فى حكم للمحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة موضوع، برئاسة المستشار ناصر رضا عبد القادر نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وعبد النبى زاهر وعبد العزيز السيد وكريم شهاوى نواب رئيس مجلس الدولة، قضت المحكمة برفض الطعن المقام من خالد على فودة صاحب شركة نايل فالى للفنادق بإلزام الدولة بمبلغ 71 مليون جنيه للتأخر فى تنفيذ حكم قضائى سابق باستلام الأرض المتنازع عليها واستكمال التزاماته العقدية ببناء فندق وقرية طابا، وحسمت المحكمة التناقض المفرط لتقارير الخبراء بكليتى التجارة بجامعتى القاهرة وعين شمس، لصالح رجل الأعمال وتناقضها معاً.
وكان الطاعن خالد على فودة قد طالب الحكومة المصرية بـ 70 مليون جنيه على النحو التالى: مبلغ ستة وأربعين مليوناً ومائة وثلاثة وخمسين ألفاً وتسعمائة جنيه ) قيمة الخسائر المادية عن المدة من 21/7/1996 حتى 31/3/1998، ومبلغ ستة عشر مليوناً ومائة ألف جنيه قيمة الخسائر المادية عن المدة من 1/4/1998 إلى 1/10/1998، ومبلغ اثنين مليون وثلاثمائة ألف جنيه قيمة الخسائر المادية عن كل شهر يمضى بعد 1/10/1998 وحتى يتم التنفيذ، ومبلغ خمسة ملايين جنيه تعويضاً عن الضرر الأدبى الذى أصابه، وهو ما رفضته المحكمة، واكتفت بتعويضه مائة ألف جنيه.
وقالت المحكمة إنه استقر فى عقيدة ووجدان المحكمة أن وزير السياحة امتنع عن تنفيذ الحكم الصادر لصالح الطاعن بجلسة 21/7/1996 فى الشق العاجل من الدعوى رقم 7175 لسنة 50 قضائية، والذى تم تأييده بحكم المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة فحص فى الطعن رقم 5452 لسنة 42 ق.ع بجلسة 5/2/1997 بإجماع الاَراء فى البند ثالثاً برفض الطعن – وذلك عن المدة من تاريخ صدور هذا الحكم فى 21/7/1996 حتى 7/9/1999 تاريخ صدور الحكم الموضوعى فى الدعوى رقم 7175 لسنة 50 قضائية - الذى قضى بإثبات ترك المدعى بصفته طلب التعويض، وبرفض الدعوى موضوعاً والذى تم الغاؤه بحكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 679 لسنة 46 ق.ع بجلسة 7/9/2001 قاضياً فيه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء قرار وزير السياحة رقم 82 لسنة 1996 المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من اَثار، ومنها اعتبار العقد المبرم مع الطاعن بتاريخ 2/1/1989 قائماً ومنتجاً لكافة اَثاره - وكان هذا الامتناع بغير سند مشروع من القانون مهدراً حجية ذلك الحكم ونهائيته، على النحو الثابت بالمحضر رقم 1042 لسنة 1996 إداري نويبع والمحضر التسليم رقم 36 إدارى الطور - الأمر الذى يشكل خطأ مستوجباً للتعويض تقدره المحكمة بمائة ألف جنيه كما ذهب الحكم المطعون فيه.
وأضافت المحكمة أنه وعن تقدير قيمة التعويض فإنه قد بات مسلماً فى ضمير هذه المحكمة – وهى التى تستوى على القمة من محاكم مجلس الدولة - أنه من المقرر أن الاستعانة بأهل الخبيرة كإجراء من إجراءات الإثبات هو أمر متروك تقديره لمحكمة الموضوع، وإذا ما استعانت برأي الخبير فلها التقدير الموضوعى لكافة عناصر الدعوى، وهى لا تلتزم إلا بما تراه حقا وصدقا من رأى أهل الخبرة، ولها أن تأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير، ولها أن تطرح ما انتهى إليه تقرير الخبير كله أو بعضه، وللمحكمة السلطة التامة فى تحصيل فهم الواقع فى الدعوى وتقدير الأدلة والأخذ بما تطمئن إليه من تقارير الخبراء، فالمقرر أن تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات ودليلاً مطروحاً على محكمة الموضوع التى لها تقديره بلا معقب عليها فى ذلك.
وأشارت المحكمة فى حكمها الهام، أن تقارير الخبراء المودعة ملف الطعن والصادرة أحدهما من اساتذة مكلفين بكلية التجارة جامعة عين شمس والأخرى من أساتذة مكلفين بكلية التجارة جامعة القاهرة قد تناقضت تناقضاً بيناً فى مضمونها وعناصرها ومحتواها، إذ جاء تقرير هيئة الخبراء بكلية التجارة جامعة القاهرة لم يكن على قلب هيئة واحدة بل انشطر وجدانه إلى قسمين الأول تضمن رأى اثنين من أعضائه انتهيا إلى أن الطاعن يستحق تعويضاً مقداره مبلغ 975و546و31 ( فقط وقدره واحد وثلاثون مليوناً وخمسمائة وستى وأربعين ألفاً وتسعمائة وخمسة وسبعين جنيهاً) عن الأضرار التى أصابته، والقسم الثانى تضمن رأيا لثالث أعضائه انتهى فيه إلى أن الطاعن يستحق تعويضاً مقداره 7و366و437و1 جنيهاً ( فقط وقدره واحد مليون وأربعمائة وسبعة وثلاثين ألفاً وثلاثمائة وستة وستين جنيهاً) عن الأضرار المادية والأدبية التى اصابت الطاعن، بينما تقرير هيئة الخبراء المعد من أعضاء كلية التجارة جامعة عين شمس، والذى أجمع اعضاؤها عليه انتهى إلى نتيجة مغايرة بأن التعويض عن خسارة التشوينات بالموقع أ صفحة 9 بالتقرير الماثل يبلغ 540550 جنيه والتعويض عن أرباح التشغيل الضائعة ب صفحة 13 بالتقرير الماثل 25413398، على حين قدرها الطاعن ذاته بمبلغ يزيد على ستة وأربعين مليون جنيه، ومن ثم فإن الهوة السحيقة في فرق التقدير والافراط في الاختلاف البيٍن بينهما لا تطمئن معه المحكمة إليهما وتطرحهما من مجال تكوين عقيدتها .
وتقدر المحكمة جملة الأضرار التى لحقت بالطاعن والتى يستحق تعويضاً عنها بمبلغ قدره مائة ألف جنيه يلتزم بها المطعون ضده بصفته لقاء عدم تنفيذ الحكم المشار إليه، وهو عين ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه حقاً وصدقاً.
واختتمت المحكمة أنه بالنسبة لطلب الطاعن بإلزام المطعون ضده بتعويض قدره خمسون ألف جنيه عن كل يوم يمضى بعد تاريخ ايداع عريضة دعواه المبتدئة يمتنع فيه عن تنفيذ الحكم محل الطعن، فإنه لما كانت الغاية من هذا الطلب هو حمل وزير السياحة على تنفيذ هذا الحكم، فإن هذا التعويض يندرج في مشمول التعويض السابق تقديره لذات الغرض بما لا يجوز معه تكرار التعويض عن سبب واحد، كما أنه لا يمكن القول بأن لجوء الجهة الإدارية لولوج سبل التقاضى يصلح وحده دون غيره سنداً للمطالبة بالتعويض طالما أنها نفذته فى النهاية غاية ما فى الأمر أن لجوئها لطرق الطعن لا يبيح لها الامتناع عن تنفيذ الحكم، ولو لمدة زمنية ريثما يفصل فى الطعن، وإلا عُد ذلك مساساً بأحكام قضائية تحوز حجية الشئ المحكوم فيه، أما عما يطالب به الطاعن من إلزام وزارة السياحة بسداد التعويض المحكوم به بالتضامن مع وزير السياحة بشخصه على أن تعود عليه بعد ذلك بهذا المبلغ باعتباره تعويضاً عن ضرر شخصي يسأل عنه في ذمته الخاصة، فإن الأوراق قد أجدبت عن اختصام الوزير بشخصه ومثوله ودفاعه عن نفسه ليستبين معه مدى تجاوزه لحدود المخاطر العادية للوظيفة فى الامتناع بشخصه عن تنفيذ الحكم خلال الفترة المشار إليها حتى تتيقن للمحكمة من مدى تحقق الخطأ الشخصى من الخطأ المرفقى، ما لا يجوز معه بحث هذا الطلب .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة