صدقت مقولة القائل ( عند الشدائد تعرف الرجال )، فالشدة هى (المفرزة ) الحقيقية لمعادن الناس ولهذا يقول أحدهم ( جزا الله الشدائد عنى كل خيرِ .. تعلمنى عدوى من صديقى )، ثم أننى أكرر مراراَ وتكراراَ أن هناك فارقا كبيرا بين أن تكون ذكر من أن تكون رجل، فالرجل صفة وسلوك قلما تواجد فى عصر اختلت فيه موازين القيم والسلوكيات فكادت أن تندثر صفة الفروسية التى هى من أهم صفات الرجولة.
لكنى اليوم أقر وبشكل علنى أننا ولله الحمد مازلنا بخير، فمازال عندنا المروءة والفروسية و ( الفزعة ) كما يسميها أبناء البادية، فما حدث من أبناء سيناء وأبناء الإسماعيلية بعد الهجوم الغادر على مسجد الروضة بشمال سيناء قطع الشك باليقين بأننا شعب كان ومازال يحمل جينات المروءة والكرم والفروسية، فما أن وقع الحادث الأليم الذى هز العالم بأثره إلا وانتفض أبناء القرى المجاورة لقرية الروضة فقابلهم سيل من أهل الفزعة والمروءة من أبناء مدينة ( بئر العبد ) فتحول الجميع إلى بوتقة واحدة فكان الموقف العظيم الذى يذكرك بوقفة المصريين المتلاحمة إبان حرب أكتوبر العظيم.
فقد تبارى الرجال والنساء، والكبير والصغير فى محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه بل وأكاد اجزم أن بعض الناس تحول لطبيب فى سويعات قليلة ليتقن علاج المصابين وكان التبرع بالدم هو أقل شيء صنعه أولئك الناس فى سابقة ليست بجديدة على أبناء سيناء الذين كانوا ومازالوا أهل وفاء وانتماء لتراب هذا الوطن الغالى رغم نعيق المشككين ونباح المتآمرين، فهم يثبتون يوماَ بعد يوم أن هذا الجسد المصرى الواحد لن تفرقه أحقاد ولا ترهلات فكرية عقيمة.
ثم ننتقل بالمشهد إلى ( محافظة الإسماعيلية ) حيث تم تحويل معظم حالات الإصابة للمستشفيات فيها فكانت سيول البشر التى تتدفق نحو المستشفيات التى بدأت تتلقى المصابين فى مشهد معبر يعيد لذاكرتك ما مر على مصر من أزمات ( فقوت ) نسيج هذا الشعب المضياف الذى يتوحد عند الشدة ويظهر معدنه الطيب فى أحلك الظروف فكانت كميات ( الدم ) التى تم التبرع بها قياسية فى توقيت بسيط مما يذكرك بتقديم المصرى اعز ما يملك عندما يجد وطنه يحتاجه .
ولن أنسى أو أتناسى التحرك السريع من السيد الرئيس ( عبد الفتاح السيسى ) الذى قام بالاجتماع بالقيادات الأمنية فى ساعة الحدث ووجه بتذليل كل الصعاب أمام المصابين وأسرهم مما سهل تعقيدات كثيرة كان من الممكن أن يسببها الروتين المقيت الذى مازلنا نعانى منه مما كان له مردود جيد لدى أهالى المصابين ثم أمره بتعويضات فورية ودعم معنوى أنتج حراكاَ عند المحنطين فى مكاتبهم.
أقدم اعتذارى للقارئ العزيز على إطالة المدح والإطراء إلى هؤلاء الناس رغم علمى انه واجب إنسانى ودينى وأخلاقى عليهم ولكن تذكرت القول الشهير ( من لم يشكر الناس لا يشكر الله )، فقربى من الحدث واختلاطى بضحايا المذبحة فى مسجد الروضة وسماعى لما حدث بنفسى اوجب على أن انقل الصورة من اتجاهات مختلفة لنعطى كل ذى حق حقه فشكر المعروف من أسباب استمراره ولتتناقل الأجيال الحالية والقادمة أن المواقف تصنع الرجال والتاريخ أيضاَ.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة