أثارت تصريحات المرشد الأعلى فى إيران حول وجود فضاة فاسدون فى السلطة القضائية، تساؤلات عديدة حول القضاء الذى يتربع على عرشة رجال الدين فى ايران، ويعتبرونه من أنزه السلطات القضائية فى العالم، لكن فى الوقت نفسه شن على خامنئى هجوما عليه وكشف عن وجود قضاة فاسدين، وآخرين عادلون فى تصريحات نقلتها وكالة فارس الأربعاء، وذلك خلال حديثة عن الشرطة الأمريكية التى قال إن القضاء يبرءها رغم قتلها النساء والأطفال والسود.
وتشير تصريحات المرشد الأعلى إلى أن محاربة الفساد الذى امتد جذورة الى ما قبل الثورة الإسلامية لم يكن سهلا، فالعديد من الوقائع تؤكد ان شعارات محاسبة الفاسدين واجتثاث الفساد يرفعة المسئولون بينما يتكشف كل يوم وقائع فساد، وكان أبرز ممن تحدثوا عن الفساد باعتبارة تهديد للأمن القومى، هو الرئيس حسن روحانى الذى تناوله فى فصل كامل فى كتابة "الأمن القومى والنظام الاقتصادى" الذى نشر عام 2010، حاول من خلالة تقديم مقترحات لمواجهة الفساد، غير أنه ظل موجودا حتى بعد تولية رئاسة الجمهورية، ويرصد التقرير كبريات قضايا الفساد فى إيران، لاسيما فيما التى تتعلق بالسلطة القضائية والفساد الاقتصادى.
فساد شقيق رئيس السلطة القضائية
فى العام 2013، كان الرئيس الإيرانى حينئذ محمود أحمدى نجاد يصطدم بما وصفهم الفاسدون، وفى إطار صراعه مع رئيس البرلمان على لاريجانى، الذى أراد آنذاك سحب الثقة من وزير العمل عبد الرضا شيخ الإسلامى، كشف عن شريط فيديو، داخل جلسة علنية للبرلمان، متعلق بالنائب العام السابق "سعيد مرتضوى" المحكوم عليه بالسجن فى قضايا قتل واغتصاد المعارضين خلال احتجاجات 2009، و"فاضل لاريجانى" شقيق رئيس البرلمان على لاريجانى وشقيق رئيس السلطة القضائية صادق لاريجانى، وفية يحاول فاضل لاريجانى ان يقنع مرتضوى بقدرتة على التوسط له وتقديم تسهيلات ومنافع اقتصادية خاصة، وأثار هذا الفيديو ضجة، داخل البرلمان وخارجه، ما استدعى تدخل المرشد على خامنئى الذى أمر بإغلاق الملف وفض الاشتباك بين الرئيس والبرلمان.
فساد رجال الأعمال
الفساد لم يقف عند حد القضاء بل استشرى بين رجال الأعمال، وفى تسعينيات القرن الماضى، كشفت قضية فساد ضخمة اشتهرت بقضية التاجر فاضل خداداد الذي اختلس 123 مليار تومان أو ما يعادل 400 مليون بمساعدة موظفين من بنك "صادرات إيران" الحكومي، وبمشاركة مرتضى رفيق دوست شقيق محسن رفيق دوست أول وزير لوزارة القوات المسلحة الإيرانية بعد الثورة، وكشف هذا الإختلاس، عن حجم الفساد الكبير الذي ينخر النظام البنكي اإليراني، وعن دور الشخصيات والأسر المقربة من النظام الحاكم في قضايا الفساد الإقتصادي. وقد أُغلق الملف بإعدام المتهم الأول فاضل خداد داد فى عام 1995 والحكم بالمؤبد على المتهم الثاني مرتضى رفيق دوست الذي استطاع الخروج من السجن بعد عشر سنوات فقط
وفى عام 2014، نفذ حكم الإعدام فى رجل الأعمال مه أفريد خسروى شنقاً، لضلوعه فى فضيحة اختلاس أموال بقيمة 2.7 مليار دولار كانت قد خرجت إلى العلن فى العام 2011 وهزت البلاد التى كانت تعانى من وطأة العقوبات.
ويعتبر بابك زنجانى من أكبر المتهمين بالفساد المالى والكسب غير المشروع فى إيران، ويرتبط اسمه بالأنشطة المالية الكبيرة المتعلقة بالالتفاف على العقوبات والفساد الاقتصادى فى عهد حكومة أحمدى نجاد. وقد القى القبض على زنجانى ويعد أكبر متهم فى الاقتصاد الإيرانى خلال العقود الأخيرة، وأدرج اسمه على قوائم سوداء غربية لمساعدته حكومة بلاده فى التغلب على العقوبات الدولية المفروضة عليها.
وفتح البرلمان الإيرانى فى سبتمبر 2015 تحقيقا بشأن تعاملات زنجانى التجارية بعد اتهامه بسحب 1.9 مليار دولار من عوائد لبيع النفط، كان من المقرر أن يتم نقلها عبر شركاته. لكن زنجانى الذى يقول أن ثروته تبلغ 13.5 مليار دولار نفى تلك المزاعم.
فضيحة الرواتب الفلكية
ورغم أن الرئيس الإيرانى حاول تقديم الفساد فى كتابه سالف الذكر على أنه تهديدا للأمن القومى فى البلاد، إلا أنه وقع فى فخ الفساد، حيث كشف العام الماضى 2016، عن تقاضى مسئولين أجورا وامتيازات خيالية بارزة تفوق عشرات أضعاف الرواتب العادية، على سبيل المثال تقاضى مسئول بوزارة الصحة 2 مليار ريال (58 ألف دولار) فى الشهر، وهو أعلى بكثير من رواتب القطاع العام الأساسية التى تبلغ حوالى 400 دولار فى الشهر. وفى بعض الحالات، تراوحت الرواتب بين 700 مليون و800 مليون ريال (ما يعادل 20 ألف دولار إلى 23 ألف دولار) شهريا.
استغلال الفساد كورقة رابحة لتشويه الخصم فى انتخابات يوليو 2016
وكشفت المناظرات الانتخابية التى اجريت فى مايو الماضى عن استخدام مرشحو الرئاسة فى إيران للفساد لتحقيق انتصارات على الخصم، وفى احدى المناضرات التى اقيمت فى 13 مايو 2016، تبادلا المرشحين الخمس (روحانى وجهانجيرى ورئيسى وقاليباف وميرسليم وطبا) الاتهامات بالفساد والمحسوبية واستغلال مناصبهم وحتى ممارسة القمع، سواء كانوا فى السلطة التنفيذية أو حتى القضائية أو العسكرية، على سبيل المثال، اتهم المرشح الأصولى الخاسر والقيادى السباق بالحرس الثورى، باقر قاليباف بالفشل فى ملف الاقتصادى، وخاطب روحانى "وزراء حكومتكم مشغولون بالفساد"، واتهم بعض الوزراء بتقاضى رواتب فلكية وتلقى مليارات الدولارات كهدايا. واضاف "أقربائك إلى جانبك تعلم ماذا يفعلون لماذا لم تواجه الفساد لأنك أيضا تستفيد من هذه المحسوبية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة