عبد الله أبو سعد شاب فى العشرين من عمره، استيقظ يوما مبكرا كعادته، ليخرج على باب الله باحثاً عن الرزق، استقل الـ"توك توك" الخاص به، وفى طريقه استوقفه ثلاثة شبان اثنين منهم من أهل قريته، والآخر ملامحه لم تكن مألوفة إليه، طلبوا منه إيصالهم إلى قرية طبلوها التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية، وأخبروه بأنهم لا يملكون الأجرة، فما كان منه إلا ان ابتسم وقال لهم "إحنا ولاد بلد"، وسار فى طريقه قاصداً وجهة زبائنه.
ابن عم المجنى عليه يسرد تفاصيل الواقعة لليوم السابع
فى الطريق طلب الزبائن من الشاب بعد التوقف فى إحدى المناطق النائية، فأثار طلبهم الشك والريبة فى نفسه، ولكنه توقف على أى حال ففوجئ باثنين من الركاب يقيدون يديه، والثالث يضع "مطواة" على رقبته، راغبين فى سرقة الـ"توك توك"، وحينما حاول الشاب مقاومتهم لم يتوانوا عن قتله، فطعنوه بطعنتين نافذتين فى منطقة البطن، وتقطرت الدماء على الأرض وملابس الجناة، لتكون شاهدة على جريمتهم.
حمل الشيطاين الثلاثة الضحية وأخرجوه من الـ"توك توك" وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، فكتموا أنفاسه حتى لا يفضح أمرهم، ما أدى إلى اختناقه حتى الوفاة، ففكر الجناة فى كيفية التخلص من الجثة، فقرروا تقييد يديه وقدميه وحملوه وألقوه فى أحد المصارف المائية، بعدها فر الجناة هاربون، وبعد عدة أيام شحن الجناة الـ"توك توك" إلى محافظة كفر الشيخ وباعوه هناك لأحد التجار بمبلغ مالى قدره 8 آلاف جنيه.
الوضع فى قرية الشاب الضحية كان متوتراً، والده "ناصر أبو سعد" انتظر نجله طويلاً ولكنه لم يعد، فقرر فى صباح اليوم التالى التوجه لقسم الشرطة، وحرر محضرا بتغيب نجله، ثم عاد ليبحث عنه بصحبة أهالى قريته، وطيلة 3 أيام لم يذق خلالها طعم النوم كانت الأفكار تعصف بذهنه، فتثير العديد من التسأولات هل قتل؟ أم أنه خطف؟ أم أنه أصيب فى حادث؟، حتى جائه اليقين حينما تلقى اتصالاً هاتفياً من ابن شقيقه "تامر إبراهيم عبد الوارث" يخبره بأن الشرطة عثرت على جثة "عبد الله" ملقاة فى أحد المصارف المائية.
المتهمين الثلاثة
بعد العثور على الجثة، شكلت الأجهزة الأمنية 3 فرق من 3 جهات أمنية مختلفة لكشف غموض الحادث، وتوصلت تحرياتهم إلى أن وراء الواقعة 3 شباب هم "خالد.ل"، و"محمود.ص" مقيمين بقرية كفر عتما مركز الشهداء، و"محمد.ن.ش" مقيم بمحافظة كفر الشيخ، فخرجت قوة أمنية تمكنت من ضبط المتهمين الثلاثة، وبمناقشتهم اعترفوا بارتكابهم الواقعة، وأرشدوا عن مكان بيعهم الـ"توك توك"، وعن الأفراد الذين تولوا شرائه، فتم ضبطهم وصدر قرارا بحبس المتهمين الثلاثة والمشترين 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعدما وجهت النيابة للمتهمين تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وللمشترين تهمة شراء سلعة مسروقة بنية سيئة.
ويقول "تامر" ابن عم المجنى عليه لـ"اليوم السابع"، "ظللنا نبحث عن "عبد الله" لمدة 3 أيام فقد اختفى يوم الأثنين 13 يناير 2017، وظهرت جثته يوم الجمعة 17 يناير الماضى، مؤكداً أنه تلقى اتصالاً هاتفياً من أحد زملائه الذى يعمل بجهاز الشرطة التابع لمديرية أمن المنوفية أخبره بالعثور على الجثة، وأنه توجه فور تلقيه الاتصال إلى مكان العثور عليه، وهناك تعرف عليه من ملامحه التى لم تكن ظاهرة بشكل كامل نتيجة طول بقاء الجثة فى المياه، وبعدها تم نقل جثمان الشاب إلى المستشفى، تنفيذاً لأمر النيابة بالتشريح.
المجنى عليه قبل وفاته
ويضيف "تامر": "عبد الله كان شاب مجتهد، ومنذ وفاة والدته وهو يعتمد على نفسه فى العمل، لم يكن ينتظر أن يصرف عليه والده، فعمل فى كثير من المجالات، وقبل الواقعة بأشهر كان يعمل فى أحدى محال الـ"بيتزا"، حتى تركها ليعمل على الـ"توك توك"، مؤكداً أن الجناة ترصدوا له لعلمهم أن الـ"توك توك" حديث وثمنه مرتفع، لذلك كان مطمعا لهم، وفى اليوم السابق ليوم الواقعة أقاموا عن المتهم الأول فى القضية المدعو "محمود" بمنزله، لينفذوا جريمتهم فى الصباح، وكانوا يتتبعون خط سير "عبد الله" والأمكان التى يذهب إليها، ويرصدون وقت عمله وراحته؛ وذلك مثبت باعترافات المتهمين فى تحقيقات النيابة.
وكشف "تامر" عن أن أسرة الجناة المقيمين بإحدى القرى المجاورة لقريته، خشوا أن يكون لدى عمى أى نية للثأر لنجله، لذلك توجهوا إلى شيخ الجامع وطلبوا منه التوسط لدى عمى ليأخذ منه عهد الأمان لهم، وبالفعل أبدى عمى أنه ليس لديه نية مبيتة للغدر بأى من أفراد أسرة الجانى، ووقف داخل الجماع وقال على الملأ "إنى أعاهد الله أمام الجميع أننى ليس لى نية للغدر بأى فرد من أفراد أسرة صلاح، وأنا ما بينى وبينهم هو القصاص الذى أقره الله ويطبقه القانون".
ابن عم الضحية يسرد شكواه
ابن عم المجنى عليه اثناء حديثه لليوم السابع
اعترافات المتهمين بارتكابهم الجريمة
اعترافات المتهمين فى القضية
المجنى عليه عقب انتشال جثته من الترعة
صورة من نص تحقيقات النيابة فى القضية
عبد الله الشاب المجنى عليه
عبد الله الضحية
قتلوه غدراً ... قصة انسانية
محرر اليوم السابع مع ابن عم الضحية