بوتيرة متصاعدة لا تقل حدة عما هو دائر من معارك إعلامية وسياسية بين موسكو وواشنطن، فتحت إسبانيا جبهة جديدة من المواجهة مع روسيا فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة لنظام فلادمير بوتين، بالوقوف وراء زعزعة استقرار العديد من الدول والتأثير على الملفات السياسية والأزمات الداخلية لتلك الدول عبر القرصنة الإلكترونية ومنصات مواقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" الموجهة.
وبعد اتهام مدريد للحكومة الروسية بالتدخل فى أزمة انفصال كتالونيا عبر بثها أخبارًا كاذبة قبل وأثناء التصويت على استقلال الإقليم عن إسبانيا، قالت صحيفة "كونفيدينثيال" الإسبانية إن النزاع الروسىـ الأوروبى فى طريقه لمزيد من التصعيد فى ظل إنكار موسكو التام لما يوجه إليها من اتهامات فى هذا الشأن.
كتالونيا على رادار القرصنة الروسية
وبحسب تقارير إعلامية إسبانية ، تتهم مدريد موسكو باستخدام برامج تجسس وحسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعى لدعم استفتاء انفصال كتالونيا عن إسبانيا فى الأول من أكتوبر الماضى، واتسعت تلك الأزمة حتى وصلت إلى الاتحاد الأوروبى بأكمله، الذى يرى أن موسكو تمثل تهديدا واضحا للاتحاد وتسعى إلى زعزعة استقراره، فكان ما حدث فى كتالونيا مجرد تحذير لما تقوم به روسيا لزعزعة استقرار القارة العجوز.
ونقلت صحيفة "كونفيدينثيال" عن دونالد تاسك، رئيس المجلس الأوروبى وصفه للتحركات الروسية بـ"الحرب المعلوماتية"، مشيراً إلى أن موسكو باتت تهدد أمن واستقرار الدول الأوروبية، وتمسك الاتحاد الأوروبى، وقال إن "الهجوم الإلكترونى لا يفرق شيئاً عن الهجوم المسلح"، لآن الإنترنت أصبح مجالاً للحروب والمعارك.
وعلقت الصحيفة قائلة، إن مدريد تقع ضحية للقرصنة برعاية المخابرات العسكرية الروسية، قائلة : "ليست روسيا فقط من يتبع تلك الحرب القذرة تجاه الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى، ولكن وفقاً لمصادر من الاستخبارات الإسبانية فإن هناك دول صديقة أيضا قامت باقتحام الشأن الداخلى الإسبانى، مثل فنزويلا".
ومن أهداف الهجمات الروسية الإلكترونية على الاتحاد الأوروبى بحسب الصحيفة الإسبانية، التأثير على القطاعات الاستيراتيجية مثل البناء والهندسة والتكنولوجيا والاتصالات، وكل القطاعات التى تشكل منظومة مدريد الدفاعية.
وأشارت الصحيفة إلى أن مصادر فى استخبارات مدريد كشفت عن تشكيل وحدة خاصة لرصد النشاط الروسى على شبكات مواقع التواصل الاجتماعى منذ فترة، مشيرة إلى أنه تم رصد زيادة فى نشاط الشبكات الاجتماعية الروسية التى تهتم بإسبانيا وملف إقليم كتالونيا بنسبة 2000% لصالح الاستفتاء ودعاة انفصال الإقليم.
روسيا اليوم.. منصة إعلامية محل اتهام
وعلقت الصحيفة فى تقريرها على التحركات الروسية بقولها إن كتالونيا كانت مادة خصبة للقراصنة الروس، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى ينظران إلى المعلومات المضللة التى تأتى من روسيا باعتبارها أحد المخاطر الرئيسة للاستقرار السياسى فى الغرب، وهو ما دفع بروكسل لإنشاء وحدة خاصة مكرسة لمواجهة تأثير روسيا على الرأى العام الغربى من خلال أخبار وهمية وكاذبة.
ومن ناحية آخرى ، فقالت صحيفة "الكواترو" الإسبانية إن نائب مدير إدارة التعاون الأوروبى بوزارة الخارجية الروسية ايجور كابيرين ، أعرب عن رفضه لأى تدخل من جانب الحكومة الروسية فى عملية السيادة فى كتالونيا التى وصفها بانها "نظرية المؤامرة"، وقال "لن نقصف مدريد أو برشلونة، ولن نقصف اى دولة آخرى".
وأضاف "روسيا ليست مسئولة عن كل ما يحدث فى العالم ، فكل ذلك مجرد مؤامرة"، وعندما سئل عن التدخل من حسابات زائفة والروبوتات فى العملية فى كتالونيا من روسيا، طالب كابيرين بأدلة من الجهات الإسبانية التى تتهم روسيا بأنها وراء تلك عمليات التدخل، وقال "نقترح ان يعطونا عناصر ملموسة للتحقيق فى ذلك معا، ففى حال أعطونا أدلة فسيتم مناقشتها فى الأمم المتحدة".
وانتقد كابيرين بعض الصحفيين والسياسيين، الذين يحاولون إلقاء اللوم على روسيا على كل ما يحدث فى العالم " من خلال رغبتهم فى تورطها فى جهود لزعزعة استقرار اسبانيا عبر كتالونيا، وأكد أن "إسبانيا دولة صديقة لنا ، فلماذا نسعى لنشر الفوضى بها أو نحاول زعزعة استقرارها، وكل ما يحدث مجرد "غسيل دماخ".
وأشارت الصحيفة إلى أن للمرة الأولى فى تاريخ إسبانيا تخرج الأزمة الكتالونية خارج حدودها، إذ وصلت إلى طاولة مجلس وزراء الاتحاد الأوروبى، وذلك بعد أن جددت حكومة مدريد إدانتها أمام المجلس لتدخل وسائل الإعلام الروسية والفنزويلية فى الأزمة الكتالونية، مشيرة إلى أن وزير الخارجية ألفونسو داستيس، لم يستبعد نشر الإعلام الروسى أخبارا وهمية كاذبة خلال الانتخابات الكتالونية المرتقب إجراؤها فى 21 ديسمبر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة