أصدرت هيئة المفوضين بمجلس الدولة، تقريراً قضائياً اعتبرت فيه ولأول مرة أن الأعمال الإدارية المتعلقة بالتشريع هى من الأعمال التى تخضع لرقابة القضاء خاصة مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة، وتختص بها محاكم مجلس الدولة.
جاء ذلك فى الدعوى رقم 55051 لسنة 68 قضائية، والتى أقامها هرماس رضوان، قبل انتخاب مجلس النواب الحالي، وطالب فيها بعرض جميع مشروعات القوانين السياسية المتعلقة بالعملية الانتخابية للبرلمان على قسم التشريع بمجلس الدولة إعمالا لنص المادة 190 من الدستور، وانتهت فيها المفوضين إلى التوصية بإصدار حكم بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة، حيث تبين لها أنه بالفعل تم عرض القوانين على قسم التشريع بمجلس الدولة.
وقالت هيئة المفوضين فى تقريرها الذى صدر برئاسة المستشار الدكتور محمد الدمرداش العقالى نائب رئيس مجلس الدولة، وأعده المستشار خالد الإسلامبولي، أنه بمطالعة المواد 101 و122 و167 و190 من الدستور الحالي، تبين أن المشرع الدستورى عقد الاختصاص بسن القوانين لمجلس النواب، ومنح الحكومة وفقاً للمادة 122 اقتراح القوانين كما أن المادة 167 نصت على اختصاص الحكومة بإعداد مشروعات القوانين والقرارات، أما المادة 190 فقد أوجبت عرض مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية "سواء كانت مقدمة من الحكومة أو من أعضاء مجلس النواب" على قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعتها وصياغتها، وإلا كان ذلك عواراً دستورياً شديداً يعرض التشريع غير المعروض على القسم لشبهة عدم الدستورية.
وأضافت هيئة المفوضين، أنه إذا كان هذا الاختصاص جوازياً فى ظل أحكام دستور 1971، إلا أن الدستور الحالى جعله وجوباً، وبالتالى فإنه يمكن القول بأن الدستور قد عقد لقسم التشريع بمجلس الدولة نوعاً من الرقابة السابقة على مشروعات القوانين، ورأى القسم بعد إتمام المراجعة والصياغة لا يكون ملزماً للبرلمان، بل له حرية مخالفتها، ويتحمل المخالف المسئولية السياسية عن المخالف حال حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النص المراجع، وبالتالى فيمكن القول أن المشرع قد وازن بين السلطتين التشريعية والقضائية فى هذا الصدد، بما يؤدى إلى الصالح العام فى صدور القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية متفقة وصحيح حكم الدستور، وتحافظ على وحدة النبيان التشريعى والقانونى المصري.
وانتهت أنه مما سبق يتأكد أن قرار عرض مشروعات القوانين على قسم التشريع بمجلس الدولة، لا يتعلق بالوظيفة التشريعية الأصيلة للبرلمان، وإنما يتعلق بعمل من أعمال الإدارة، وبالتالى فهو ضمن الأعمال الإدارية البحتة التى يقوم بها مجلس الوزراء، ولا تتعلق بعملية التشريع ذاته، خاصة وأن موضوع النزاع الماثل يتعلق بمشروعات قوانين أعدت من قبل الحكومة قبل انتخاب مجلس النواب الحالي، مما يخضع لرقابة المشروعية أمام محاكم مجلس الدولة.
وتبين للمفوضين أنه بالفعل تم عرض كافة قوانين انتخابات مجلس النواب الحالى على قسم التشريع بمجلس الدولة، وتبين لها من مطالعة القوانين بعد نشرها فى الجريدة الرسمية أن ديباجتها قد اختتمت بعبارة "وبناء على ما ارتآه مجلس الدولة"، وبالتالى أوصت المفوضين بإصدار حكم بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة