خالد صلاح يكتب: الحلول الإسلامية للقدس.. إعادة إنتاج الصراع بين المدنية والإسلام..رسول الله كان يستجير بالكافرين فى مرحلة الدعوة الأولى بمكة المكرمة..وخطط لمشروع المواطنة فى يثرب بمؤاخاته بين المهاجرين والأنصار

السبت، 09 ديسمبر 2017 09:00 ص
خالد صلاح يكتب: الحلول الإسلامية للقدس.. إعادة إنتاج الصراع بين المدنية والإسلام..رسول الله كان يستجير بالكافرين فى مرحلة الدعوة الأولى بمكة المكرمة..وخطط لمشروع المواطنة فى يثرب بمؤاخاته بين المهاجرين والأنصار الكاتب الصحفى خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القدس
 
 
مر يومان منذ قرار ترامب نسمع فيهما مجدداً هؤلاء الذين يقولون لنا، إن ما جرى فى ملف القدس حدث بسبب بُعد المسلمين عن الإسلام وعدم قيام الدولة الإسلامية فى بلاد العرب، إنها التجارة القديمة نفسها التى ضيعت هذه الأمة قرونا سحيقة، التكفيريون ونظراؤهم من جماعات الإرهاب لا تريد القدس ولا تحن قلوبهم للمسجد الأقصى، لكنهم يدمنون تجارة السلطة، واستغلال المقدسات للحرب على الأنظمة العربية.
 
تجارة رخيصة بالمقدسات يصرفون بها أنظار المسلمين عن جوهر القضية، ويضللون الناس لتسويق بضاعتهم بأن كل ما نحن عليه غير إسلامى، وأننا لو عدنا إلى الإسلام «النسخة الخاصة بالإخوان وداعش» فستعود لنا كرامتنا الضائعة.
 
تضليل مستمر ينبغى أن نحاربه مبكراً فى الداخل كما نحارب لحماية القدس فى الخارج.
 
هذه هى الحرب الكبرى فى تقديرى، وكنت قد تصديت لها فى مقال سابق حول العلاقة بين الدولة الإسلامية والدولة المدنية وأقول لكم بوضوح، لو كان نبى الله محمد - صلى الله عليه وسلم - بيننا لم يكن ليرفع المصاحف على أسنة الرماح دفاعاً عن القدس، لكنه كان سيفكر ويخطط للأدوات التى نمتلكها فى المواجهة، النبى محمد - صلوات الله عليه - لم يكن يحارب بالدعاء وحده، أو بالتمييز بين ما هو إسلامى وما هو غير ذلك فى فنون العمل السياسى والعسكرى. 
 
من قال لك يا أخى، إن الدولة الإسلامية تقف على طرف نقيض مع المدنية والليبرالية والحداثة والعلم والتطور، انظر أنت إلى الاستراتيجية التى اعتمد عليها النبى محمد - صلى الله عليه وسلم - فى تأسيس دولته البكر فى يثرب، انظر وتأمل لتعرف أن محمدا النبى كان رمزا للمدنية والحداثة، وكان رسولا للعقل والتنوير، وكان قائدا سياسيا يعرف الحدود التى يقف عندها الوحى ليعمل عندها العقل، ويعرف هو وصحابته الكرام من بعده الأسوار التى لا يجوز للعقل أن يتجاوزها احتراما للوحى وتقديسا لكلمة الله العليا.
 
ما فعله النبى محمد صلوات الله عليه فى المدينة المنورة هو إعجاز مدنى وسياسى فى بيئة كانت قد خاصمت العقل ووهبت نفسها للبداوة والجهل، ولا يعقل أن يكون المطروح حاليا من مشروعات ينسبها أصحابها، وهمًا، إلى الإسلام، هى التى تدعو إلى البداوة والجهل لا إلى العقل والمدنية والعلم.
 
 رسول الله كان يستجير بالكافرين ضد الكافرين فى مرحلة الدعوة الأولى على أرض مكة المكرمة، كان الواقع يفرض عليه أن يستنصر بأحد الكافرين فى مواجهة جحود مشركى قريش وغلظتهم على النبى، ولو فعلها أحد من المسلمين الآن لطاردته حملات التكفير حتى أخرجته من الملة وحكمت عليه بالموت.
 
 رسول الله هو الذى أرسل الجيل الأول من المسلمين إلى الحبشة ليكونوا فى حماية حاكم مسيحى لدولة مسيحية، ولو فعلها أحد من المسلمين اليوم لشكك الأصوليون الجدد فى عقيدته وطعنوا فيه بمقاييس الولاء والبراء.
 
 رسول الله هو الذى رسم وحده خطة الخروج من مكة إلى المدينة، وعقد التحالفات مع أهل يثرب سرا قبل أن ينقل تحالفه معهم إلى العلن، ولم ينتظر البراق ليحمله شمالا حيث يثرب، ولم ينتظر جبريل - عليه السلام - ليقوده فى الصحراء، كانت الهجرة توجيها إلهيا، لكن التخطيط والتنفيذ كان فعلا بشريا خالصا.
 
 رسول الله هو الذى خطط لمشروع «المواطنة» فى يثرب بمؤاخاته بين المهاجرين والأنصار، وبتحالفاته المتعددة مع اليهود داخل المدينة.
 
 رسول الله هو الذى قرر ملاقاة جيش قريش فى بدر بعيدا عن حدود دولته الوليدة ليحمى النساء والأطفال، ويحمى المكسب السياسى الذى أشعل قلوب مشركى مكة بالغضب والحسرة.
 
 رسول الله هو الذى أقر علنا أمام صحابته أنه لا علاقة للوحى بهذه الحرب، حين أمر بأن يخيم جيشه قبل بئر بدر، وحين سأله بعض صحابته إن كان هذا القرار من الوحى أم أنها الحرب والمشورة، فقال: صلوات الله عليه: «إنها الحرب والمشورة»، ونزل عند نصيحة صحابته الخبراء فى الحرب، وعسكر بعد بئر بدر، ليحرم جيش المشركين من ورود المياه.
 
 رسول الله هو الذى عانى من هزيمة قاسية فى «أحد»، بعد أن خالف الجنود خطته الحربية فى مواجهة جيش قريش، لم يكن للدين الجديد ولا للوحى علاقة بالهزيمة، كانت الخطط والتنفيذ هى نقاط القوة أو الضعف فى المشروع النبوى للاستقرار السياسى فى دولته الحديثة.
 
 رسول الله هو الذى قرر حفر الخندق حول المدينة ليحمى دولته خوفا من بطش جيوش «الأحزاب»، ولم يترك الأمر للملائكة، ولم ينتظر الوحى ليقرر ما هو الأصلح لأهل يثرب فى مواجهة هذا الجيش الغازى.
 
 رسول الله هو الذى وقع صلح الحديبية الذى نص على أن كل من يسلم من أهل قريش يجب أن يبقى فى قريش ولا يقبله النبى إن هاجر إلى المدينة المنورة، وأن كل من يكفر من أهل المدينة يجب أن يسمح له النبى بالعودة إلى قريش بلا أذى، ولو أن اتفاقا بهذا المحتوى وقعه زعيم سياسى مسلم اليوم لخرج عليه قومه بالثورة «دفاعا عن كرامة الدين»، ولاغتاله حرسه الخاص أو حفنة من جنوده.
 
 رسول الله هو الذى قال لأهل يثرب: «أنتم أعلم بأمور دنياكم»، ولم يقحم الدين فى الزراعة والتجارة واقتصاديات الدولة وفنون الحكم والإدارة والحرب، وهو الذى اعتمد العقل والعمل فى إنشاء دولته الحديثة، ولم يخرج صحابته عن نهجه العقلانى العلمى فى الإدارة، فكان الإسلام أصلا واحدا، وكانت اجتهادات الصحابة بالغة التنوع فى أشكال الخلافة، وفى طبيعة الأعداء والأصدقاء، وفى صور الإدارة المالية والسياسية بين أقطار الأمة الإسلامية.
 
من يجرؤ بعد ذلك أن يجعل الحل السياسى مناقضاً للحل الإسلامى، وكأن الإسلام لا يعرف الأولويات التفاوضية وحسابات المكسب والخسارة وفنون تحقيق الأهداف الدينية والوطنية بالجدارة العقلية والتفاوضية، ومن يجرؤ بعد ذلك أن يقول إن هذا القرار السياسى من الإسلام، وهذا القرار السياسى ليس من الإسلام؟ ومن يجرؤ بعد ذلك أن يتصور أن دين الله وسنة نبيه أرادا لنا نهجا جامدا جافا بلا إدراك للمصالح المرسلة للمسلمين، وبلا فهم لما أراده الله لنا من رقى بالعقل والعلم؟
الإسلام نفسه هو الدين العقلى الليبرالى المدنى بشهادة التاريخ، والصحابة أنفسهم بتنوعهم فى أشكال الحكم والإدارة برهنوا على أن الوحى لم يأمرنا بأن نتبع نهجا دون غيره، لكنه أراد لكل ما نسلكه من طرائق شتى، وسبل متعددة فى بناء الدولة وتنظيمها وتحديثها أن نتحرى العدل، وأن نزن الأمور بالقسطاس المستقيم.
 
أقول لك.. كلما غاب العقل وتاجر سياسيون باسم الله وباسم العدل.. فاعلم أنه لا إسلام ولا دولة إسلامية!!
وأينما كان العقل والعدل معا فأنت فى رحاب دولة الإسلام.
 
وكلما خططنا بحكمة وعقل وضغوط محسوبة فسننتزع حقوقنا فى القدس دون أن يضللنا تجار القدس.
 
فلسطين
 

 

انتفاضة القدس
 
 
خالد صلاح
 

 










مشاركة

التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

الخليلي

القدس الي اين

بعد هذا الخطاب المتعارف ترامب بخصوص القدس الي انه ان الاخوان المسلمين ان ينجحوا خلافاتهم ويتوحدوا ولو مره واحده من أجل بحث هذه المشكله وابتعد قليلا عن الامانه والشجب وما الي ذلك ونحاول الوصول الي حل قوي وفعال يجبر الثور الأمريكي الي العدول عن تصريحاته العقاريه ويعيد الأمور الي نصابها

عدد الردود 0

بواسطة:

الحل فى الدوله المدنيه الحقيقيه

مقال ممتاز ومعلوم أن الدين الاسلامى بدأ بأقرأ يعنى العلم و22 أيه تتكلم عن أستحدام العقل والفكر

الدين الأسلامى العظيم أساسه الليبراليه يعنى حرية الفكر والراى أليس الفقهاء الأربع وأختلافهم فى أراءهم أكبر دليل على ليبراليتهم لكن تجار الدين يريدوا أن يكونوا أوصياء بين الأنسان وربه ووحدهم فقط الذى يتحدثوا ويفسروا الدين وطبعا بما يتماشا مع مصالحهم الشخصيه الذى توصلهم للسطله والمال وطبعا الأحتفاظ بهما على الأقل 500 سنه كمثل ماكانو بيقولوا الأخوان الأرهابيين فى سنه حكمهم السوداء

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد سليم

مشكلتنا التى بلا حل

نحن لا نقبل ببعضنا البعض.الاختلاف افتراق بلا عودة.لا مجال لقبولنا ببعضنا.بعد ان حاربت اوربا بعضها لقرون انتهت لقبول بعضهم البعض و اتفاقهم على مصالحهم اى ان ياخذوا ما بايدينا

عدد الردود 0

بواسطة:

Magda morgan

من لا يقراً كيف يسمع هذا الكلام المحترم ؟

هذة المقالة المحترمة لابد ان ترى النور فليس كلنا قارًى صحف و مواقع اخبارية سيدى انت تكتب لنا نحن الذين نعرف هذا الكلام حق المعرفة وظيفتك يا سيدى ان تنقل ما كتبت للنور للذين يحتاجون ان يسمعوا هذا الكلام حتى و ان لم يعترفوا به ربما يوما اللة ينير بصيرتهم و يعيدوا قراًته

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد لطفي مسعد إبراهيم

كلام منطقي وواضح يحتاج لخطة تثقيفية يتبناها كل المثقفون

هذا التخلف الفكري الذي نحن غارقون فيه من سنين طويلة أصبح موروثا كارثيا علي الأمة . ونحن في أمس الحاجة لانتفاضة فكرية واعية يتبناها أصحاب العقول المستنيرة بشرط عدم الهدم في ثوابت الدين حيث هذا الهدم يأتي بنتائج عكسية مثل الدعوة لخلع الحجاب ومثل هذا الكلام الخبيث الذي يدعم فكرة التطرف ويوهم الناس أن الحرب علي الإسلام . فنحن في حاجة للفكر والمفكر المستنير الذي يعرض قضايا الدين بواقعية والعمل علي استثمار الإمكانيات المتاحة وحسن استغلالها بدلا من هذا الصراخ الذي أودي بالأمة إلي الحضيض . ويجب إخراس كل من يهدم في الثوابت والرموز الإسلامة أمثال يوسف زيدان وفريدة الشوباشي وغيرهم وعلينا جميعا مسئولية إعادة الفهم الصحيح لهذا الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو إلي الاحتواء للكل مع اختلاف توجهاتهم .فنحن في حاجة لتوحد الجهود وتحديد الوجهة وترك المحاسبة علي ما في النفوس لعالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالي يوم القيامة يفصل بيننا فيما كنا فيه مختلفون .والله المستعان وعليه التكلان

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة