تشير الزيادة المطردة فى قيمة الجنيه المصرى وهبوط عائدات السندات الحكومية إلى أن الأسواق المالية فى مصر ربما بدأت تتحسن بعد الإجراء الحاسم الذى أخذه البنك المركزى للقضاء على السوق السوداء للدولار.
وارتفع الجنيه بقوة إلى 16.6 جنيه للدولار اليوم الثلاثاء مسجلا أقوى سعر له فى 13 أسبوعا ليبتعد كثيرا عن أدنى مستوى له بعد التعويم 19.8 جنيه الذى سجله فى 21 ديسمبر.
وحرر البنك المركزى سعر صرف الجنيه ورفع أسعار الفائدة الرئيسية 300 نقطة أساس فى أوائل نوفمبر وهو ما شجع صندوق النقد الدولى على الموافقة على اتفاق تمويل لمصر بقيمة 12 مليار دولار لأجل ثلاث سنوات فى وقت لاحق من ذلك الشهر.
ومنذ ذلك الحين انكمشت السوق السوداء للدولار بشكل كبير بعدما أصبحت أقل إغراء ليتجه الناس إلى تحويل العملة الصعبة من خلال النظام المصرفى.
وتزايدت أيضا التدفقات الدولارية على البنوك مع بدء عودة المستثمرين الأجانب الذين نزحوا بفعل انتفاضة 2011 وما أعقبها من عدم استقرار بينما نمت التحويلات الدولارية للمصريين فى الخارج بقوة.
وقال مصرفى فى القاهرة معلقا على زيادة التدفقات الدولارية "(التحويلات)... كانت تتجه إلى السوق السوداء لكنها الآن تحولت إلى النظام المصرفى. "
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط أمس الإثنين أن إجمالى التدفقات على النظام المصرفى فى مصر بلغ 12.3 مليار دولار منذ تعويم الجنيه.
لكن الاقتصاد لم يتجاوز أزمته تماما فى ظل قفزة التضخم بفعل تعويم الجنيه الذى أضر بشدة بالقوة الشرائية للمصريين الذين يعانون بالفعل من تداعيات سنوات القلاقل الاقتصادية والسياسية.
وارتفع التضخم الأساسى إلى 30.86 بالمئة فى يناير مسجلا أعلى مستوياته فيما يزيد على عشر سنوات.
ودعم صعود الأسعار السيولة الدولارية مع هبوط الطلب على العملة الصعبة من المستوردين فى ظل عزوف كثير من المستهلكين المصريين عن المنتجات الأجنبية واتجاههم لشراء مثيلاتها المحلية الأقل سعرا.
وفى مقابلة مع تليفزيون سى. بى. سى مساء الاثنين توقع وزير المالية المصرى عمرو الجارحى هبوط التضخم وقال أنه بلغ ذروته فى ديسمبرويناير .
وقالت كريستين لاجارد مديرة صندوق النقد الدولى يوم الاثنين أيضا أن مصر تحرز تقدما جيدا وإن عملتها ربما تتجاوز المرحلة الانتقالية وتتجه للاستقرار.
ومع زيادة الثقة فى الاقتصاد المصرى عاد المستثمرون الأجانب مجددا إلى شراء أدوات الدين الحكومية وهو ما دفع العائدات إلى الهبوط بشدة على مدى الأسبوعين الأخيرين.
وقال أحمد كوجك نائب وزير المالية لتلفزيون سى. بى. سى أن مصر شهدت استثمارات جديدة بنحو 500 مليون دولار فى البورصة وبحوالى مليارى دولار فى سوق الدين المحلية منذ التعويم.
وقال الجارحى أن الاستثمار فى أدوات الدين المصرية ارتفع إلى نحو 44 مليار جنيه من حوالى 15 مليارا فى يناير.
وأضاف أن هذا يعنى أن هناك ثقة فى الإصلاحات الاقتصادية وأن الناس يرون الآن أن المخاطر فى مصر بدأت تنحسر.