عن طريق توطين الفلسطينيين فى شمال سيناء ولو قبل الرئيس مبارك ما كانت نكسة يناير 2011 ............
عدد الردود 0
بواسطة:
زيزو
بقالنا سبع سنين بنحارب انجلترا واسرائيل.....دلوقتى اللعب بقى على المكشوف!!!
الموضوع كبير جدا وخطير جدا....وسيناء مستهدقه جدا..ومصر هى الجائزه الكبرى..ونتذكر الطائرة الروسية التى سقطت فى سيناء وابلغت اسرائيل انجلترا بانها عملية ارهابية!!!...من اول يوم وانا اشعر بأن ما يحدث فى سيناء ورائه الموساد والارهابيين يأتون من اسرائيل ولابد من مراقبة الحدود الاسرائيلية وخليج العقبة فوق الماء وتحت الماء!!! وخصوصا الغواصات الاسرائيلية الجديدة التى ربما هى من تنقل الارهابيين من سوريا الى سيناء...نفس الكلام للبحر الابيض، و لابد من مراقبة الحدود المشتركة مع غزة واسرائيل وشبكات الانفاق الممتدة تحت الثلاثة دول...حسنا فعل الرئيس بالحرب الشاملة فى سيناء، فلنستعد للحرب يا شعب مصر...يعنى تحمل اسوأ السيناريوهات واربط الحزام
عدد الردود 0
بواسطة:
Lolo
Lolo
والله براوة عليك يا استاذ بركه ، لكن فكرتنا بالايام السوداء ، الله لا يعيدها now means now