حينما يشتد عليك الكرب أو الظلم و الضيق وتخرج عن قدراتك التفكيرية فتذكر قدرة الله فى تدبير الأمور وتذكر قرآنه الكريم، ومن غير الله يدبر الأمور ويصد عنك ما يدبره الناس لك، فالعبد فى التفكير والرب فى التدبير ، فمهما حاول الآخرون مضايقتك فلا تتضايق ولا تخف من تدابيرهم لك ، فهناك رب كريم وهو القوى الرحيم يعلم تفاصيل ما يدبرونه لك فى الخفاء وقل: فوضت أمرى إلى الله أن الله بصير بالعباد ، وتوكل على الله فيقيك سيئات ما مكروا .
وإن أصابك الخوف الشديد لما يدبرون لك فقل: حسبنا الله ونعم الوكيل، فينقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسك سوء، فالله هو من يدافع عنك قال تعالى: (إن اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) الحج 38، فكن لله عبدا صالحا مؤمنا تقيا يغنيك وينصرك ولا يتخلى عنك ، فكيف ينساك وأنت لم تنساه فعندما أراد أخوة يوسف قتله فلم يمت وكما دبروا له فى الخفاء دبر الله لهم ما يكيدهم وينصره عليهم فلا يفلح الظالمون ، فلا تقلق من تدابير البشر ولكن اقلق من تدابير الله لو كنت ظالما فهو يعلم السر وأخفى ويعلم ما يدور فى الصدور ، واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطاك كما حدثنا بذلك الرسول الكريم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك).
ونرى أيضا ما دبره الكفار لقتل الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم ) ودخلوا عليه مجتمعين فلم يجدوه فقد خرج أمام أعينهم ولم يرونه فهذا من تدبير الله لنبيه الكريم ليكمل رسالته التى أرسله بها الله والأمثلة من القرآن الكريم كثيرة ومنها قصة سيدنا موسى وكيف أوصل رسالته لقومه وقصة سيدنا يونس وكيف أنجاه الله من باطن الحوت فقد كان من المسبحين ، فاذكروا الله كثيرا يذكركم ويثبت أقدامكم، وينجيكم من كل شر ويدافع عنكم ، وما حدث من أحداث كثيرة فى مصر فهى من تدبير الله لشعب مصر ليساعدهم ويلبى دعواتهم وينصرهم على من يكيدون لهم بعد أن كادوا ينهزمون، فقد دبر الأعداء لهم المكائد لكى يحتلونهم ويدمرونهم ويقسمونهم ويسلبونهم خيراتهم فقد أرادوا بمصر شرا، ولكن أراد الله لهم كل الخير، فهنيئا لشعب مصر فقد نصرهم رب العزة وكاد لأعدائهم كما كادوا لهم، وقد انقلب سحر الساحر عليهم بقدرة الله العظيم، وكشف أمر من يساعد الإرهاب ويقف بجانبه ويمده بالمال الذى أعطاه الله له ولم يستخدموا هذا المال فى وجه الخير كما أراد الله ولكن استخدموه لوجه الشر .
وقد جاء الوقت ليذوق من سحر عقول شبابنا بالمال والثروة ليخونوا وطنهم مستغلا فقرهم وضعفهم وحاجتهم للمادة والغنى السريع فقد حان الوقت الآن لكى يذوقوا ما ذقناه نحن من بؤس وشقاء وفرقة للأهل والأحباب فحسابهم عسير فى الدنيا والآخرة، ونجد بالقرآن الكريم أمثلة كثيرة تدلنا على تدابير الله فى كونه ، فله الأمر وحده و كل شىء خلقه بحساب ومهما سعيت ودبرت من خطط فلن يكون إلا ما أراده الله لنا فهو من بيده أمر كن فيكون وما علينا إلا الطاعة لله وأن نعبده حق العبادة فما خلقنا إلا لنعبده قال تعالى: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) 57 الذاريات فما علينا إلا السعى فى الخير كما أمرنا وان ننتهى عما نهانا عنه وما حرمه علينا و أن نتوكل على الله الحى القيوم الذى لا ينام .
ويقترب مفهوم التدابير لدى أولياء الله الصالحين وبعض مشايخنا وعلمائنا الأجلاء وهم يعيشون بيننا من مفهوم التجلى إذ عن طريق النظر فى العواقب يستطيع بعضهم عن طريق النور الربانى والفتوحات التى يفتحها الله عليهم ونظرتهم المختلفة عنا للأمور، لأنهم يرون من الله ما لا نراه نحن فى تفسير الأمور التى تحدث لنا فى الحياة وذلك بسبب زهدهم فى الحياة وحبا فى الله وإخلاصا له، ولذلك تجد الولى مطمئن دائما حامدا وشاكرا لله حتى لو كان شرا لهم فهو يعلم أن الله معه وسيدافع عنه ولكن له حكمة فى ذلك ، الله وحده يعلمها وهو القادر على رفع البلاء عنه لو شاء ذلك.
فيجب أن نؤمن جميعا أ ن لهذا الكون إله واحد هو من يدبر هذا الكون فقل دائما لله الأمر وحده من قبل ومن بعد وإليه ترجع الأمور
(كله بأمرك يا رب ) .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة