تستضيف القاهرة على مدار الأسابيع القليلة الماضية عدد من المسئولين الليبيين والشخصيات المؤثرة فى المشهد السياسى الراهن فى البلاد وهو التحرك الوحيد الجاد بين دول الإقليم، لنزع فتيل الأزمة فى البلاد ومعالجة نقاط الخلاف بين الفرقاء الليبيين لتجاوز الأزمة السياسية.
واحتضنت القاهرة عدة اجتماعات مع عدد من الشخصيات الليبية المهتمة بالشأن العام فى القاهرة، خلال يومى 12 و13 ديسمبر الماضى برعاية مصرية، حيث دار حوار مفتوح ومعمّق تمَّ خلاله التطرق إلى الأوضاع الراهنة فى ليبيا وتوافقوا خلالها الفرقاء الليبيين على وحدة التراب الليبى وحرمة الدم وأن ليبيا دولة واحدة لا تقبل التقسيم، وحدة الجيش الليبى إلى جانب شرطة وطنية لحماية الوطن والاضطلاع الحصرى بمسؤولية الحفاظ على الأمن وسيادة الدولة، ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة الليبية ووحدتها واحترام سيادة القانون، وضمان الفصل بين السلطات وضمان تحقيق العدالة، ترسيخ مبدأ التوافق وقبول الآخر ورفض جميع أشكال التهميش والإقصاء، رفض وإدانة التدخل الأجنبى وأن يكون الحل بتوافق ليبى، تعزيز وإعلاء المصالحة الوطنية الشاملة، المحافظة على مدنية الدولة والمسار الديمقراطى والتداول السلمى للسلطة.
وجرى نقاش مستفيض من المجتمعين على مدى يومين كاملين وبرعاية كريمة وحضور وإدارة من الفريق محمود حجازى رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وسامح شكرى وزير الخارجية، والذى تمَّ من خلاله استعراض جميع مراحل الأزمة وصولًا للاتفاق السياسى الذى تمَّ برعاية الأمم المتحدة وفريقها للدعم فى ليبيا، والذى اتفق الحاضرون على أنه أساسًا يصلح لحل الأزمة الليبية إذا ما تم إدخال بعض التعديلات على ما تضمنه من أحكام وملاحق ليكون من شأنه إنهاء حالة الانقسام التى تعيشها البلاد منذ العام 2014، ويضح حدًا للأوضاع المتدهورة على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية التى تتخبط فيها البلاد وتطحن مواطنيها وتزيد فى معاناتهم.
وبعد التطرق لمختلف الشواغل التى تعرقل تطور العملية السياسية وكذلك مختلف الحلول والبدائل المناسبة التى يمكن طرحها على الأطراف الليبية المختلفة دون إقصاء لإنهاء حالة الانسداد السياسى، توصل المجتمعون للمقترحات التى يرونها لتجاوز أزمة الاتفاق السياسى والوصول به إلى الوفاق الوطنى تعديل لجنة الحوار بشكل يراعى التوازن الوطنى، تعديل الفقرة الأولى من البند الثانى من المادة الثامنة من الاتفاق السياسى من حيث إعادة النظر فى تولى مهام القائد الأعلى للجيش.
وشدد الفرقاء الليبيون على ضرورة معالجة المادة الثامنة من الأحكام الإضافية من الاتفاق السياسى بما يحفظ استمرار المؤسسة العسكرية واستقلاليتها وإبعادها عن التجاذبات السياسية، إعادة النظر فى تركيب مجلس الدولة ليضم أعضاء المؤتمر الوطنى العام المنتخبون فى 7/7/2012، إعادة هيكل المجلس الرئاسى وآلية اتخاذ القرار لتدارك ما ترتب على التوسعة من إشكاليات وتعطيل، رفض أى تدخل أجنبى فى الشئون الداخلية الليبية.
وتضمنت لقاءات الفرقاء الليبيين الدعوة إلى التوافق والمصالحة الوطنية، ووضع قانون وطنى للعدالة التصالحية، دعم وسائل الإعلام الوطنية المهنية الجادة وإدانة وسائل وأجهزة الإعلام التى تتبنى خطاب الكراهية والتحريض على العنف والإرهاب والتأكيد على رفض هذه التوجهات والعمل على إيقافها وحرمانها من البث بالطرق القانونية، تعزيز الثقة فى اختيارات الشعب الليبى والتأكيد على الشرعية التى يرتضيها الليبيون.
فيما وصل رئيس المجلس الرئاسى الليبى، فائز السراج، وقائد الجيش الليبى، المشير خليفة حفتر، تباعًا إلى القاهرة فى إطار الجهود المصرية لبحث سبل الخروج من الأزمة الليبية الراهنة، لإحداث توافق بين الأطراف الليبية، وتقريب وجهات النظر، وصولًا إلى إيجاد حل ليبى خالص يرسخ دعائم المؤسسات الوطنية الليبية دون أى تدخل خارجى.