لا تتوقف الاستفزازات الإسرائيلية عن إثارة مشاعر الغضب لدى العرب والمسلمين بل والعالم أجمع، فلا يتوانى المستوطنون اليهود، تحت حماية قوات الاحتلال عن فعل الحماقات تجاه الرموز الدينية على الأراضى الفلسطينية، وبخاصة فى مدينة القدس المحتلة، وعلى رأس ذلك المسجد الأقصى، وتزداد الأفعال الاستفزازية مع مرور 12 يومًا على إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، اعتراف واشنطن، بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى
وفى شكل متعمد وشبه مستمر، استأنفت مجموعات من المستوطنين المتطرفين، اقتحامات المسجد الأقصى المبارك، على مدار يومى الأحد، والاثنين، فبالأمس اقتحمت مجموعة متطرفة، المسجد الأقصى من باب المغاربة، بحراسة مشددة من قوات الاحتلال، وتجولوا فى باحات المسجد، واستمعوا لشروحات حول "الهيكل المزعوم"، فى حين توزع المصلون فى الأقصى بحلقات علم انتشرت فى مختلف أنحاء المسجد المبارك، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وتكرر اقتحام المسجد المبارك، اليوم الاثنين، من جهة باب المغاربة أيضًا، بحراسة مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلية الخاصة، وقال شهود عيان، إن مجموعات من المستوطنين تضم عدداً كبيرا من غلاة اليهود المتطرفين الذين ينادون ويعملون على خدمة أسطورة "الهيكل المزعوم" مكان المسجد الأقصى، اقتحمت المسجد، ونفذت جولات مشبوهة فى باحاته، وسط رقابة صارمة من حراسه وسدنته لإحباط أى محاولة لإقامة طقوس تلمودية فى المسجد.
فى سياق آخر، اقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال الاسرائيلى، الليلة الماضية، بلدة كفل حارس شمال سلفيت شمال الضفة الغربية؛ بحجة تأمين زيارات المستوطنين لمقامات ذى الكفل، وأفاد شهود عيان، بأن قوات الاحتلال تقتحم البلدة بين وقت، وآخر، لتأمين زيارات المستوطنين للبلدة، وتقوم بوضع حاجز وسط البلدة، وتمنع المواطنين من الحركة والتنقل حتى ساعات الفجر، هذا فى وقت يتعمد فيه المستوطنين مضايقة سكان القرية، بأدائهم طقوس الرقص، والأهازيج، والصراخ العالى.
مسئول فلسطينى: 500 حالة اعتقال منذ اندلاع الاحتجاجات على قرار ترامب
من جانبه، قال عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين، إن حالة تصعيد غير مسبوقة يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلى من خلال حملات الاعتقال اليومية فى كافة المناطق الفلسطينية تشمل الكبير والصغير، الرجل والمرأة، عقب تفجر الاحتجاجات على قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. مشيرا إلى أن أغلبية المعتقلين تعرضوا لشتى أنواع التنكيل والاعتداء وبأساليب همجية ووحشية وبنزعة انتقامية.
وأضاف قراقع -فى تصريح اليوم خلال زيارة عدد من الأسرى المحررين والجرحى - إن حالات الاعتقال منذ اندلاع الاحتجاجات على قرار الرئيس الأمريكى ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال بتاريخ 6/12/2017 بلغت 500 حالة اعتقال أكثر من نصفهم من الفتية و"القصر" أكثرهم من القدس المحتلة.
وأوضح أن ظاهرة ضرب المعتقلين خلال اعتقالهم والتى أصبحت منهجا وسياسة مستمرة ودائمة لقوات الاحتلال، وأن الضرب والاعتداء والمعاملة المهينة والمذلة تعرض لها العديد من المعتقلين خاصة "القصر"، وانه استخدمت أساليب الضرب بالهراوات والأرجل وأعقاب البنادق، والدهس بقسوة على أجسام المعتقلين وتركهم فى البرد الشديد وتوجيه الشتائم البذيئة واللكمات للمعتقلين، وإصابة العديد بجروح وبرضوض وعدم تقديم العلاجات لهم.
وأشار إلى أن عددا من المعتقلين تم اعتقالهم بعد إصابتهم بجروح بالغة بالرصاص الحى، حيث لا زال يقبع فى المستشفيات الاسرائيلية أسماء وريدات من الخليل التى أصيبت فى قدمها، وتقبع فى مستشفى "هداسا عين كارم" والاسير الجريح موسى القضمانى سكان القدس الذى أصيب فى الحوض ويقبع فى مستشفى "تشعار تصيدق"، وحامد المصرى سكان نابلس الذى أصيب فى وجهه ويقبع فى مستشفى بلنسون.
وتابع أن مئات الجرحى الفلسطينيين أصيبوا خلال المواجهات والاحتجاجات التى اندلعت ضد قرار ترامب والذين تعرضوا لاعتداءات وحشية واصابات بقنابل الغاز والصوت والرصاص.
سلسلة غارات لطائرات الاحتلال الإسرائيلى على قطاع غزة
وفى إطار أفعال الاحتلال الغاشم تجاه الفلسطينيين، شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلى، فجر اليوم الاثنين، سلسلة غارات عنيفة على قطاع غزة، وذكرت مصادر محلية، أن طائرات الاحتلال استهدف موقع عسقلان، وموقع البحرية فى منطقة الواحة شمال غرب مدينة غزة، دون وقوع إصابات، كما حلقت طائرات الاحتلال المروحية فى أجواء القطاع، إضافة إلى تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع.
وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، بأن طائرات حربية إسرئيلية من نوع "إف 16"، قصفت بصواريخ عدة، موقعا فى منطقة السودانية شمال غرب مدينة غزة، ما أدى إلى تدميره وإلحاق أضرار فى منازل المواطنين المجاورة.
كما قصف الطيران الحربى الإسرائيلى، بثلاثة صواريخ، موقعاً فى منطقة الواحة شمال غرب مدينة غزة، ما أدى إلى تدميره بالكامل، وألحقت أضرارا جسيمة فى ممتلكات المواطنين القريبة من الاستهداف، كما قصفت طائرات حربية إسرائيلية موقعا غرب بلدة بيت لاهيا شمال القطاع بخمسة صواريخ ودُمر بالكامل واندلعت نيران فى المكان، إضافة إلى أضرار فى منازل المواطنين المجاورة.
كما سُمع دوى انفجار فى منطقة المحافظة الوسطى فى القطاع، ناجم عن قصف الطائرات الحربية لموقع فيها، وفى وقت لاحق استهدفت الزوارق الإسرائيلية الصيادين فى عرض البحر فى منطقتى السودانية والواحة، دون وقوع إصابات، وقد تسبب هذا القصف بإرغام الصيادين على المغادرة والخروج إلى الشاطئ خوفا على حياتهم، فيما تشهد جميع أجواء القطاع تحليقا لطائرات حربية إسرائيلية على ارتفاعات منخفضة وهى تطلق بالونات حرارية مضيئة، فى حين لم تغادر طائرات الاستطلاع الأجواء طوال ساعات الليل والنهار.
إطلاق صاروخين على جنوب إسرائيل من قطاع غزة
وأمام كل هذه الأعمال الوحشية من قبل قوات الاحتلال، كان للمقاومة الفلسطينية ردها، حيث أعلن الجيش الإسرائيلى، الأحد، أن فلسطينيين اطلقوا صاروخين على جنوب إسرائيل فى استئناف للهجمات الصاروخية الفلسطينية منذ قرار واشنطن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.
وذكرت قناة "كان" الإسرائيلية العامة، أن الصاروخين لم يتسببا بإصابات، رغم أن أحدهما أصاب منزلا على الأرجح، وأنهت هذه الهجمات ثلاثة أيام من الهدوء بعد سلسلة هجمات صاروخية فلسطينية ردا على اعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بالقدس عاصمة لاسرائيل.
والأربعاء، اعترض نظام القبة الحديدية الدفاعى صاروخين أطلقا من قطاع غزة، فيما سقط ثالث فى الأرضى الإسرائيلية، وردا على ذلك، أغارت المقاتلات الإسرائيلية على ثلاثة "مبان عسكرية" لحركة حماس فى القطاع الفلسطينى المحاصر، بينما أطلق فلسطينيون فى القطاع، صواريخ وقذائف هاون على إسرائيل منذ قرار ترامب الصادم.
الصحة الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلى ينتهج سياسة القنص المباشر
ومن جهتها، اتهمت وزارة الصحة الفلسطينية، الاحتلال الإسرائيلى، باستخدام القوة المفرطة وانتهاج سياسة القنص المباشر بحق المواطنين، واستهداف المدنيين العزل والطواقم الإسعافية شرقى قطاع غزة، كاشفة أن الاحتلال يستخدم القوة المفرطة بتعمد إطلاق الرصاص الحى والمتفجر والمعدنى المغلف بالمطاط وقنابل الغاز الموجهة بشكل مباشر، ما زاد عدد الشهداء والمصابين منذ السابع من ديسمبر الجارى.
وذكرت الوزارة، أن سياسة القنص المباشر أدت لاستشهاد 8 مواطنين وإصابة 535 آخرين فى كافة المحافظات الجنوبية بقطاع غزة، (رفح: 38 إصابة، وخان يونس: شهيد و110 إصابات، ومنطقة البريج: 47 إصابة، غزة: 4 شهداء و133 إصابة، وجباليا: 3 شهداء و151 إصابة، شمال قطاع غزة: 56 إصابة).
وتابعت الوزارة، أن الإصابات تتنوع بين طفيفة ومتوسطة منها 7 خطيرة، إضافة إلى أنه حصيلة الإصابات تضمنت 47 طفلاً، أصغرهم الطفل الرضيع يوسف أبو شكيان (البالغ من العمر 6 أشهر).
وأشارت وزارة الصحة الفلسطينية، إلى استهداف قوات الاحتلال لسيارات الإسعاف بالأعيرة النارية والمطاطية وقنابل الغاز، وإلحاق أضرار فى 14 سيارة إسعاف ما أعاق عمل الطواقم الطبية، لإصابتها بالاختناق جراء استنشاقهم للغاز المباشر.
فعاليات احتجاجية فى 150 مدينة فى الهند الجمعة تنديدًا باعتراف ترامب
وفيما يتعلق بالتضامن الدولى مع القضية الفلسطينية، أعلنت جمعية علماء المسلمين، بالتنسيق مع الشخصيات من مختلف الطوائف الدينية ومؤسسات المجتمع المدنى الهندى، عن الدعوة لتنظيم احتجاجات وفعاليات سلمية موحدة فى جميع الولايات والمدن الهندية، بما يصل إلى 150 مدينة، يوم الجمعة القادمة، تنديدًا بإعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلى.
وبينما شهدت العاصمة نيودلهى، وعدد من الولايات والمدن الهندية، عددا من التظاهرات والفعاليات الاحتجاجية، أصدرت الأحزاب السياسية الهندية المختلفة، خاصة حزب المؤتمر، والأحزاب اليسارية، والأحزاب الأخرى، بالإضافة إلى مؤسسات المجتمع المدنى الهندى، وجمعيات الصداقة العربية والفلسطينية الهندية، والمنظمات الشبابية التابعة لحركة التضامن مع الشعب الفلسطينى، بيانات استنكار وتنديد بهذا الاعتراف.
كما حذرت من تداعيات هذا القرار على الأمن والاستقرار فى العالم، وعبرت القيادات السياسية والدينية، بالإضافة لوسائل الإعلام الهندية عن رفضها واستنكارها لهذا القرار الجائر من قبل الرئيس الأمريكى، الذى لا يحق لأحد اتخاذ قرارات خارج إطار الشرعية الدولية والإجماع الدولى، كما عبرت عن تضامنها مع الشعب الفلسطينى فى نضاله ضد الاحتلال الإسرائيلى من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وطالبت القيادات الحزبية والدينية والأكاديمية والإعلامية الحكومة الهندية، "باتباع نفس السياسة السابقة والتاريخية لجمهورية الهند تجاه فلسطين، التى تم التأكيد عليها خلال السنوات السابقة منذ عهد الراحل مهاتما غاندى، والزعيم الراحل نهرو، كذلك رئيسة الوزراء السابقة انديرا غاندى".
وتضمنت التظاهرات الجماهيرية الهندية منذ إعلان الرئيس ترامب، فى مختلف المدن والولايات (نيودلهى – مومبى – كيرالا- حيدار اباد- كلكوت)، رفع شعارات تنديد واستنكار ضد الرئيس ترامب، ورفع علم دولة فلسطين والمسجد الأقصى، كما طالبت الجماهير الهندية بمحاكمة ترامب، واعتبرته "شخصية تهدد الأمن والسلم العالمى".
كما تم الاتفاق بالتنسيق مع سفارة دولة فلسطين لدى الهند، على عقد عدد من اللقاءات والندوات والمؤتمرات، من أجل شرح ونشر تداعيات هذا القرار الجائر، الذى يدمر العملية السلمية وفق قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين، حيث سيتم عقد ندوات ومؤتمرات ولقاءات مختلفة من بالتنسيق مع الأحزاب والشخصيات الاعتبارية الدينية، بالإضافة إلى جمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى الدينية والثقافية والاكاديمية فى الهند خلال هذا الأسبوع، علماً أنه تم الإعلان عن تنظيم فعاليات خلال الفترة من 19 - 22 ديسمبر الجارى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة