كرة القدم ليست مجرد لعبة، فهى حياة متكاملة داخل الملعب أو خارجه، فأحيانًا تكون الدقائق أو الثوانى حاسمة فى مصائر الكثير من اللاعبين والمدربين، وبكل الشغف والعشق تتابع أعين الجماهير هذه المعارك الدائرة على العشب الأخضر، وللأسف حُرمنا من مشاهدة هذه الإثارة من أرض الملعب بالدورى المحلى فى الفترة الماضية إلا هانى أبو ريدة رئيس اتحاد الكرة كشف أخيرًا عن عودة الجمهور إلى الملاعب بالدور الثانى للمسابقة الأهم داخل مصر.
مسرح بلا ممثلين !
وتنتظر الجماهير الدور الثانى بفارغ الصبر من أجل العودة للمدرجات مجددًا خصوصًا أن حضورها خلال السنوات السبع الماضية لم يكن بشكل منتظم، وتنوعت ما بين الانقطاع نهائيًا عن المسابقات المحلية عقب حادثتى بورسعيد والدفاع الجوى، ثم الاقتصار على مباريات المنتخب الوطنى بالتصفيات المختلفة واللقاءات الإفريقية للفرق المصرية المشاركة فى بطولات الكاف على مدار المواسم الماضية.
الآن ونحن على أعتاب عودة جديدة للجمهور للمسابقة المحلية ينبغى التنبيه على أن هناك الكثير من المتغيرات طرأت على المعادلة، منها تطبيق قانون الرياضة بشكل فعلى، والذى يتضمن 12 بندًا بارزًا متعلق بعمليات الشغف والتصدى لها، وتوجد مواد بالقانون تنص صراحة على عقوبة الحبس والغرامة تجاه بعض أفعال المشاغبين التى أدت إلى عدد من الكوارث فى الفترة الماضية.
عقوبات تنتظر المشاغبين
ومن المواد اللافتة بقانون الرياضة المادة "91" التى تنص على :"يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل خمسين ألف جنيه ولا تزيد عن مائتى ألف جنيه كل من إنشاء أو نظم روابط رياضة بالمخالفة للنظم الأساسية للهيئات الرياضية وفقا لأحكام هذا القانون"، "وتكون العقوبة الحبس الذى لا يقل عن ثلاث سنوات والغرامة إلى لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة ألاف جنيه إذا باشر أى من المنتميين لهذه الكيانات غير المشروعة نشاطا يعبر عن وجودها أو ينشر أفكارها باية صورة كانت".
وتؤكد المادة المشار إليها أعلاه إلى ضرورة أن تتوجه الجماهير إلى الملاعب وكل منهم يحمل صفة فردية وليس منتمى إلى أى مجموعة أو رابطة إنما كل هدفك تشجيع فريقك، ومخالفة تلك المواد القانونية قد تعرض صحابه للمساءلة، خاصة أن الأوضاع لم تعد تحتمل المزيد، والكل يريد إنجاح تجربة عودة الجماهير للملاعب بالمسابقات المحلية.
نجاح التجربة مسئولية الجميع
كما يُعتبر توفير الاشتراطات الأمنية بعدد من الاستادات الرياضية من المتغيرات الطارئة على الكرة المصرية، والتى قد يفاجئ بها عدد من الجماهير الذين لم يتوافد على المدرجات منذ وقت طويلة، والدليل على هذا الأمر أن الحياة عادت لاستاد القاهرة مثلا خلال الفترة الأخيرة عقب فترة الغياب، واستقبل عدد من المباريات بالدورى المحلى، وذلك ما عبر عنه اللواء على درويش، رئيس هيئة استاد القاهرة فى تصريحات خاصة سابقة لـ"اليوم السابع" قائلاً :"الاستاد أصبح لديه العديد من المزايا بعد تطويره فى الفترة الأخيرة، أولاً مطالب النيابة العامة محققة، واستاد القاهرة بطبيعته أسهل استاد يمكن تأمينه لكثرة بواباته الداخلية المؤدية للاستاد والخارجية المؤدية للشارع، وثانيًا، تم تغيير إضاءة برجين، وقوة الإضاءة جاهزة للتصوير عالى الجودة HD".
ومن العوامل أيضًا التى لابد من التأكيد عليها قبل عودة الجماهير للمدرجات هى ضرورة تحلى مسئولى الأندية بالروح الرياضية وعدم إزكاء روح التعصب والتى يمكن أن تطور إلى حالات شغب، والتعليم من دروس الماضى لأن غياب الجماهير يعنى الكثير والكثير من الخسائر، ومنها ما أشارت إليه تقارير إعلامية سابقة على لسان مصطفى عزام رئيس لجنة التطوير والاستثمار فى اتحاد الكرة ، وذلك فى 30 يناير 2017، وأوضح خلالها أنه بالسنوات الخمسة الأخيرة خسر ناديى الأهلى والزمالك نحو 93 مليونا و750 ألف جنيه من غياب الجماهير باعتبارهما الأندية الأكثر شعبية، ومعهما كل من الإسماعيلى والمصرى والاتحاد، مشيرًا إلى أنه هناك حالة فقدان إلى ما يقرب من 1000 فرصة عمل أسبوعياً ما بين عمال بوابات وعمال مطاعم والكافيتريات وقطاع النقل وطباعة وبيع التذاكر.
أسئلة حائرة فى موضوع الجماهير
وبمناسبة الحديث عن الروح الرياضية وإزكاء روح التعصب فإن من الأسئلة الحائرة بالكرة المصرية، هى حضور الجماهير لمباريات الأهلى والمصرى لاسيما بعد توتر الأوضاع منذ حادثة بورسعيد إلا أن الأجواء ما قبل مباراة السوبر المصرى يوم 12 يناير المقبل، توحى ببوادر خير لإمكانية ترتيب الأوراق مرة أخرى، خاصة أن المشهد بين كل من محمود الخطيب رئيس القلعة الحمراء ونظيره فى بورسعيد سمير حلبية كان إيجابيًا للغاية بالمؤتمر الصحفى الذى أقيم اليوم للإعلان عن تفاصيل المباراة، ويبعث على الهدوء والطمأنينة قبل المواجهة الهامة بين الفريقين.
وأيضًا من الأسئلة الحائرة بالأوساط الرياضية، كيف سيتعامل نادى الزمالك مع عودة الجماهير فى ظل وجود اختلاف مع بعض المجموعات إلا أن الكثيرين يرون أن الحل المرضى يكمن فى اللجوء إلى قانون الرياضة وعقوباته الرادعة للحد من عمليات الشغب بالملاعب.
نقطة أخيرة يجدر الإشارة إليها أنه هناك مسئولية لابد أن يتحملها الجميع سواء اللاعبين أو الأجهزة الفنية أو المسئولين أو الجماهير أنفسهم تجاه قرار عودتهم للملاعب حتى تنجح التجربة، وتعم الاستفادة سواء المكاسب المادية للأندية والعاملين فى القطاع الرياضى أو المتعة والتشويق والإثارة بالنسبة للجماهير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة