فى مثل هذا اليوم، فى الرابع من نوفمبر عام 1979 وقبل 38 عاما، فى حين كانت الثورة الإيرانية تطوى شهورها الأولى، نشبت أزمة سياسية حادة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، اثر اقتحام مجموعة من الطلاب الثوريين فى إيران، أطلق عليهم "أتباع خط الإمام"، نسبة إلى الإمام آية الله الخمينى قائد الثورة، مقر السفارة الأمريكية بطهران واحتجزوا 52 رهينة أمريكية من موظفى السفارة ودبلوماسيون أمريكيين لمدة 444 يوم، وأطلق عليها أزمة "احتجاز الرهائن الأمريكية".
وكان تهدف العملية تسليم شاه إيران محمد رضا بهلوى الذى هرب من طهران ودخل الولايات المتحدة لتلقى العلاج من مرض السرطان بأحد مستشفياتها، وكان أيضا احتجاجا على ما قيل تدخل الولايات المتحدة السافر فى الشئون الإيرانية آنذاك.
وشكلت عملية الاقتحام أكبر أزمة واجهتها إدارة الرئيس الأمريكى جيمى كارتر (1977- 1981)، وفشلت محاولات إدارة كارتر للتفاوض مع الإيرانيين لإطلاق سراح الرهائن، ما جعل الولايات المتحدة تخاطر وتقدم على عملية عسكرية لإنقاذهم فى 24 إبريل 1980 ولكنها باءت بالفشل وأدت إلى تدمير طائرتين ومقتل 8 جنود أمريكيين وإيرانى مدنى واحد.
كارتر وشاه ايران
وتسببت الأزمة فى ذلك الوقت فى فشل كارتر فى الفوز بولاية رئاسية ثانية، ومثلما كانت سببا فى هزيمة الرئيس الأمريكى جيمى كارتر فى الانتخابات الرئاسية، كانت أيضا الدافع الذى عزز من مكانة آيات الله وانعكست على وضع الخمينى العائد من منفاه بباريس، كما أنها فتحت باب فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران.
وانتهت الأزمة بالتوقيع على اتفاقات الجزائر يوم 19 يناير 1981، وأفرج عن الرهائن رسميا فى اليوم التالى، بعد دقائق من أداء الرئيس الأمريكى الجديد رونالد ريجان اليمين، واحتفظت وكالة الاستخبارات الأمريكية بوثائق عن الحادث افرجت عن بعضها والبعض الآخر ظل حبيس الأدراج.
قفز المحتجين على اسوار السفارة
الـ CIA
خدعت طهران وهربت 6 دبلوماسيينأشارت بعض التقارير الأجنبية إلى أن 6 من الدبلوماسيين الأمريكيين تمكنوا الفرار واللجوء إلى منزل الدبلوماسى الكندى جون شيردوان، المسؤول السابق عن القنصلية الكندية فى إيران، الذى تواصل، فى سرية غير عادية مع وزيرة الدولة الكندية للشؤون الخارجية فلورا ماكدونالد، ومع رئيس الوزراء الكندى جو كلارك، للمساعدة. وفى الحال، أعربا عن دعمهما للجهود، وتقرر تهريب الـ 6 فى رحلة جوية دولية باستخدام جوازات سفر كندية.
وبالفعل أمر رئيس الوزراء الكندى بإصدار جوازات سفر كندية للدبلوماسيين الأمريكيين. فقام شيردوان بمغامرة دبلوماسية خطيرة بإصدار جوازات السفر، وفيها مجموعة من التأشيرات الإيرانية المزورة، أعدتها وكالة الاستخبارات المركزية CIA، كما قامت بإعداد ملابس مناسبة ومواد تغير مظهر الأمریكيين، وتمكن الدبلوماسيون الستة من مغادرة إيران فى يناير 1980، بفضل جوازات سفر كندية.
الدبلوماسيين وحرس السفارة
26 فدانا أمريكيا تحول إلى متحف فى طهران
وخلال زيارتنا فى إحدى الأعوام لمقر السفارة التى يطلق الإيرانيون عليها الآن (وكر الجاسوسية)، تفقدنا المقر المقام على حوالى 26 فدان وكان يوما ما أرضا أمريكية، وقد حولته طهران إلى متحف للزائرين، حاولت أن توثق بداخله وسائل التدخلات الأمريكية فى قرارات الشاه آنذاك الذى لقب بشرطى الخليج، كانت أبرزها الغرف الصغيرة ذات الحوائط الخرسانية ويبلغ قطرها 20سم، واستخدمت هذه الغرف للتجسس على مكالمات القصر الحاكم، فضلا عن التنصت على بعض هواتف مسئولى البلاط الملكى.
ماكينة فرم الوثائق
واحتفظت طهران داخل المتحف بماكينة "فرم الوثائق" والتى حاول الدبلوماسيين الأمريكيين أثناء الاقتحام فرم الوثائق الهامة داخل السفارة، لكن الوقت قد أزف، وتعطلت الماكينات بسبب كميات الأوراق الضخمة التى وضعها بها، ووقعت بعض الوثائق الأخرى فى أيدى المتظاهرين، الذين استعانوا بفنيين لتجميع قصاصات الوثائق وقراءتها، فضلا عن احتفاظها بمحتويات السفارة من أساس وهواتف وماكينات تشفير الرسائل التى كانت مستخدمة فى فترة السبعينيات من القرن الماضى.
محتويات السفارة- أجهزة تنصت
أبرز 3 مسئولين شاركوا فى اقتحام السفارة
معصومة ابتكار... كانت إحدى الفتيات التى شاركت فى عملية اقتحام السفارة الأمريكية، وكشفت عن ذلك فى مقابلات صحفية عديدة، وقامت ابتكار بتأليف رواية عن تفاصيل عملية الاقتحام، وقام دار نشر فى كندا بإصدار الكتاب الذى يحمل عنوان «Takeover in Tehran». ويعد هذا الكتاب الوحيد الذى يصدر باللغة الإنجليزية ويروى الأحداث بنظرة إيرانية، وترجم الكتاب باللغتين الفارسية والعربية فى طهران وبيروت تحت عناوين "تسخير"، و"الصراع فى طهران".
أحمدى نجاد... أشارت الصور والتقارير التى نشرتها وسائل اعلام أجنبية أن الرئيس الإيرانى السابق المتشدد محمود أحمدى نجاد كانت من بين مقتحمى السفارة الأمريكية وكان طالبا آنذاك ينتمى إلى مجموعة التابعين لخط الإمام، وقالت تقارير أيضا أن الرهائن الأمريكان تعرفوا عليه وأكدوا بأنه واحداً من أفراد المجموعة بل قال بعضهم إنه شارك فى جلسات استجوابهم. الأمر الذى نفاه مكتب أحمدى نجاد بعد فوزه فى الانتخابات فى 2005.
حميد أبو طالبى... بسبب مشاركته فى عملية الاقتحام رفضت الولايات المتحدة مرشح إيران لدى الأمم المتحدة، حميد أبو طالبى والذى مناصب عدة منها سفير لإيران لدى الاتحاد الأوروبى وبلجيكا وإيطاليا وأستراليا، منحه تأشيرة دخول فى عام 2014، لكنه أكد أنه كان مجرد مترجم ونفى المشاركة بشكل مباشر.
معصومة ابتكار النائبة الحالية للرئيس روحانى لشئون المرأة
بين اقتحام السفارة الأمريكية 1979.. وسياسة ترامب لتقويض إيران 2017
وتكتسب الذكرى أهمية أكبر هذا العام لأنها تتزامن مع تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة فى الآونة الأخيرة، ما يهدد بانهيار الاتفاق النووى المبرم بين طهران ومجموعة 5+1 والتى تضم الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا، ومساعى إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لتقويض طهران، التى يصفها بالدولة "المارقة" التى تزعزع استقرار المنطقة.
ومنذ صعود الرئيس روحانى المحسوب على المعتدلين فى 2013، اتخذ المتشددين المعارضين لمشروع الانفتاح على الغرب من هذا اليوم ذريعة لإطلاق شعار "الموت لأمريكا" ذلك الشعار الذى اتهموا روحانى بمنعه وازالته من المساجد والشوارع بعد توقيع الاتفاق النووى فى 14 يوليو 2015، وتعمد التيار المتشدد إعادة الشعار إلى الصدارة مجددا هذا اليوم بعد ما حذر المرشد الأعلى الإيرانى على خامنئى من النفوذ الأمريكى لبلاده بعد توقيع الاتفاقية.
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة