دخلت الاحتجاجات المناهضة للحكومة فى إيران يومها الثالث، والتى قادها الفقراء ضد الغلاء المعيشى، وتفشى الفساد، والوضع الاقتصادى المتردى، عقب قرار حكومة الرئيس حسن روحانى برفع أسعار الوقود بنسبة وصلت إلى 50%، فى موازنة العام المالى الجديد، فضلا عن استبعاد أكثر من 30 مليون شخص من الدعم النقدى الذى تقدمه الحكومة.
التظاهرات بدأت شراراتها من مدينة مشهد وامتدت إلى عدد من المدن الكبرى، مثل كرمان شاه ومشهد وشيراز الجنوبية، ندد فيها المتظاهرون بسياسات طهران فى إنفاق أموال طائلة فى سوريا والعراق ولبنان، لتحقيق مكاسب سياسية، فيما تركت شعبها فريسة للفقر والغلاء.
وتعد تظاهرات الفقر والغلاء التى ندد فيها الإيرانيين بشعارات "الموت للديكتاتوريين.. الموت لروحانى"، أخطر احتجاجات تواجهها إيران منذ انتفاضة الحركة الخضراء التى شهدتها البلاد عام 2009، على ما وصفوه التلاعب فى نتائج الانتخابات الرئاسية التى صعد فيها الرئيس المتشدد أحمدى نجاد لولاية ثانية، ووصفها المسئولين بالفتنة.
وليلة الجمعة، حذر نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعى النظام من التصدى للاحتجاجات السلمية، وانتشرت رسائل بين نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعى، وحسابات تطبيق تلجرام المشهور فى إيران، تحذر من المساس وقمع المحتجين السلميين، وإلا سيتم اقتحام الأماكن والإدارات الحكومية الهامة.
ميدان انقلاب (الثورة) فى العاصمة طهران
وأشارت مقاطع فيديو وصور حصل "اليوم السابع" على نسخة منها عبر حسابات المعارضة المنتشرة بتطبيق تلجرام المشهور فى إيران، اليوم، السبت، إلى مواصلة الفقراء احتجاجاتهم ضد الحكومة لليوم الثالث على التوالى، ضد الغلاء وارتفاع أسعار البنزين والوضع الاقتصادى المتردى.
وأوضحت لقطات الفيديو تواجد كثيف لقوات الأمن وفرق مكافحة الشغب بالدراجات النارية فى شوارع العاصمة طهران، فضلا عن الميادين فى المدن الكبرى كميدان الساعة فى مدينة تبريز وميدان انقلاب (الثورة) فى العاصمة طهران وأمام مداخل جامعة طهران.
وأشار مقطع فيديو آخر إلى اطلاق طلاب شعارات منددة أما مدخل باب جامعة طهران، اليوم، السبت، وردد الطلاب شعار "الإصلاحيين والأصوليين"، الأمر قد انتهى".
ميدان الثورة فى طهران
المراجع تصفها بالفتنة
ولم تفرق المراجع الدينية بين هذا وذاك، حيث وصفت المراجع الدينية احتجاجات الفقر هى الأخرى بالفتنة التى يسعى أعداء الجمهورية الإسلامية لإشعالها مجددا، حيث اعتبر الأمين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية آية الله محسن أراكى، الاحتجاجات التى شهدتها إيران خلال الأيام الماضية، ضد الغلاء والفقر مؤامرة ضد النظام، قائلا "لن نسمح بتكرار التجارب السابقة لمؤامرات الأعداء".
وبحسب وكالة فارس، أضاف أراكى، فى كلمة ألقاها صباح اليوم: على الأعداء أن يفهموا أن المؤامرات وتأجيج الفتن لن تثبط عزائمنا، وتابع: إننا كشفنا أيادى الفتنة ولدينا تجربة تمتد إلى 1400 عام من المقاومة فى مواجهة الفتن، ولن نسمح بتكرار التجارب السابقة للأعداء فى مؤامراتهم وبقاء الإمام الحسين وحيدا فى كربلاء.
وقال الأمين العام لمجمع التقريب: "إننا سنصلح الأجواء الافتراضية، وسنواجه الأعداء فى ساحات الثقافة والاقتصاد، وسنواصل السير فى نهج الثورة الإسلامية حتى النهاية".
مسيرات مؤيدة للنظام
وقابلت دعوت الاحتجاج فى إيران على الفقر والغلاء المعيشى وارتفاع الأسعار والاقتصاد المتدهور، مسيرات وتجمعات مؤيدة للنظام خرجت فى الذكرى الثامنة للتصدى لاحتجاجات عام 2009 عقب انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، أو ما أصبح يعرف فى إيران بيوم (9 دى) التى وصفه المسئولين بيوم القضاء على الفتنة.
وعادة ما يخرج فى المسيرات المؤيدة للنظام قوات وأعضاء الباسيج والحرس الثورى، رافعين شعارات تندد بما وصفوهم قادة الفتنة (الزعماء الإصلاحيين)، وبحسب وكالة فارس احتشد مواطنين بجانب طلبة الجامعات فى مصلى العاصمة، مرددين شعارات تدعم النظام وولاية الفقيه.
مسيرات مؤيدة للنظام
واشنطن تدخل على الخط وتدعم المحتجين
أما الرئيس الأمريكى الذى يناصب إيران العداء منذ صعوده إلى سدة الحكم العام الماضى، لم يفوت الفرصة فى دعم المحتجين، وعلق دونالد ترامب، على الاحتجاجات بالقول: إن هناك "الكثير من التقارير حول مظاهرات سلمية لمواطنين إيرانيين فاض بهم الكيل من فساد النظام وتبديده لثروات البلاد فى تمويل الإرهاب في الخارج".
وأضاف "ترامب" فى تغريدة له فجر السبت: "على الحكومة الإيرانية احترام حقوق شعبها، بما فى ذلك حق التعبير.. العالم يراقب".
من جانبها، أصدرت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، هيثر نورت، بيانا مكتوبا حول الأوضاع في إيران قالت فيه إن الوزارة "تتابع التقارير حول وجود العديد من الاحتجاجات السلمية لمواطنين إيرانيين فى مدن عدة، مضيفة أن قادة إيران "حولوا البلاد من دولة ثرية مع تاريخ غنى وحضارة إلى دولة منهكة اقتصاديا تصدّر بشكل رئيسى العنف وسفك الدماء والفوضى".
وتابعت نورت بالتذكير بما سبق للرئيس ترامب قوله حول إيران ووصفه لشعبها بأنها "الضحية التى عانت أكثر من سواها" جراء ممارسات قيادة البلاد، وأدانت واشنطن بشدة اعتقال المحتجين السلميين فى إيران، داعية كل الدول إلى إعلان التأييد العلنى للشعب الإيرانى فى مطالبته بحقوقه الرئيسية وإنهاء الفساد.
ولفتت نورت فى بيانها إلى الشهادة التى سبق لوزير الخارجية الأمريكية، ريكس تيلرسون، أن قدمها في الكونجرس يونيو الماضى حول الوضع فى إيران، وقوله إنه يدعم العناصر الموجودة داخل إيران والتى "ستقود نحو تغيير سلمى فى الحكومة"، مشددة على أن تيلرسون مازال متمسكا بدعم الشعب الإيرانى.
نجل شاه إيران المنفى يدعو لمواصلة الاحتجاجات
فيما كتب نجل شاه إيران السابق، رضا بهلوى والمنفى إلى خارج إيران، رسالة إلى المحتجين، عبر حسابه على تليجرام وفيس بوك، اعتبر فيها أن الاحتجاجات صرخة حق للشعب الإيرانى ضد الظلم والجور المتفشيان فى البلاد، وتدل على إدارك ومعرفة الإيرانيين بحقوقهم، معتبرا أنه لا يوجد سبيل سوى رضوخ النظام الذى وصفه بالإجرامى أمام إرادة الشعب الإيرانى.
♦️ در انتهای این فیلم از تجمع «نه به #گرانی» در #مشهد، یکی از زخمی شدگان در اثر حمله #پلیس نشان داده می شود. معترضان علیه #روحانی و نهادهای حکومت #ایران نیز شعار دادند. عکس و فیلم های خود را به آدرس 👈 https://t.co/EJ5AlfA7R1 بفرستید pic.twitter.com/wxcHxWqwYV
— VOA Farsi (@VOAIran) December 28, 2017
الحرس الثورى يحمل أمريكا وبريطانيا وإسرائيل المسئولية
وحمل الحرس الثورى كلا من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل المسئولية، ودعا الإيرانيين إلى "تعزيز الوحدة واليقطة والوعي الوطنى لإحباط مؤامرات الأعداء".
وجاء ذلك فى بيان أصدره الحرس الثورى بمناسبة الذكرى الثامنة لمظاهرات 30 ديسمبر 2009 خرجت إلى الشوارع ردا على احتجاجات أخرى مناهضة للسلطات، وذلك على خلفية فوز الرئيس السابق أحمد نجاد فى انتخابات الرئاسة على منافسه الرئيسى مير حسين موسوى.
وشدد البيان على أنه "بعد مضى 8 سنوات من فتنة عام 2009، فإن إعادة قراءة الدروس والعبر لهذا الحدث الهام والمؤثر يعد أحد المتطلبات الضرورية فى مسيرة تكامل الثورة وتقدم الشعب الإيرانى، وفى حالة التغافل عنها يجب توقع ظهور مؤامرات وفتن أكثر تعقيدا ضد النظام والوطن الإسلامى".
ووصف البيان "الظروف الراهنة بأنها خطيرة، رغم استمرار الجبهة المتحدة بالتنوير ضد العناصر المعادية للثورة فى الداخل والخارج".
وحمّل البيان "الثالوث الخبيث" (وهى الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا) بالتعاون مع الأنظمة الرجعية في المنطقة المسؤولية عن انتهاج "استراتيجيات خفية وعلنية" وتشويه الحقائق التاريخية و"تطهير أصحاب الفتنة والبغاة ضد النظام"، وذلك من خلال عمليات نفسية واسعة "لقلب الحقائق والإيحاء بمؤشرات خاطئة ومنحرفة".
وشدد البيان على أن "اليقظة والنظرة الثاقبة لإفشال مخططات الأعداء المشئومة" تعتبر من الأولويات الراهنة لمحبي الثورة وكل إيرانى يسعى إلى استقلال وعظمة بلاده.
كرمانشاه ميدان آزادى
ميدان الساعة فى تبريز