كرادلة الفاتيكان فى محراب الأزهر، عنوان المشهد الذى احتضنته مشيخة الأزهر الشريف اليوم الأربعاء الذى سجل عودة الحوار بين الأزهر والفاتيكان بعد سبع سنوات من القطيعة، إثر خلافات فى الرأي بين الطرفين، حيث أوفد الفاتيكان الكاردينال توران رئيس المجلس الباباوى للحوار بين الأديان على رأس وفد رفيع المستوى يضمه وعدد من الكرادلة والآباء وأساتذة العلوم اللاهوتية بالفاتيكان.
الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، افتتح الجلسة الأولى للحوار وأكد فى كلمته أن أقوال وأفعال الرسول، صلى الله عليه وسلم، فى كتب السير والحديث توصى بغير المسلمين والمسيحيين، مستشهدًا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم، "الله الله فى قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة وأعوانا فى سبيل الله".
شومان: التعددية واختلاف الناس طبيعة بشرية
واعتبر "شومان" أن التعددية واختلاف الناس فكرا وعقيدة ولغة وثقافة طبيعة بشرية، وهذا مبدأ مقرر فى الشريعة الإسلامية، وقال تعالى، "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ"صدق الله العظيم.
وأكد شومان أن شيخ الأزهر لا يألوا جهدًا فى إقناع السياسيين فى العالم لحل المشكلات بدلًا من استخدام القوة المسلحة، معربًا عن ترحيبه بالحوار المثمر مع الأحرار أفراد ومؤسسات فى الشرق والغرب، وعلى رأسها الفاتيكان.
الكاردينال توران يستشهد بقول على ابن أبى طالب
فيما اعتبر الكاردينال توران، رئيس المجلس البابوى للحوار فى الفاتيكان، أن الإسلام أقرب دين للمسيحية، لأنه ديانة توحيدية إبراهيمية، رغم الخلافات الكبيرة فى العقيدة، وهو ما أوضحته وثيقة المجمع الفاتيكانى الثانى التى صدرت فى الستينيات من القرن الماضى.
واستشهد "توران"، فى كلمته بقول الإمام على بن أبى طالب، الناس صنفان إما أخ لك فى الدين أو نظير لك فى الخلق، مؤكدًا أن الفطرة السليمة هى التقارب بين البشر، مضيفًا: نتناول اليوم من خلال العروض العلمية والمناقشات التى نتبعها مسألة ذات أهمية فى الوقت الحاضر، وهى الغلو والتطرف والإرهاب، ما يمثل اعترافًا فى عالمنا بدور الأزهر والفاتيكان.
"توران" قال إن هناك متعصبين ومتطرفين بسبب فهم مغلوط للدين، قلوبهم مليئة بالغلط والكراهية تجاه هؤلاء الذين لا يشاركونهم رؤية الدين والمجتمع لأنهم يعتقدون أنهم وحدهم على صواب، ومن ثم على الآخرين اتباع آرائهم أو الخضوع لهم.
وأكد الكاردينال أن التعصب والتطرف يؤدى للعنف ويحاولون تبريره باسم الدين، لذا على القادة الدينيين والعلماء أن يوضحوا ذلك ويعلنوا رفضهم للعنف الذى يرتكب باسم الدين.
وأضاف "توران"، كقادة دينيين وعلماء علينا أن نصبح مستقيمين وشجعان وقادرين على النقد الذاتى والدفاع عن كرامة كل إنسان، مؤكدا ضرورة أن نذكر أن حوارنا بين الأديان هو حج إلى الله؟.
فيما رحب الدكتور محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف الأسبق، بعودة الفاتيكان للحوار، حيث يتولى دور المنسق الأزهرى فى لجنة الحوار المشترك مؤكدًا أن غيوم كانت تظلل العلاقة بين الأزهر والفاتيكان، بعدما صدرت بعض التصريحات عن الفاتيكان، اعتبرها الأزهر إهانة للإسلام، معربًا عن سعادته بزوال تلك الغيوم وعودة العلاقات.
وأشار "زقزوق" إلى أن القرآن الكريم حصر الرسالة المحمدية فى مفهوم لا ينبغى أن يغيب عنا على الإطلاق وهو الرحمة، مستشهدًا بقوله تعالى، "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
ولفت وزير الأوقاف الأسبق إلى أن المسيحية عنوانها الأساسى المحبة، والمحبة والرحمة وجهان لعملة واحدة، ولا نتصور المحبة بدون الرحمة أو العكس، لذا فإن منطلقنا تظلله الرحمة والمحبة وهو ليس مجرد شعار ولكنه عقيدة يؤمن بها المسلم والمسيحى، لافتا إلى أن حوار الأديان فى الإسلام أجراه الرسول عليه الصلاة والسلام مع وفد من 15 رجلًا من نصارى نجران، مختتما كلمته بقوله، "نحن جميعًا فى قارب واحد وعلينا أن ننقذ تلك السفينة التى تحملنا جميعًا فى هذا العالم".
كان الأزهر قد قرر عام 2010 تجميد الحوار مع الفاتيكان بعدما أتهم فى بيان رسمى البابا بنديكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان الراحل بتكرار التعرض للإسلام بشكل سلبي وادعائه بأن المسلمين يضطهدون الآخرين الذين يعيشون معهم في الشرق الأوسط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة