علامات استفهام كثيرة أحاطت بقرار جواتيمالا نقل سفارتها للقدس، سيرا على خطى ترامب وفى تحدٍ واضح للمظاهرات التى خرجت بدول العالم المختلفة رافضة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أعلنت جواتيمالا الإصرار على قرارها الذى اتخذته الأسبوع الماضى، مؤكدة على أنها لن تتراجع عنه، وهو ما شددت عليه وزيرة الخارجية ساندرا خويل، مشيرة إلى أن قرار الرئيس جيمى موراليس نقل سفارة جواتيمالا فى إسرائيل إلى القدس لا رجوع عنه، داعية إلى احترام قرارات بلادها.. والسؤال لماذا قرر جيمى موراليس رئيس جواتيمالا الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل الآن؟
قبيل إعلان رئيس جواتيمالا قراره أجرى موراليس، الذى كان ممثلا كوميديا قبل دخوله عالم السياسة، محادثة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو، وتناولا خلالها موضوع نقل السفارة إلى القدس، حيث أشار موراليس إلى أن أحد المواضيع الأكثر أهمية كان عودة سفارة جواتيمالا إلى القدس، لهذا السبب أنا أعلمكم بأنى أصدرت تعليمات إلى وزارة الخارجية لتبدأ التنسيق الخاص اللازم لتحقيق ذلك.
وقالت وزيرة خارجية جواتيمالا، خلال مناسبة للاحتفال بذكرى انتهاء الحرب الأهلية بجواتيمالا: "قرار تم اتخاذه. لن يتم التراجع عنه"، وأضافت في رد على الانتقادات، أن الحكومة الجواتيمالية تحترم كثيرا المواقف التى اتخذتها الدول الاخرى ونعتقد أن الآخرين يجب أن يحترموا القرارات التى اتخذتها جواتيمالا.
وأكدت ساندرا خويل، على أن قرارها اقتداء بالولايات المتحدة، وسيادى لا ينبغى أن يؤثر فى علاقاتها بأى دولة أخرى، مضيفًا: "نحن مهتمون بالتحدث إلى الدول التى تنظر إلى الأمر على هذا النحو، لكنى اعتقد أنه لا ينبغى أن تكون هناك أى مشكلة مع الدول الآخرى".
فساد متراكم ورغبة فى الحماية الأمريكية
سبق أن اتخذ رئيس جواتيمالا السابق راميرو دى ليون كاربيو (حكم بين 1993 و1996) قرارا بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، لكنه سرعان ما تراجع عن قراره، بعدما أغلقت الدول الإسلامية أسواقها أمام البضائع الجواتيمالية.
رئيس جواتيمالا
وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد نشرت تقريرا فسرت فيه قرار جيمى موراليس ـ الرئيس الـ37 لجواتيمالا، المفاجئ بنقل سفارة بلاده للقدس بأنه محاولة للهروب من مشاكله الداخلية الطاحنة وتشتيت الانتباه عنها، حيث أن نجله خوسيه، وشقيقه الأكبر ومستشاره المقرب، سامى موراليس، متورطان فى قضايا فساد، وتم القبض عليهما فى يناير 2017 بتهمة غسيل الأموال.
القدس
وفى أغسطس 2017، وصلت الأزمة السياسية ذروتها فى جواتيمالا، بعدما قرر موراليس عزل رئيس لجنة لمكافحة الفساد التابعة للأمم المتحدة وتدعمها الولايات المتحدة، والتى تحقق فى مصادر تمويل حملة الرئيس، قبل أن تعلن المحكمة الدستورية فى جواتيمالا وقف هذا الأمر الرئاسى، وهو ما تبعه موجة من الاستقالات من حكومة موراليس، كما سارعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا إلى انتقادها.
ولم يكن الفساد وحده وراء قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بل أن المساعدات الأمريكية التى تمثل جزءا مهما من دخل جواتيمالا كان عامل ضغط أساسى دفعها للاعتراف بالقدس، وقدرت المساعدات الأمريكية لجواتيمالا فى 2016 بحوالى 300 مليون دولار أمريكى، بعدما كانت حوالى 138 مليون دولار فى 2015.
من جانب آخر أشار مركز أبحاث "بيو" الأمريكى، إلى أن أكثر من 82% من شعب جواتيمالا يؤيدون السياسية الأمريكية العالمية، وسبق أن أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية فى بيان لها على موقعها الإلكترونى الرسمى العام لماضى، أن جواتيمالا "حليفة" للولايات المتحدة.
جذور التطبيع الأولى
وتربط جواتيمالا وإسرائيل علاقات حميمية قائمة على المصلحة، وظهر هذا جليا فى تأييد نتنياهو لقرار موراليس الأخير بنقل السفارة، فقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، إيمانويل نحشون، فى تغريدة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر": "شكرا جزيلًا على قرار جواتيمالا المهم بنقل السفارة إلى القدس، لتحيا الصداقة القوية بيننا وبينكم".
وتعود العلاقات المشتركة بين تل أبيب وجواتيمالا إلى عام 1971 خلال رئاسة الكولونيل كارلوس آرانا أوسارى، وفى عام 1974، وقعت إسرائيل مع جواتيمالا أول اتفاقية تصدير أسلحة بينهما.
وقالت الصحفية الإسرائيلية مارينا سموليانوف، فى مقال نشرته بصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، فى أبريل عام 2014، بعنوان "إسرائيل وجواتيمالا.. علاقة صداقة حميمة مفاجئة"، إن بصمات إسرائيل داخل جواتيمالا قوية للغاية.
وكانت جواتيمالا من أوائل الدول التى اعترفت بإسرائيل، وأقامت لها سفارة فى القدس عام 1955، وفى ثمانينيات القرن الماضى تم نقل البعثة الدبلوماسية الجواتيمالية إلى تل أبيب.
موراليس ونتناياهو
وصوّتت لصالح قرار تقسيم فلسطين الذى اتخذ بأغلبية 7 أصوات من 11 صوتًا، كما صوتت ضمن 33 مندوب دولة لصالح خطة التقسيم فى 1947، وفى نوفمبر 2016، أجرى رئيس جواتيمالا، جيمى موراليس، أول زيارة خارجية له منذ توليه الرئاسة لإسرائيل، ووصفتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بأنها "زيارة تاريخية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة