بالصور.. شاهد سحر وجمال "منزل ستوبلير" بجبل وادى الملوك والملكات بعد ترميمه بدعم منظمة اليونيسكو وجامعة بازل وفاكتوم بمدريد.. أنشئ منذ 65 عاما.. والآثار: تم ضمه لمبادرة الحفاظ على التراث بجبانة طيبة

الأحد، 19 فبراير 2017 02:00 ص

منزل المرمم العالمى ألكسندر ستوبلير

الأقصر – أحمد مرعى

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بعد مرور أكثر من 65 سنة على بنائه بأيدى المهندس المعمارى التاريخى حسن فتحى أعلى منطقة جبلية بمدخل وادى الملوك والملكات بجوار منزل المصور العالمى هاوراد كارتر، وتعرضه للتهالك والتضرر بسبب عوامل الزمن وعدم الاهتمام به فى العصور الماضية، شهد منزل "ألكسندر ستوبلير" كبير المرممين فى الآثار الفرعونية القديمة، أكبر وأضخم مبادرة للترميم والتجميل وإعادته لرونقه القديم بأيدى رجال وزارة الآثار ومنظمة اليونيسكو العالمية ومؤسسة فاكتوم بمدريد وجامعة بازل السويسرية.

وبالفعل عاد منزل ألكسندر يتوبلير الذى ولد فى بلجيكا وكان كبير مرممى قسم الآثار فى مصر لصورته المميزة فى جبال القرنة، والذى كانت تملك زوجته ليونى ريكو منحوته التمثال الرومانى قسطنطين برانكوزى "طائر فى الفضاء" والتى باعها بعد وفاتها فى عام 1937، والذى أشرف على بنائه فى مطلع عام 1950 القرن الماضى المهندس حسن فتحى الذى أعاد استخدام الطوب اللبن وتصاميم البناء التقليدية، وقام فتحى بتصميم أكثر من 160 مشروعا، منها مدينة القرنة الجديدة غرب الأقصر، وحصل على جائزة الأغاخان للعمارة فى عام 1980، وصاحب كتاب العمارة من أجل الفقراء الذى نشر فى عام 1969 وبقى عاملاً مؤثراً على الهندسة المعمارية والتخطيط الحضارى حتى يومنا هذا.

وفى هذا الصدد يقول الدكتور مصطفى وزيرى مدير عام آثار الأقصر، أن الأثرى "ألكسندر ستوبلير" كان يشغل منصب مدير قسم الترميم فى مصلحة الآثار المصرية، فى أربعينيات القرن الماضى، حينما كانت تتبع آنذاك وزارة المعارف بمصر، وتم بناء منزله غرب منزل هيوراد كارتر، بالقرب من النموذج طبق الأصل لقبر الملك توت عنخ آمون، والذى تم افتتاحه فى 2014 كأول مرحلة من مبادرة الحفاظ على جبانة طيبة.

ويضيف مدير آثار الأقصر لـ"اليوم السابع" أن ستوبلير كان معجب بصورة كبيرة بأعمال حسن فتحى فى "القرنة الجديدة"، وطلب منه إنشاء المبنى له وللعاملين معه فى الأبحاث الأثرية بالأقصر، وبالفعل بدأ حسن فتحى بوضع فناء مركزى محاط بالكامل بغرف المكاتب والمعيشة موضوعة على شكل مربع حول الفناء، ووجود موقع المنزل على هضبة عالية وبمحاذاة الطريق الرئيسى إلى وادى الملوك والملكات جعلته يغير شكل المبنى إلى مستطيل به فناء مركزى يقع على أحد جانبيه السكن، وعلى الجانب الآخر المكاتب ويربط بينهما ممر طويل إضافة فناء ثان أصغر لتوفير الإضاءة والحفاظ على الخصوصية.

أما الدكتور خالد العنانى وزير الآثار، فقد صرح بأن ترميم منزل ستوبلير يعد جزءا من مبادرة الحفاظ على جبانة طيبة نتيجة للتعاون بين وزارة الآثار، وجامعة بازل السويسرية متمثلة فى مؤسسة فاكتوم للتكنولوجيا الرقمية فى مجال حفظ التراث، مؤكداً على أن منزل ستوبلير يعتبر مثال ناضج على نهج حسن فتحى للعمارة باستخدام الطوب اللبن وقد تم بناء المنزل عام 1950 للأكسندر ستوبلير بعد اكتمال بناء قرية القرنة الجديدة، والتى تعتبر مشروعا للمسكن المثالى فى نهاية الأربعينيات من القرن الماضى.

ويضيف وزير الآثار فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن مشروع الترميم تم تمويله من قبل مؤسسة فاكتوم للتكنولوجيا الرقمية فى مجال حفظ التراث بمدريد، وتم التجديد من قبل مركز والى للعمارة والتراث بالقاهرة برئاسة طارق والى رئيس المركز، بالقاهرة مع فريق من الحرفيين المحليين، ويعد طارق والى من المعماريين الرواد فى مجال التراث فى مصر، وقد عمل مع حسن فتحى لعدة سنوات ولديه معرفة عميقة بأهدافه ونواياه، واستحوذ هدف الحفاظ وترميم المبنى على اهتمام كبير فى نفس الوقت الذى تم فيه العمل على تحويله وإعادة تأهيله كمركز حديث للتدريب والأرشفة ومسح ضوئى ثلاثى الأبعاد على أعلى مستوى.

ومن جانبه قال "آدم لاو" مدير مؤسسة فاكتوم للتكنولوجيا الرقمية فى مجال حفظ التراث، إن المركز الجديد بمنزل ستوبلير سيجلب تكنولوجيا المسح ثلاثى الأبعاء، بما فى ذلك المسح طويل ومتوسط المدى، والمسح السطحى عالى الدقة على المدى القريب، والتصوير الفوتوغرافى المركب والتصوير عالى الدقة إلى الأقصر وتوطين التكنولوجيا بها، مشدداً على أنه سيوفر التسجيل والتوثيق عالى الدقة حلولاً فعالة مادياً لتوثيق التراث بما يعود بالنفع على المجتمع المحلى.

ويضيف آدم لاو لـ"اليوم السابع"، أن المؤسسة بدأت فى عام 2016 فى تدريب مشغلين محليين تحت إشراف علياء اسماعيل خريجة الجامعة الأمريكية تحت تخصص العمارة والمصريات، والتى ستدير المركز الجديد للتدريب، حيث تم تدريب أول المشغلين المحليين، بالكامل كما تم تجهيز المركز بكافة التجهيزات وستشهد الفترة القادمة زيادة فى عدد الأشخاص المتلقين للتدريب، على تسجيل ومعالجة وحفظ البيانات.

ويقول الدكتور محمد عبد العزيز مدير عام آثار مصر العليا، أن ترميم منزل ستوبلير ومركز التدريب والمسح الرقمى ثلاثى الأبعاد والأشرفة يعد واحداً من العناصر الأساسية لمبادرة الحفاظ على جبانة طيبة، وهو مشروع بدأ تنفيذه من قبل وزارة الآثار مع جامعة بازل ومؤسسة فاكتوم فى عام 2008، حيث اكتسبت المبادرة شهرة كبيرة عندما تم افتتاح نموذج طبق الأصل من المقبرة بالقرب من منزل هاوارد كارتر، كما يساهم التسجيل والتوثيق فى تغيير طريقة العمل لحماية ورصد ودراسة مواقع التراث الثقافى القابلة للعطب مثل وادى الملوك.

ويضيف مدير عام آثار مصر العليا لـ"اليوم السابع"، أن التعاون مع جامعة بازل يركز على مقبرة سيتى الأول، والتى تم إكتشافها منذ 200 عام عن طريق المستكشف جيوفانى باتيستا بلزوني، والنموذج الذى أعده بلزونى للمقبرة، والتى تم إعدادها عن طريق صب الجدران مما تسبب فى حالة من الإنبهار بكل ما هو مصرى عندما تم عرضها فى لندن، مؤكداً أن بلزونى وغيره أزالوا أجزاء من المقبرة التى تعرض ضمن معروضات متاحف العالم، حيث تهدف مؤسسة فاكتوم وجامعة بازل إلى مسح مقبرة سيتى الأول بالكامل وكل الأجزاء الموجودة وإعادة دمجها رقمياً.

ويقول الدكتور محمد عبد العزيز، أن جامعة بازل قامت بتجميع ودراسة وتحليل أجزاء من المقبرة لعدة سنوات، فالرابط والصلة بين التكنولوجيا والدراسة الأكاديمية يعتبران قلب مبادرة الحفاظ على جبانة طيبة، حيث سيكون منزل ستوبلير هو مثال على هذه المقارنة، وذلك بغرض تسهيل تسجيل المواقع سواء فى الأقصر أو كافة محافظات مصر.

أما الدكتورة سليمة إكرام أستاذ علم المصريات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة فتقول أن برنامج التدريب هو فكرة رائعة، حيث إنها ستوفر للمصريين أغلب التقنيات الأحدث والتى من شأنها أن تساهم فى الحفاظ وتوثيق التراث الثقافى بدقة وشكل كامل، مؤكدةً على أنها فخورة بأن الفريق من الجامعة بقيادة علياء إسماعيل التى تدربت فى مؤسسة فاكتوم 18 شهر تتعاون الآن بالكامل مع وزارة الآثار، مما يدل على مدى تعزيز التعاون الدولى للحفاظ على التراث ليس فى مصر فقط ولكن كافة أنحاء العالم.