فى 29 مارس 1964 بدأ البث الرسمى لإذاعة القرآن الكريم، وكان الغرض من إنشاء إذاعة متخصصة فى القرآن الكريم هو محاربة الأفكار المتطرفة فى ذلك الوقت، وظهور نسخ محرفة من كتاب الله، فاقترح الدكتور عبد القادر حاتم وزير الإرشاد القومى، والمشرف على وزارة الإعلام عام 1964 على جمال عبد الناصر بإنشاء إذاعة القرآن الكريم، لتكون بمثابة أول تسجيل صوتى للقرآن، وبالفعل وافق عبد الناصر، وأصدر قرارًا للإعداد لإنشاء إذاعة القرآن الكريم، وبدأ البث فى 29 مارس.
وعلى مدار 53 عاما هو عمر إذاعة القرآن الكريم ارتبطنا بأصوات هى فى الحقيقة أشبه بأصوات ملائكية قادمة من السماء، وفى الوقت التى تبحث فيه رئيس الإذاعة المصرية نادية مبروك عن أصوات مقرئين جدد للانضمام إلى إذاعة القرآن الكريم، نرصد خلال السطور التالية أبرز الأصوات التى تعلقنا بها، وأصبحت أسماؤهم مرتبطة باسم إذاعة القرآن الكريم، والذين أصبح من الصعب العثور على أصوات تماثل حلاوة أصواتهم، وفى هذه الفترة تعقد الإذاعة المصرية العديد من اللجان فى محاولة لإيجاد أصوات مصرية أصيلة فى القراءة والترتيل وغناء التواشيح.
الشيخ محمد رفعت
1- الشيخ محمد رفعت: ولد رفعت فى مايو عام 1882م بحى المغربلين بالقاهرة، وفقد بصره صغيراً وهو فى سن الثانية من عمره، نتيجة مرض أصاب عينيه، حفظ القرآن فى سن الخامسة، حيث التحق بكتاب مسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب ودرس علم القراءات وعلم التفسير ثم المقامات الموسيقية على أيدى شيوخ عصره.
توفى والده وهو فى التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولا عن أسرته وأصبح عائلها الوحيد، فلجأ إلى القرآن يعتصم به ولا يرتزق منه، تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحى السيدة زينب سنة 1918م وهو فى سن الخامسة عشر، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وافتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدى الظواهرى عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك، فافتتحها بقول من أول سورة الفتح "إنا فتحنا لك فتحا مبينا".
الشيخ محمود الحصري
2- الشيخ عبد الباسط عبد الصمد: ولد عبد الصمد عام 1927 بقرية المراعزة التابعة لمدينة ومركز أرمنت بمحافظة قنا بجنوب الصعيد، حيث نشأ فى بيئة تهتم بالقرآن الكريم حفظاً وتجويداً، فالجد الشيخ عبد الصمد كان من الحفظة المشهود لهم بالتمكن من حفظ القرآن وتجويده بالأحكام، والوالد هو الشيخ محمد عبد الصمد، كان أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظًا وتجويدًا، وفى نهاية عام 1951 م طلب الشيخ الضباع من الشيخ عبد الباسط أن يتقدم إلى الإذاعة كقارئ بها ولكن الشيخ عبد الباسط أراد أن يؤجل هذا الموضوع نظراً لارتباطه بمسقط رأسه وأهله، ولأن الإذاعة تحتاج إلى ترتيب خاص، ولكنه تقدم بالنهاية.
وكان الشيخ الضباع قد حصل على تسجيل لتلاوة الشيخ عبد الباسط بالمولد الزينبى، وقدم هذا التسجيل للجنة الإذاعة فانبهر الجميع بالأداء القوى العالى الرفيع المحكم المتمكن، وتم اعتماد الشيخ عبد الباسط بالإذاعة عام 1951 ليكون أحد قرائها كما حصل على وسام الإذاعة المصرية فى عيدها الخمسين.
الطبلاوي
3- الشيخ محمود خليل الحصرى: بدأ الحصرى مشواره العملى من خلال تقدمه بطلب من أجل العمل بالإذاعة المصرية فى عام 1944م، وبالفعل خاض الامتحان الخاص بالمقرئين ونجح فيه بتفوق متقدما على غيره، وتم اعتماده للعمل كمقرئ بالإذاعة المصرية، وكانت أول قراءة أذيعت له على الهواء مباشرة يوم 16 نوفمبر 1944م.
وعرف بصوته المميز، حيث يتمتع بحلاوة الصوت وعذوبته، ويعد من أشهر القراء للقرآن الكريم فى مصر والعالم الإسلامى، يرجع إليه الفضل فى تسجيل القرآن الكريم مرتلاً بأكثر من رواية، فكان هو أول قارئ يقوم بتسجيل القرآن الكريم، وقام الحصرى بزيارة عدد كبير من الدول والتى قام فيها بتلاوة القرآن الكريم فزار معظم الدول الإسلامية وعددا من الدول الغربية، ونجح بصوته الجميل المؤثر والذى أنعم الله سبحانه وتعالى عليه به فى تلاوة آيات القرآن الكريم من جعل عدد كبير من الأجانب بالقيام بإشهار إسلامهم، ويعد الشيخ الحصرى هو أول من تلا القرآن الكريم فى الكونجرس الأمريكى، وأذن لصلاة الظهر بمقر الأمم المتحدة، ومن الدول التى زارها وقام بتلاوة القرآن الكريم فيها إنجلترا، إندونيسيا، الفلبين، الصين، الهند وغيرها العديد من البلدان الأخرى.
محمد صديق المنشاوى
نصر الدين طوبار
4- الشيخ محمود على البنا: تم اعتماده مقرئا فى الإذاعة المصرية منذ عام 1948م، وكان عمره حينئذ عشرين عاماً أو يزيد، فكان أصغر قارئ يُعتمد فى الإذاعة المصرية فى ذلك الوقت. عُينِّ بمسجد الملك بحى حدائق القبة بشارع مصر والسودان، ثم بمسجد الرفاعى، ثم صدر قرار تعيينه قارئاً بمسجد الإمام الحسين عام 1959م، وصدر قرار فى العام نفسه بندبه قارئاً للسورة بالمسجد الأحمدى بمدينة طنطا، وظل به أكثر من واحد وعشرين عاماً، انتقل بعدها إلى مسجد الإمام الحسين بالقاهرة عام 1980م، وتابع المسيرة القرآنية فيه إلى حين وفاته عام 1985م.
5- الشيخ أحمد نعينع: أحد أشهر قراء إذاعة القرآن الكريم ولد فى عام 1954 بمدينة مطوبس بمحافظة كفر الشيخ بجمهورية مصر العربية درس الابتدائية والإعدادية فى مدينته مطوبس ثم حصل على الثانوية من مدينة رشيد بمحافظة البحيرة، بعدها التحق بعدها بكلية الطب جامعة الإسكندرية وبعد تخرجه عمل فى المستشفى الجامعى بالإسكندرية حفظ القران الكريم وهو فى عمر الثامنة وتعلم التجويد على يد الشيخ أحمد الشوا، أثار ختم الشيخ أحمد نعينع، تلاوته القرآنية بـ"صدق الله العلى العظيم"، انتباه المستمعين، لأنهم لم يعتادوا على سماعها.
6- محمد صديق المنشاوى: واحد من رواد التلاوة، تميّز بأسلوب متميز وحزين بتلاواته. ولد الشيخ محمد بقرية البواريك، بمدينة المنشاة التابعة لـمحافظة سوهاج فى جمهورية مصر العربية، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو فى الثامنة من عمره؛ حيث نشأ فى أسرة قرآنية عريقة، فأبوه الشيخ صديق المنشاوى هو الذى علمه فن قراءة القرآن الكريم، وقد وضع أبوه الشيخ الجليل صديق المنشاوى هذه المدرسة العتيقة الجميلة والمنفردة بذاتها، وبإمكاننا أن نطلق عليها (المدرسة المنشاوية)، فأخذ منها الشيخ محمد أسلوبه وطوره بما يناسبه فصار علمًا من أعلام خدام القرآن. وقد استمد الشيخ محمد من تلك المدرسة الكثير الذى كان سببًا فى نجاحه بعد صوته الخاشع، ولُقِّب الشيخ محمد صديق المنشاوى بـ"الصوت الباكي".
7- ولد الشيخ محمد محمود الطبلاوى فى 14 نوفمبر 1934م بحى ميت عقبة التابع لمحافظة الجيزة، تعود أصوله إلى محافظتى الشرقية والمنوفية، وتزوج مبكراً فى سن السادسة عشرة من عمره. قرأ الشيخ محمد محمود الطبلاوى القرآن وانفرد بسهرات كثيرة وهو فى الثانية عشرة من عمره ودعى لإحياء مآتم لكبار الموظفين والشخصيات البارزة والعائلات المعروفة بجوار مشاهير القراء الإذاعيين قبل أن يبلغ الخامسة عشرة واحتل بينهم مكانة مرموقة.
8- سيد محمد النقشبندى أستاذ المداحين، وصاحب مدرسة متميزة فى الابتهالات أحد أشهر المنشدين والمبتهلين فى تاريخ الإنشاد الدينى، يتمتع بصوت يراه الموسيقيون أحد أقوى وأوسع الأصوات مساحة فى تاريخ التسجيلات.