مركز كارنيجى: مصر تتمتع بالطاقات الاقتصادية الأكبر بالشرق الأوسط.. وآفاق النمو واعدة على المدى الطويل.. والجنيه سيرتفع أمام الدولار مع مواصلة الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد وتصدير الغاز الطبيعى

الأربعاء، 08 فبراير 2017 05:14 ص
مركز كارنيجى: مصر تتمتع بالطاقات الاقتصادية الأكبر بالشرق الأوسط.. وآفاق النمو واعدة على المدى الطويل.. والجنيه سيرتفع أمام الدولار مع مواصلة الإصلاحات المتفق عليها مع صندوق النقد وتصدير الغاز الطبيعى مصر تتمتع بالطاقات الاقتصادية الأكبر بالشرق الأوسط
كتبت - ياسمين سمرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال برندان ميجان محلل متخصص فى الاقتصاد الكلى لمنطقة الشرق الأوسط لدى مركز كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط، إن الاتفاق الذى أبرمته مصر مع صندوق النقد الدولى فى نوفمبر الماضى للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار مقابل سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية، أحدث تحولاً جوهرياً فى الاقتصاد المصرى، ومن أبرز التجليات الواضحة لهذا التحول تراجع قيمة الجنيه المصرى فى مقابل الدولار الأمريكى.

وأكد ميجان، فى مقالة له، أن ارتفاع قيمة الجنيه المصرى من شأنه أن يمنح اندفاعة كبيرة للاقتصاد والمستهلكين المصريين، لكنه استبعد حدوث ذلك فى القريب العاجل، مشددًا فى الوقت ذاته على أن تحمّل المسئولية المالية فى المستقبل ومواصلة الإصلاحات سيجعلان الاقتصاد المصرى أكثر قوة فى المدى الطويل، ما يؤدّى بالتالى إلى تعزيز قيمة الجنيه المصرى.

 وأشار إلى أن مصر، التى تملك العدد الأكبر من السكان بين البلدان العربية، تتمتع بالطاقات الاقتصادية الأكبر فى الشرق الأوسط، ويُشكّل الاقتصاد السليم والمتنوّع والشامل مفتاحاً أساسياً لاستثمار تلك الطاقات.

 

ترحيب داخلى وخارجى بالإصلاحات
 

وأضاف ميجان، إنه على الرغم من أن لقت الإصلاحات استحساناً فى الداخل والخارج، إلا أن تحرير سوق صرف العملات الأجنبية، أدى إلى تراجع سعر صرف الجنيه فى مقابل الدولار من 8.88 جنيه فى مطلع نوفمبر إلى أكثر من 19.50 جنيه فى أواخر ديسمبر.

ولفت ميجان، إلى أن قيمة الجنيه شهدت تحسناً طفيفاً، مع بلوغ سعر الصرف 18.45 جنيه مقابل الدولار، لكن المصريين العاديين خسروا أكثر من نصف مدّخراتهم وتراجعَ مدخولهم الشهرى إلى حد كبير.

 وتابع "ونظراً إلى اعتماد مصر على الواردات، تسبّب تراجع سعر صرف الجنيه فى مقابل الدولار أيضاً بارتفاع فى معدل التضخم الذى يسجّل أصلاً مستويات مقلقة، مع بلوغ التضخم فى مؤشر أسعار المستهلك على أساس سنوى 20.73% فى نوفمبر، و25.86% فى ديسمبر.

ورجح محلل الاقتصاد الكلى تراجع مستويات التضخم عندما تحظى مفاعيل تعويم العملة والتراجع فى قيمتها، بالوقت الكافى كى تتمدّد عبر الاقتصاد.

وعن احتمالات صعود سعر صرف الجنيه مجددًا، قال ميجان، إن البنك المركزى المصرى يعول منذ الإصلاحات على تدفقات العملات الأجنبية لتزويد سوق ما بين المصارف بالعملات "إنتربانك الدولارى". وباستثناء المزاد العلنى الذى أقيم فى 3 نوفمبر الماضي، عندما حصل التحرير الصادِم، لم يتمكّن الأفراد والمصارف المتخصصة بالخدمات للشركات من الحصول على العملات الأجنبية سوى عن طريق سوق صرف العملات ما بين المصارف.

وأضاف، أنه فى حين سرت شائعات بأن البنك المركزى قد يضع بعض احتياطى العملات الأجنبية فى تصرف سوق ما بين المصارف، لم يتحقق ذلك بعد.

وأردف: "وكانت الفكرة وراء هذه الخطوة الابتعاد فجأةً عن سوق صرف العملات الأجنبية وترك قيمة الجنيه تتراجع بصورة طبيعية إلى أن يتحقق التوازن بين العرض والطلب. مع تراجع قيمة الجنيه إلى مستوى أكثر طبيعية، تصبح الأصول المحلية أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب الذين يمكنهم الآن شراء المزيد بواسطة دولاراتهم. فى حين أنه لا البنك المركزى المصرى ولا صندوق النقد الدولى توقّعا أن تتراجع قيمة الجنيه بالقدر الذى تراجعت به، كان الإجماع بأن قيمة الجنيه سترتفع من جديد خلال العام المقبل، لجملةٍ من الأسباب".


 

التراجع المفاجئ للعملة يتبعه ارتفاع تدريجى
 

ونوه إلى أن التراجع المفاجئ فى قيمة العملة غالباً ما يُستتبَع بارتفاع تدريجى فى إطار ما يُعرَف بـ"التقلب الشديد فى سعر الصرف"، وعندما تتراجع قيمة العملة بصورة سريعة، غالباً ما تكون الأسعار المحلية بطيئة فى التكيف مع القيمة الجديدة للعملة على الرغم من التعديلات السريعة فى الأسواق المالية، كما أن الاحتياجات من الواردات تُحدَّد فى معظم الأحيان فى المدى القصير بسبب الموجبات التعاقدية وغياب البدائل الداخلية. يتراجع الطلب على العملات الأجنبية فى المدى الطويل مع تمكُّن الشركات والأعمال المحلية من زيادة إنتاج السلع البديلة عن الواردات، وتزداد الاستثمارات الخارجية بفعل تراجع تكاليف المدخلات الضرورية لإنتاج سلع للتصدير.

علاوةً على ذلك، أكد ميجان كمية الاحتياطيات التى يملكها البنك المركزى تساهم فى تعزيز مصداقية الحكومة المصرية، متوقعًا أنه مع تطبيق الإصلاحات المعلَن عنها واستلام القرض من صندوق النقد الدولى على دفعات، سوف ترتفع مستويات الاحتياطى، والتى بلغت فى نهاية يناير 26.36 مليار دولار – وهو المستوى الأعلى منذ العام 2011 – ويتوقّع صندوق النقد الدولى أن تبلغ من جديد 33 مليار دولار، أى المستوى الذى كانت عليه فى عهد مبارك، بحلول السنة المالية 2018-2019.

 

زيادة الاحتياطيات تدعم قيمة الجنيه
 

وتابع: "عبر تعزيز الاحتياطيات لتبلغ أرقاماً أعلى من المتوقّع، سوف يُنظَر إلى الاقتصاد المصرى بأنه يقدّم بيئة أفضل للمستثمرين الأجانب، ما سيفضى إلى زيادة الطلب على الجنيه المصرى وبالتالى ارتفاع قيمته".

وأشار إلى الارتفاع فى مستوى الاحتياطيات أتاح لمصر تسديد المبالغ المستحقّة للدول الدائنة الأجنبية والشركات الدولية – فى مؤشر قوى عن الاستقرار المالى. وأشاد بإصدار السندات المقومة بالدولار التى تم طرحها للبيع فى الأسواق الدولية فى 29 يناير الماضي، وكان الهدف الأولى بيع2 إلى 2.5 مليار دولار، لكنها سجلت إقبالاً شديدًا من المستثمرين ووصلت قيمة السندات المباعة إلى 4 مليارات دولار.

 وتطرق ميجان إلى إمكانية أن تبدأ القاهرة فى تصدير الغاز الطبيعى بحلول أواخر العقد الراهن، إذ يتوقع زيادة إنتاج الغاز الطبيعى المصرى من 3.8 مليارات قدم مكعب فى اليوم فى صيف 2016 إلى 7.7 مليارات قدم مكعب فى غضون 3 سنوات.

وتستهلك مصر حاليا نحو 5.2 مليارات قدم مكعب فى اليوم، ويمكن تصدير الفائض المتوقع فى إنتاج الغاز إلى الأسواق الدولية، الأمر الذى سيساهم فى زيادة الإمكانات التصديرية فى قطاعَى الصناعات الثقيلة والتصنيع بعد تسوية مسألة النقص فى الغاز الطبيعى، وفى الحد من الطلب المحلى على واردات الغاز الطبيعى من الخارج، ما يؤدى إلى تسجيل مزيد من الارتفاع فى الطلب على الجنيه، وفقا لكاتب المقال.

 

الإصلاحات تستقطب استثمارات خارجية
 

ويرى محلل الاقتصاد الكى لدى مركز كارنيجى، أن آفاق النمو الاقتصادى فى المدى الطويل واعدة، وأن الإصلاحات قد بدأت باستقطاب قدر كبير من الاستثمارات الخارجية. لكن على الرغم من هذه المعطيات التى تدعو إلى التفاؤل، ثمة عوامل أخرى يجب أن يتوقف عندها المستثمرون الذين يعتقدون أن العملة هى أصول منخفضة المخاطر، أو أيضاً المستهلكون الذين يتوقعون حدوث ارتفاع فى قيمة الجنيه فى وقت قريب.

أحد هذه العوامل هو استمرار الولايات المتحدة فى التشدد فى سياستها النقدية، كما أن هناك العديد من المؤشرات بأن ارتفاع الطلب على الدولار فى مصر لا يعكس احتياجات السوق المحتملة الأوسع نطاقاً، مشيراً إلى أن المصارف المصرية، حتى الآن، شحيحة إلى حد ما فى توزيع العملات الصعبة، ما تسبّب بتراكم كم كبير من الطلبات للحصول على العملات الأجنبية بدافع الاستيراد.

ونوه إلى أنه لا تزال الأولوية تُعطى لمستوردى السلع الأساسية، مثل المواد الغذائية والأدوية، ويبدو أنه حتى كبار المستثمرين غير واثقين من القواعد التى يتبعها البنك المركزى المصرى حالياً من أجل استرجاع الأرباح.

وبناءً على ما سبق، يرى ميجان أن الطلب على الدولار الأمريكى قد يكون أكبر بكثير من المبالغ التى طلبتها الشركات المصرية حتى تاريخه، ومن شبه المؤكد أن أى ضغوط لزيادة قيمة الجنيه سوف تصطدم بهذا الطلب على الدولار، الذى عزاه بالأساس إلى الشركات التى تحتاج إلى الدولارات لشراء السلع الأساسية، ولا يعكس الحجم الكامل لحاجة السوق المصرية للعملات الصعبة عند احتساب مستوردى السلع غير الأساسية والشركات المتعددة الجنسيات التى تسعى إلى نقل أرباحها إلى خارج البلاد.

وتابع: "بعبارة أخرى، غالب الظن أن القيود المفروضة على استعمالات الدولار أدّت إلى كبح الطلب لأن الشركات المحظورة فعلياً من استخدام الدولار لا حضور لها حالياً فى سوق الدولار".

ورجح ميجان أن يؤدى رفع القيود المفروضة على استخدام العملات الأجنبية فى مصر بحلول نهاية يونيو المقبل وفقًا لوثائق صندوق النقد، إلى زيادة الضغوط التى تتسبّب بانخفاض قيمة الجنيه، ما يؤدّى إلى تراجع إضافى فى مدّخرات معظم المصريين ورواتبهم.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة