عاش العالم وسط زخم من الأحداث على مدار 365 يومًا من عام 2017، الذى كان من أكثر أعوام القرن العشرين سخونة فى وقع أحداثه، فحل العام المنصرم شاهدًا على صعود رؤساء جدد لدول عظمى، ونهاية عهود آخرين، وكذا عاصر تفاوت مؤشرات بورصة الإرهاب والجرائم من الزهو والقوة إلى الانكسار أمام الجيوش النظامية وإرادة الشعوب، وفى المقابل كان هناك جرائم من بعض الحكومات تجاه شعوبها تمثلت فى الاضطهاد والتطهير العرقى.
ولم يخل العام 2017، من الكوارث الطبيعية، والتصعيد العسكرى والتهديدات النووية المتزايدة، والتى تأتى الولايات المتحدة، طرفًا فى كافة نزاعاتها، هذا إضافة إلى وجود تهديدات مناخية للكرة الأرضية فى تظل تعنت أمريكى رافض الاستمرار فى اتفاقية المناخ، الموقعة فى باريس، وفى ظل كل هذه الملفات الشائكة المتعلقة بأحوال الكرة الأرضية والشعوب فى مختلف أنحائها، توجب أن نقدم عرضًا لأهم القضايا والأحداث التى كان العام المنصرم شاهدًا عليها تاريخيًا.
2017 عام تغريدات ترامب
وفى هذا الصدد، كان للولايات المتحدة نصيبًا كبيرًا من أحداث العام، والبداية فى 20 يناير، حيث أصبح الملياردير الأمريكى دونالد ترامب، البالغ من العمر 70 عامًا، رئيسا للولايات المتحدة من خلال شعار "أمريكا أولًا"، فى ولاية سممت انطلاقتها شبهات بالتآمر مع روسيا.
وانكب ترامب، فى تغريداته الصباحية الواحدة تلو الأخرى على إبطال إنجازات سلفه الديمقراطى باراك أوباما، فانسحب أو هدد بالانسحاب من عدد من الاتفاقات الدولية (التبادل الحر، المناخ، الهجرة الصحة، يونسكو)، ليس هذا فقط، بل فى 6 ديسمبر، أثار ترامب، صدمة حول العالم معلنًا الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
مؤشرات مقلقة بشأن المناخ بعد خروج أمريكا من اتفاقية باريس
ولم تقتصر أفعال ترامب المثيرة على منطقة الشرق الأوسط فقط، بل شملت العالم أجمع، فبعد عامين على إبرام اتفاقية باريس للمناخ، شهد العام 2017، فى الأول من يونيو، إعلان الإدارة الأمريكية الانسحاب من الاتفاقية، فيما واجهت مناطق مختلفة حول العالم سلسلة كوارث مناخية منها (أعاصير عاتية، زلازل، وحرائق كاسحة)، وهذا فى وقت يتوقع أن يرد هذا العام بين السنوات الثلاث الأكثر حرارة المسجلة على الإطلاق فى العالم.
صدمة فى الأوساط الأمريكية بسبب فضحية هارفى واينستين
وفى الداخل الأمريكى، أيضًا، اتهم عدد من النساء، فى 5 أكتوبر، المنتج الذى يتمتع بنفوذ هائل فى هوليوود، هارفى واينستين، بالتحرش الجنسى، وفى تبعات الفضيحة تكثفت المعلومات عن اعتداءات جنسية وتحرش واغتصاب فى بلدان كثيرة وطالت إلى جانب السينما، عالمى الإعلام والسياسة.
انطلاق قطار بريكست
وفى القارة العجوز، بدأت لندن، فى 29 مارس، آلية للخروج من الاتحاد الأوروبى، هى قانون "بريكست" وذلك بعد 9 أشهر على استفتاء بشأنه أثار انقسامًا فى البلاد، وفى 8 يونيو، دعت رئيسة الوزراء المحافظة، تيريزا ماى، إلى انتخابات تشريعية مبكرة على أمل تعزيز موقعها فى البرلمان، لكنها خرجت منها أكثر ضعفا، وبعد أشهر من المشاورات اتفقت بروكسل، ولندن، فى 8 ديسمبر، على ترتيبات الانفصال ما فتح المجال أمام بدء مناقشات تجارية.
ماكرون يزيح الحزب الحاكمين الكبيرين فى فرنسا من الإليزيه
وتحت المظلة الأوروبية، أيضًا، كانت القارة على موعد مع زعيم شاب جديد لإحدى أقدم دولها، ففى 7 مايو، فاز الوسطى الموالى لأوروبا، إيمانويل ماكرون، البالغ من العمر 39 عامًا فى الانتخابات الرئاسية بفارق كبير عن مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، وتمكن على رأس حركته "إلى الأمام!" - التى انشئت قبل عام - من إزاحة الحزبين الحاكمين الكبيرين فى فرنسا للمرة الأولى عن الإليزيه، أى الحزب الاشتراكى والجمهوريين.
التاج الإسبانى يفرض الوصاية على إقليم كتالونيا
وقبل مغادرة القارة الأوروبية لتناول أحداث قارة أخرى، يجب الإشارة إلى الاستفتاء الذى نظمه إقليم كتالونيا الإسبانى، فى الأول من أكتوبر، فى دعوة للاستقلال عن التاج الإسبانى، وذلك رغم منعه بقرار من القضاء الإسبانى.
وفى تطور سريع، أعلن البرلمان الكتالونى، يوم 27 أكتوبر، الاستقلال من جانب واحد، فردت مدريد بوضع الإقليم تحت وصايتها، وأقالت حكومته، وحلت برلمانه، قبل الدعوة إلى انتخابات مبكرة فى الإقليم، فيما لجأ الرئيس الكتالونى المقال كارلس بوجديمونت، إلى بروكسل، هربًا من الملاحقات القضائية.
أحداث ساخنة تسبب غليان فى الشرق الأوسط
وانتقالًا إلى منطقة الشرق الأوسط، حيث ميدان عمليات أكثر القضايا سخونة حول العالم، خاصة فيما يتعلق بالإرهاب، أعلنت دول الرباعى العربى - مصر والسعودية والبحرين والإمارات - فى 5 يونيو، قطع العلاقات مع قطر لدعمها مجموعات إرهابية متطرفة، إضافة إلى تقاربها مع إيران، الساعية لدعم الميليشيات المتطرفة لإثارة الفتن وزعزعة أمن واستقرار دول المنطقة.
وفى السياق ذاته، وخلال شهر نوفمبر، أعلن رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى، استقالته – سحبها لاحقًا - من الرياض، متهمًا طهران بالتدخل فى شئون بلاده، ما ضاعف التوتر بين السعودية وإيران، كما تعتبر السعودية أن إيران تقف وراء تمرد الحوثيين فى اليمن، الأمر الذى تنفيه طهران.
وفيما يتعلق بالقضية الأولى على رأس اهتمامات دول الشرق الأوسط، والعالم أجمع، حدث تطور خطير بعد صدور قرار ترامب، بشأن القدس، واعتراف واشنطن بالمدينة عاصمة لإسرائيل، الأمر الذى أثار غضب الشعوب العربية والعالم، ونتج عنه تظاهر عشرات آلاف العرب والمسلمين والناشطين المؤيدين للقضية الفلسطينية حول العالم فى مسيرات وتظاهرات أحرقت خلالها أعلام الولايات المتحدة، وإسرائيل، وداس فيها متظاهرون على صور ترامب، كما اندلعت مواجهات فى الأراضى الفلسطينية بين متظاهرين فلسطينيين والأمن الإسرائيلى، فيما دعت حركة حماس إلى انتفاضة ثانية.
انهيار اقتصادى فى فنزويلا
وفى قارة أمريكا الجنوبية، انتخبت جمعية تشريعية تتمتع بسلطات محدودة فى استحقاق قاطعته المعارضة، فى 30 يوليو، وذلك بعد 4 أشهر من التظاهرات العنيفة، وأقالت الجمعية، المدعية العامة لويزا أورتيجا، المعارضة الشرسة للرئيس نيكولاس مادورو، ثم منحت نفسها سلطات البرلمان، فيما تستمر المظاهرات العنيفة والدموية ضد الرئيس الحالى، مطالبه برحيله عن الحكم، وفى هذا الصدد تعيش فنزويلا حالة من الانهيار الاقتصاد، حيث قفز معدل التضخم فى فنزويلا بنسبة 1369% فى الفترة من يناير إلى نهاية نوفمبر الماضى، كما أن الأسعار ارتفعت بنسبة 56.7% فى نوفمبر، وقدرت الهيئة التشريعية، أن التضخم للعام 2017 بكامله سيتجاوز 2000%.
كوريا الشمالية تتحدى العالم بصواريخها الباليستية
وفى قارة آسيا، هناك تحدٍ يهدد العالم بأكمله، وذلك وسط التصعيد المتزايد من كوريا الشمالية، وتوالى تجاربها النووية التى تثير غضب الجميع وعلى رأسهم الولايات المتحدة، ونفذت "بيونج يانج"، تجربتها النووية السادسة، فى 3 سبتمبر، وهى التجربة الأقوى فى سلسلة تجارب صاروخية كثفها الشطر الكورى الشمالى، مؤخرًا.
وفى آخر نوفمبر الماضى، أعلن الزعيم الكورى الشمالى، كيم جونج أون، أن بلده أصبح دولة نووية بعد تجربة ناجحة لصاروخ قادر على ضرب أى موقع فى الولايات المتحدة، وفى المقابل، رد ترامب بالتهديد بـ"التدمير التام" لكوريا الشمالية فى حال هجومها.
"تطهير عرقى" للروهينجا فى ميانمار
وفى بقعة أخرى بذات القارة، شن الجيش فى ميانمار، حملة تطهير عرقى ضد أقلية الروهينجا المسلمة، وذلك بعد هجمات فى أواخر أغسطس على مراكز للشرطة البورمية، وعلى أثر استخدام القوة العسكرية الغاشمة فر أكثر من 800 ألف شخص من أفراد هذه الأقلية من بورما إلى بنجلادش، وأثارت تلك الأعمال الوحشية غضب العالم أجمع، فيما نددت الأمم المتحدة بعمليات التطهير العرقى، بينما وصفتها المفوضية العليا لحقوق الإنسان، بأنها"إبادة".
انكسار شوكة "داعش" فى الشرق الأوسط
وفى ميدان مكافحة الإرهاب، أعلنت بغداد، فى 9 ديسمبر، الانتصار على تنظيم "داعش"، فى العراق، لكن عسكريين أكدوا أن التنظيم ما زال يشكل خطرًا على هذا البلد، أما فى سوريا خسر التنظيم الجزء الأكبر من الأراضى التى سيطر عليها، وعاد فى مطلع ديسمبر إلى محافظة إدلب، فى الشمال الغربى للبلاد، وإلى جانب هذين البلدين تعرضت دول كثيرة بينها السويد وبلجيكا وإسبانيا وأمريكا وبريطانيا، لهجمات دامية جديدة نفذها التنظيم الإرهابى على مدار العام.
سقوط "موجابى" فى زيمبابوى
وكان للقارة السمراء نصيبًا أيضًا من أحداث العام المنصرم، ففى 21 نوفمبر، استقال روبرت موجابى، البالغ من العمر 93 عامًا، بعد 37 عامًا فى الحكم، بعدما تخلى عنه الجيش وحزبه، وتعرض لضغوط للاستقالة بعد عملية أمنية للجيش، ردًا على إقالة نائب الرئيس إيمرسون منانجاجوا، الذى خلفه فى الرئاسة، وعلى صعيد تلك الأزمة، عاد "منانجاجوا"، إلى زيمبابوى، وشغل منصب الرئيس خلفًا لموجابى، الذى تنازل عن الحكم مقابل صفقة للخروج الآمن.