يواصل الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، إثارته الجدل بعد مرور شهر على دخوله البيت الأبيض، فى ولاية لا تنبئ المؤشرات أنها ستكون هادئة بأى شكل من الأشكال، فمنذ دعوته المربكة لبناء جدار فاصل على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، مروراً بقرار حظر دخول المهاجرين من سبع دول مسلمة ومناوشاته التى لا تنقطع مع القضاء والإعلام بسبب تلك القرارات الصادمة، لا يزال ترامب مصدراً للقلق فى العديد من دول المنطقة.
مظاهرات
ومن قلب العراق الذى وقع ضمن قائمة الدول التى شملها حظر دخول المهاجرين للولايات المتحدة، كان لـ«اليوم السابع» موعد مع الدكتور مارك جورجين سماير، أستاذ العلوم السياسية والدولية بجامعة كاليفورنيا الأمريكية، المحاضر بمعهد أورفيلا للدراسات الدولية، الذى تحدث عن الشهر الأول للرئيس الأمريكى الجديد، وعلق على ما اتخذه من قرارات، فضلاً عن رسم السيناريوهات المتوقعة للعلاقة بين ترامب والمؤسسات الحاكمة داخل الولايات المتحدة، إضافة إلى مستقبل العلاقات الأمريكية مع الدول العربية الكبرى وفى مقدمتها مصر. وفى بداية حديثه، وصف «سماير» الرئيس الأمريكى بـ«الشخص الجذاب» الذى يستطيع أن يجمع حوله كثيرين، إلا أن فوزه كان بمثابة مفاجأة كبرى لكثير من الأمريكيين لقدومه من خارج الدوائر السياسية.
اليوم السابع يحاور سماير
وقال «سماير» المعروف بمعارضته لانتخاب «ترامب» فى حواره لـ«اليوم السابع» لدى وجوده بمدينة السليمانية العراقية إنه عقب انتخابه رئيسا أصبح يسير فى خطين الأول مطاردة المهاجرين واللاجئين من خلال الترويج لشعار الخوف من الأجنبى ومن المسلمين بشكل خاص وهو السبب الذى انتخب على أساسه، مما دفعه إلى اتخاذ قرارات متسرعة بشأن الهجرة، أما الخط الثانى فكان اقتصادياً بحكم كونه رجل أعمال فى قطاع العقارات حيث قرر الانسحاب من اتفاقيات التجارة الحرة الدولية.
وتابع أن مفاجأة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى تشبه إلى حد كبير انتخاب «ترامب» فى الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن العامل المشترك هنا هو الخوف من اللاجئين المسلمين وهو ما يتعارض مع «العولمة» التى كانت تطالب بها الدول الغربية والولايات المتحدة فى التعايش مع الآخر وقبوله واندماج الشعوب مع بعضها البعض.
وأضاف «سماير» أن «ترامب» لا يمثل الغالبية من الأمريكيين والدليل على ذلك هو أنه فاز فى الانتخابات بحصد 3 ملايين صوت فقط، أى أن النظام الرئاسى فى الولايات المتحدة هو السبب وراء فوزه وليس من خلال تأييد الأمريكين، مؤكداً أن أصحاب المصالح معه هم الذين انتخبوه، وأن الغالبية العظمى من الأمريكيين لا يؤيدون «ترامب» ويقبلون المهاجرين ويريدون الاندامج معهم.
وحول المظاهرات والاشتباكات التى اندلعت يوم تنصيب «ترامب» رئيسا، أكد «سماير» أنها كانت محاولة للتعبير عن رفض الأمريكيين له ولانتخابه وأنه لا يمثل الأمريكيين، لدرجة أن المتظاهرين رفعوا لافتات كتب عليها «ترامب لا يمثلنى».
وتابع أنه ينظر إلى «ترامب» كالكلب الجبان الذى ينبح عندما يتحدث ويصدر قراراته ولكن عند الفعل لا يصنع شيئا، بمعنى أن كلام «ترامب» يحدث صدى كبيرا ولكن عند الفعل لا يسمع أحد عنه شيئا، والدليل على ذلك أن «ترامب» تحدث فى البداية عن جدار كبير بين الولايات المتحدة والمكسيك فأين الآن الجدار؟!، وفى البداية تحدث عن تغيير منظومة التأمين الصحى المعروفة بـ«أوباما كير» أما الآن فيتحدث عن إصلاحات فى هذه المنظومة فقط، فى البداية تحدث عن إلغاء الاتفاق النووى الإيرانى أما الآن فيقول سيتم النظر فى هذا الاتفاق.
وعن تقييمه للعلاقات الخارجية للولايات المتحدة مع اقتراب الشهر الأول من تنصيبه على الانتهاء، قال «سماير» إن سياسة ترامب الخارجية غير واضحة حتى الآن، لكنه ليس صاحب القرار الوحيد فهناك العديد من المؤسسات التى تتابع قرارته مثل الكونجرس، والمجلس الأعلى للقضاء ومثل هذه المؤسسات تراجع قراراته وفى حالة إحداث أى قرار من قبل «ترامب» نوع من أنواع اللغط فيتم التصدى له، على سبيل المثال قرار «ترامب» منع مواطنى 7 دول ذات أغلبية مسلمة من دخول الولايات المتحدة تم إلغاؤه عبر مؤسسة القضاء وبشكل نهائى.
وعلق «سماير» على القرار أنه فى الأصل غير ذى جدوى والدليل على ذلك أن الإرهابيين الذين دخلوا إلى الولايات المتحدة ليسوا من هذه الدول السبع التى حرمت من السفر، وهو ما يؤكد على أن قرارات ترامب «متسرعة» لا تسبقها دراسة متأنية قبل اتخاذ القرار، حيث إن الهدف هو تنفيذ الوعود الانتخابية ليس إلا.
وأكد على وجود خلافات حادة بين الكونجرس و«ترامب» بسبب المهاجرين وعلاقاته مع روسيا وسياسته التى أغضبت الكثيرين حتى قام بإهانة شخصيات مرموقة فى حزبه الجمهورى وليس من الديمقراطيين فقط، مضيفا أنه لا يستطيع تحمل كل هذا الضغط من قبل الكونجرس.
ورغم ما بدأ من خلافات، إلا أن «سماير» شدد على أن الصدام بين الجانبين لم يبدأ بعد، متوقعاً المزيد من الأزمات والمواجهات بين الرئيس الجديد والكونجرس.
وعن رؤيته للرئيس عبدالفتاح السيسى، قال «سماير» إن هناك أمريكيين على المستوى الشخصى ينظرون للسيسى على أنه رجل قوى يحارب التشدد والإرهاب بمفرده، ويدعون لدعمه فى محاربة الإرهاب.
وعن نية الإدارة الأمريكية إدراج جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، قال «سماير» أن مسؤولين ومستشارين فى الخارجية الأمريكية هم الذين يقررون هذا الشأن ويلقى على عاتقهم القيام بهذا الإجراء وحتى الآن، ليس لديه معلومة تؤكد أنهم يتحركون فى هذا الصدد.
وحول تقييمه للعلاقات المصرية ـ الأمريكية بعد تولى «ترامب»، قال إنه لا ينتظر حدوث تغيير كبير لأنه لم يصدر أى وعود أو التزامات تجاه مصر، فقط هو لديه التزامات تجاه روسيا مما أغضب الكثيرين كما أنه أعلن عن بعض الالتزمات الخاصة بالصين، مضيفا أن العلاقات الخارجية للولايات المتحدة ليست مسؤولية الرئيس الأمريكى وحده بل هناك موظفون بإدارة الملفات الخارجية ترسم ملامح السياسة الخارجية لواشنطن، فالرئيس الأمريكى يستمر فى الحكم من 4 إلى 8 سنوات ثم يتغير لكن السياسة الخارجية لا تتغير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة