هناك مجموعة متناقضة من الانفعالات الزائدة التى تحمل الكثير من المبالغات بالإفراط فى التقدير سواء كان سلبيا او ايجابيا وهو ما يتلخص فى كلمتين متناقضتين هما التهويل والتهوين .
من الطبيعى أن يكون رد الفعل مناسب للفعل من حيث التأثير والانفعال ولكن عندما تحدث الانحرافات بالزيادة أو النقصان فلابد أن هناك دوافع وأسباب قد يترتب عليها نتائج على الشخص نفسه أو على الناس عموما . فهى محاولة لفهم السلوك الانسانى خاصة بعد حدوث تغيُّرات كبيرة فى عالم التكنولوجيا والاتصال والتواصل والبرامج الاجتماعية التى توغَّلت فى حياتنا الخاصة فأصبح العالم كله مكشوفا ولا توجد أسرار ليسهل توجيه هذه الأسرار بكل قوة وفى أى إتجاه فنحن أمام حياة الكترونية توازى الحياة التى نعيشها قد تكون غير مُعلنة ولكنها مؤثرة وبشكل كبير فى توجيه هذه الإنفعالات سلبا أو ايجابا .
. التهويل وهو انفعال زائد عن الحد بالافراط فى الشعور سلبا أو إيجابا فالافراط فى الفرحة خطر كما أن الإفراط فى الحزن أيضا خطر لأن فى قمة الفرحة لا تكون مهيئا لأى حدث عكسى وبالتالى تحدث صدمة كبيرة عند حدوث عكس المتوقع فعندما نكون على موعد هام فى حدث رياضى كبير تجد الانفعالات كبيرة جدا وفرحة عارمة لأى مكسب ويقابلها رفض لأى نتيجة أخرى وبالتالى الخطورة تكمن عند الخسارة لانها رياضة تحتمل المكسب والخسارة فتجد الاحباط أكبر من اللازم فهى ليست نهاية العالم لان هناك بطولات كثيرة قادمة.
·التهويل السلبى بالتعقيد وإبراز الجوانب السلبية والواقعية الشديدة التى تميل إلى للتشاؤم منها إلى الحيادية كفيل بأن يرجح كفة الفشل على الرغم من وجود عوامل لنجاحك فى إمكانياتك الشخصية أيضا التى قد تكون غير مستغلة أو معطلة لسبب أو بدون سبب .
· التهويل الإيجابى فعندما يتم تجاهل بعض الحقائق الموجودة بالفعل من أجل المصلحة العامة فتجد أن جميع المؤثرات تتجه وبقوة لترسخ هذا الاتجاه والنموذج الأمريكى أمامنا حيث تجد معظم الأفلام الأمريكية تُظهر المواطن الأمريكى على أنه مواطن مثالى خارق للعادة يصل للقمر ويتمتع بذكاء خارق يستخدم تكنولوجيا غير موجودة فى العالم كله كنوع من السيطرة والهيمنة على العالم ونظرية الجندى الأمريكى الذى لا يُقهر وهو ما يحمل الكثير من المبالغات حيث فشلت الولايات المتحدة كثيرا فى مواجهات عسكرية و أحيانا كان يتم أسر الجنود واطلاق سراحهم مقابل فدية كبيرة ولكن الأفلام الأمريكية لا تتناول هذه الأحداث وتهتم فقط بالإبهار و جلعتنا نصدق هذا التهويل لمصلحة أمريكا وإقتصاد أمريكا .
· التهوين وهو إعطاء الأمور أصغر من حجمها وعدم الأهتمام وقد يكون بسبب ضيق الأفق أو قلة المعلومات أو كما نقول لعبة المصالح وسيطرة الكيانات الاقتصادية على الآلة الإعلامية وأحيانا قد يكون له أسباب خارجة عن سيطرة الإعلام نفسه فعندما يحدث تكرار لخبر معين من مكان ما فيحدث فتور لدى الأفراد لمعرفة المزيد ومحاولة قراءة تفاصيل الخبر ولدينا العراق كمثال ودليل فخبر إنفجار سيارة مفخخة فى العراق ومقتل العشرات فى حادث ارهابى جديد يعتبر خبر خطير جدا
ومؤلم أن يوجد قتلى بهذا العدد ولكن من تكرار الخبر أصبح عاديا ولا ينال الإهتمام الإعلامى مثل خبر حدوث تجاوزات من فنانة مشهورة ضد كمين أمنى ليلا وتطورات الموضوع وتداعى الأحداث فينال مساحات كبيرة من القنوات الفضائية بالرغم من كونه حدث عادى ولكنه تم استغلاله كما نقول اعلاميا واعلانيا .
· هناك التهوين الإيجابى وهو ما يحدث عندما نقوم بتجاهل بعض السلبيات والاخفاقات من أجل الخروج من الظروف الصعبة سواء كانت إقتصادية او إجتماعية وهو مطلوب و مهم ويشبه نظرية تخفيف الأحمال الكهربائية حتى لا ينقطع التيار الكهربى ولكن بتخفيف الاحمال العصبية حتى يستطيع المخ مواجهة الأعباء الحياتية بدون إنقطاع ليعيد ترتيب أوراقه ويواجه الصعوبات من جديد .
· لن تستطيع أن تكون متزنا طوال الوقت خصوصا مع التقدم التكنولوجى والطفرة الهائلة فى وسائل الإتصال فأصبحت هناك سيطرة على الانفعالات وأيضا لا ننسى دور الميديا من مسلسلات وأفلام فى التأثير على السلوك نفسه و رسم المنحنى العام للأخلاق نتيجة عدم الاهتمام بالثقافة بالاضافة لعدم القراءة . فأن تحاول أن تكون متزنا وهادئا وسط الفوضى والهمجية والضوضاء العارمة هو ما يُعتبر عبئا هائلا قد لا تستطيع تحمله وتضطر أن تنجرف دون أن تدرى لنفس الفوضى والهمجية حتى لا تتأثر عصبيا لما يحدث حولك . وعندما يحدث إتجاه عام من الأفراد لهذا النوع وبمرور الوقت ينسى الناس الالتزام والتحضر والنظام والأخلاق الرفيعة حتى يصبح وجودها غريبا وغير منطقى . فالتعود على الشيء يجعل مهمة تغييره صعبا للغاية كالذى تعود أن يكسر الاشارة ولا يلتزم مروريا و من يطلق أصوات التنبيه المزعجة لسيارته بدون داعى ومن يوقف الطريق من أجل قضاء مصلحة خاصة غير مبالى بتوقف الطريق من خلفه . من المستحيل أن نجعل على كل مواطن فردا من أفراد الأمن حتى يلتزم . نتمنى أن نتغير للأفضل أن تعود لنا شخصيتنا الحقيقية الراقية بأفلام ومسلسلات من التراث المصرى الأصيل ترسخ القيم الجميلة وتعود بنا إلى زمن الفن الجميل وأيضا أن تعود الأخلاق و يعود الأحترام .