نود إلقاء الضوء على مستجدات الأوضاع باليمن؟
- ما يجرى باليمن الآن هو امتداد لما بدأ فى 21 سبتمبر من عام 2015، وهو انتهاك صارخ للمجتمع اليمنى بأكمله، والدولة ومؤسساتها وحرمة المواطن اليمنى وحقوقه كإنسان، وقد حرص الرئيس المنتخب عبدربه منصور على إخراج دستور يلبى متطلبات الشعب اليمنى، بمشاركة كل رموز المجتمع اليمنى، وكان نتاج حوار وطنى استمر عامًا كاملًا، قسم الحوار فيه إلى 9 فرق لصياغة بنوده، كان ضمنها فريق بناء الدولة الذى كنت أترأسه، وخرجنا بمبادئ دستورية، وسلم المشروع بأكمله للجنة صياغة الدستور، وكانت ستعقبه مرحلة انتقالية تجرى خلالها انتخابات برلمانية، ولكن للأسف تم الانقضاض على الدولة قبل أن يخرج الدستور للنور، خوفًا من تطبيقه، ورغبة من المنقلبين فى إعادة الإمامة التى تم التخلص منها بمساعدة مصر عام 1962، وتمت محاصرة الرئيس، وفرض عليه اتخاذ قرارات ليست فى صالح اليمن، فرفض الخضوع وتنفيذها وقدم استقالته، وفى 26 مارس 2015 تمكن الرئيس من الخروج من اليمن للسعودية، وتشعب الحوثيون فى جميع محافظات اليمن، والسعودية تحركت مع الجامعة العربية لتكوين تحالف عربى، للوقوف مع اليمن فى أزمته.وماذا عن المبادرات المطروحة لحل الأزمة؟
- أولًا أود التأكيد على أن الأزمة اليمنية لن تفيد أى مبادرات لحلها، إلا بالرجوع للمرجعيات الأساسية للحل، المرتكزة على مخرجات الحوار الوطنى، الذى أفرز المبادئ الدستورية الأساسية، وتنفيذ القرار الأممى 2216، ولكن للأسف كل المبادرات التى طرحت، سواء من الجامعة العربية أو الأمم المتحدة، قوبلت بالرفض من قبل الحوثيين، لأنهم لا يمتلكون رؤية حقيقية لاستقرار اليمن، بل ينفذون أجندة خارجية.
أطلعنا بالأرقام على حجم الخسائر التى لحقت باليمن جراء اعتداءات الحوثيين؟
- لحقت أضرار بالغة على جميع المستويات، وفى المقام الأول الخسائر البشرية، فحتى 31 مايو 2017 خلفت الحرب ما لا يقل عن 54511 قتيلًا وجريحًا، بينما بلغ عدد النازحين خارج اليمن 188327 شخصًا حتى 31 يوليو 2017.وماذا عن حجم الخسائر فى الآثار اليمنية؟
- ساعد الحوثيون بعض الأسر اليهودية على الخروج من اليمن، وسهلوا لهم ذلك، واتضح أنهم يهربون تراثًا يمنيًا ثمينًا، وهو كتاب التوراة المكتوب بخط اليد منذ عهد قبل الإسلام، وقد ظهر ذلك فى لقاء تليفزيونى، عندما التقى رئيس الحكومة الصهيونية نتنياهو مع الأسرة اليهودية اليمنية التى وصلت إسرائيل، واستهداف المساجد الأثرية والتاريخية.. قام الانقلابيون بتدمير وقصف أكثر من 80 مسجدًا، منها ما دمر تدميرًا كليًا، ومنها ما دمر جزئيًا، ولم تسلم من ذلك التدمير حتى المساجد والمدارس التاريخية الأثرية، كمسجد أرحب، ومسجد الأشرفية بتعز، ومسجد كريتر بعدن.
وماذا عن تحديات اليمن مع الجماعات الإرهابية.. القاعدة من ناحية وداعش من ناحية أخرى؟
- الإرهاب يتغذى فى جزء كبير منه من الداخل، من خلال جماعة عبدالله صالح، وهذا فرض علينا المواجهة، بالإضافة لمواجهة الانقلابيين المدعومين من إيران، إلى جانب التحديات الاقتصادية، وانخفاض دخل الفرد، ومعاناة 25 مليون يمنى قد تؤثر على الأوضاع بالمنطقة والعالم.
البعض يقول إن اليمن ضحية صراع إقليمى بين السعودية وإيران؟
- فى المقام الأول اليمن مستهدف، لأنه قلب الأمة العربية طبقًا لموقعه، ومركز جغرافى مهم للعالم، وتأتى دول الخليج والسعودية كطرف ثان للصراع، لمحاولة جر الوطن العربى كله لصراع أيضًا، مثلما حدث بالعراق وسوريا، فاليمن عمق الأمن القومى العربى.
هل ترى الحل عسكريًا أم سياسيًا؟
- الحكومة الشرعية والتحالف العربى يسعيان دائمًا للجلوس على طاولة النقاش مع الحوثيين، ولكنهم لم يقبلوا بمبادرات التفاوض، وهنا نناشد المجتمع الدولى الضغط على تلك الجماعة، والعودة للنقاش السلمى، ونحن نستبعد الحل العسكرى، نظرًا لطبيعة وخصوصية المجتمع اليمنى الذى يرفض مزيدًا من التشرذم، ومازلنا نطالب الأمم المتحدة بضغوط أكبر على الحوثيين.
هناك توقعات بتحرك مصرى عمانى لإطلاق حوار سياسى لحل الأزمة باليمن، فما شروطكم للدخول فى مفاوضات مع الحوثيين؟
- لا يمكن لأى حل سلمى أن ينجح فى استعادة استقرار حقيقى لليمن إلا من خلال ثلاث مرجعيات أساسية، أولًا التسوية السياسية الخليجية التى خرجت فى 2011، وتم بمقتضاها تنازل الرئيس صالح وتولى عبدربه منصور، وإجراء انتخابات، ثم حوار وطنى ترتبت عليه مخرجات، أيضًا لابد من الرجوع لها، والمرجعية الثالثة القرار الأممى 2216، الذى يؤكد ضرورة الجلوس للمفاوضات، ويضمن كيفية خروج هذه المجموعات من مؤسسات الدولة، وتسليم الأسلحة للدولة الشرعية.
كيف تقيم دور التحالف العربى فى الأزمة اليمنية وتحديدًا مصر؟
- التحالف العربى منذ تكونه أعطى رسالة للعالم بأن البيت العربى يد واحدة، وأن الدول العربية قادرة على الوقوف على قلب رجل واحد فى وجه الأزمات، والجامعة العربية قادرة على اتخاذ قرارات وموقف حاسم، ويعتبر من أقوى المواقف التى تخلد لدور الجامعة العربية فى استرجاع الشرعية للدولة اليمنية، وبفضل هذا التحالف أصبحنا مسيطرين على أكثر من 85 % من الأراضى اليمنية، بعد أن كانت تحت سيطرة الحوثيين، ولكن نطمح فى المزيد من التحالف العربى، خاصة أن اليمن يعتبر عمق المنطقة العربية والخليج العربى، ولمصر على وجه الخصوص، لارتباطها بالبحر الأحمر وباب المندب، وبالتالى لا يمكن لقناة السويس أن تكون قناة اقتصادية بكامل فاعليتها ما لم يكن باب المندب بيد الشرعية اليمنية، وهذا الأمر يتطلب المزيد من العمل من التحالف العربى، وممارسة ضغوط أكبر لحل الأزمة، وعلى المجتمع الدولى أن يستخدم أدواته بشكل أكثر فاعلية.الحصار ضمن الضغوط التى يفرضها التحالف على بعض المناطق، كيف تقيم جدوى هذا فى ظل تأثيره على الأوضاع الإنسانية وانتشار الأوبئة؟
- لم يصل الوضع الإنسانى لهذا إلا نتيجة إصرار الحوثيين على الإمساك بمصادر دخل الدولة، وتوجيهها لخدمة أغراضهم فقط، وترك الشعب يعانى من نقص الرواتب والأمراض والجوع، ومؤخرًا تم فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، مما يسهم فى إيصال المساعدات الإنسانية والأدوية لليمنيين، وستتم إدارتهما دوليًا، وهو موقف جيد لإيقاف التهريبات التى كانت تتم من خلالهما للصواريخ والطائرات بدون طيار.هل ترى أن لمصر جهودًا خاصة فى هذا الصدد؟
- بالتأكيد لمصر دور، وأود التقدم ببالغ الشكر والتقدير للدولة المصرية وقيادتها، ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، على كل الدعم المقدم لليمنيين، والاحترام الذى يلقاه المواطن اليمنى فى بلده الثانى مصر، ولدينا اتفاق جيد جدًا مع الأمن الوطنى فيما يخص إجراءات الإقامة والدراسة، وإن كنا نأمل فى المزيد من التسهيلات.ما دور إيران فى تعميق أزمات اليمن؟
- الحوثيون لا يريدون الاستقرار للمنطقة، وإيران شوكة فى عنق العالم العربى، فهى الداعم الرئيسى للحوثيين، تمدهم بالأسلحة عن طريق البحر، وتم إلقاء القبض على المركب «جيهان 1» و«جيهان 2»، كما عملت إيران على تهريب الصواريخ الباليستية إلى داخل اليمن، التى استخدمت لضرب السعودية، وأعتقد أن تهريب تلك الصواريخ تم فى أثناء فترة الهدنة التى تزامنت مع نقاشات الكويت، واستمرت 72 يومًا، استغلتها إيران فى تهريب صواريخها للحوثيين.حدثنا بشىء من التفصيل كيف تقوم إيران بتهريب الأسلحة عن طرق الخطين البرى والبحرى لداخل اليمن؟
- كانت فى البداية تعتمد على مجموعات من الطلبة الحوثيين المتشددين، الذين وصل عددهم فى بعض الأوقات إلى 1500 طالب، وأيضًا استخدمت ميناء المخا فى السابق.ألا ترى أن الوضع أصبح مقلقًا، خاصة بعد إطلاق صاروخ باليستى على السعودية، وهل ترى أن التحالف العربى اتخذ من الإجراءات الوقائية ما يكفى لإجهاض مثل هذه المحاولات مستقبلًا؟
- العمل العربى جارٍ على قدم وساق، سواء من خلال اجتماعات الجامعة العربية أو التحالف الإسلامى المنعقدة بالرياض، وأؤكد أن وحدة الصف العربى من خلال الجامعة العربية هى مظلتنا الحقيقية، التى لابد أن نعمل على تقويتها وتطوير آليات النقاش، وهناك دور على الإعلام أيضًا.ما تقييمك لحادث مسجد الروضة بالعريش، وهل ترى أن مصر تدفع ثمن دورها بالمنطقة؟
- شعرنا بالأسف، لأن مثل هذه الأعمال الإرهابية التى تستهدف الأبرياء وهم فى بيوت الله تؤكد بشاعة الجماعات الإرهابية المتطرفة، التى تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار، وإقلاق السكينة العامة، ونشر الرعب والخوف فى أوساط المجتمع، وندعو مجلس الأمن الدولى والأمم المتحدة وجميع دول العالم إلى الوقوف صفًا واحدًا، وتقديم الدعم اللازم لمحاربة العناصر الإرهابية المتطرفة، واستئصالها من جذورها.التحالف الإسلامى المجتمع بالرياض يبحث التنسيقات الأمنية بين الـ41 دولة المجتمعة.. أين اليمن من هذه التنسيقات؟
«الجزيرة» عرضت فيلمًا وثائقيًا لتشويه الإمارات، كما حاولت إلصاق التهم بالسعودية أيضًا.. هل ترى أن هناك استهدافًا قطريًا للتحالف العربى؟
- ما يحدث هو رد فعل من قطر على عزلتها، هى تحاول ترميم جرحها بشكل خاطئ وغير إيجابى، وما زلنا نعانى من استخدام أسلوب النكايات الفردية فى إدارة سياسات الدول، ولا نرتقى إلى الأسلوب المؤسسى فى إدارة الدول، ولا نرتكن لفكرة أن هناك مرجعيات أساسية، عندما يختلف فيها أفراد لابد ألا ينعكس هذا على استقرار الدول وسياساتها الخارجية، وأقول لقطر إذا كانت هناك رسالة تريدون أن تبعثوا بها للتحالف، فكان عليكم أن ترسلوها حينما كنتم شركاء فيه، أما اليوم فهى لا تعدو كونها مجرد نكايات تساعد على مزيد من تشرذم الحزام العربى.ترى ما الذى تحتاجه الحكومة اليمنية كى تتمكن من استعادة مؤسسات الدولة؟
- الإشكالية تتلخص فى أن الحكومة اليمنية منتهكة، والجهات التى تساند الحوثيين لديها قدرات مادية وتعبوية كبيرة، لذلك لابد من موقف عربى ودولى حاسم وقوى، وإيقاف الطرق، والمؤسسات التى يتم من خلالها انتقال هذه الأموال الداعمة للمنتهكين لدولة اليمن، وهما الأمم المتحدة ومجلس الأمن، عليها دور كبير، كما أن القرار 2216 يوفر كل تلك الأدوات، وعلى التحالف العربى تفعيل أدواته المحلية العربية، للقضاء على أى منفذ مالى لتلك الجماعات، فنحن نعلم أن كثيرًا من الأموال تنتقل لداخل لبنان، فلابد من السيطرة على تداول الأموال بأيدى هذه المجموعات، فهناك أكثر من 5 مليارات دولار، ميزان المدفوعات مفترض، كانت للحفاظ على قيمة العملة، أخذتها هذه المجموعات، واستولت عليها، حتى أن قيمة الدولار اليوم بلغت 425 ريالًا، هذا بسبب السكوت العربى على تنقل الأموال من قبل الفئة المنتهكة، وهنا لابد للدول العربية ألا تسمح بدخول أو خروج الأموال تحت أسماء أفراد.
بعض الأصوات نادت بضم اليمن لمجلس التعاون الخليجى، فما موقف دول الخليج من هذا الاقتراح الآن؟
- لم نلحظ أى تراجع من دول الخليج بضم اليمن، ولكن هذا الأمر يحتاج دراسة.ما تعليقك على استغلال إسرائيل يهود اليمن فى تهريب آثارها لداخل تل أبيب، بالإضافة لاستضافة تل أبيب العائلات اليهودية أيضًا.. هل ترصدون هذه التحركات؟
- المواطن العربى لديه حرية التنقل أينما كان بناء على إرادته، وأود أن أشير إلى أن هناك دولًا تخرج منها آثار أضعاف ما يخرج من اليمن، مثل سوريا والعراق وغيرهما، وهذا يتطلب موقفًا عربيًا، وإحكام الرقابة على الموانئ والمطارات، وتخصيص اجتماع بالجامعة العربية لمناقشة هذا الأمر، ولا ننسى أن أى بلد بعه صراع تكون حدوده مفتوحة، والقبضة عليها غير محكمة.