التعديل الوزارى التونسى يشعل فتيل أزمة بين القوى السياسية والحكومة.. رئيس الوزراء فى مأزق لاختياره رجل أعمال وزيرًا للوظيفة العمومية.. أحزاب بوثيقة قرطاج: تجاوز أسس الوفاق ويضرب مفاهيم الوحدة الوطنية

الأربعاء، 01 مارس 2017 11:00 م
التعديل الوزارى التونسى يشعل فتيل أزمة بين القوى السياسية والحكومة.. رئيس الوزراء فى مأزق لاختياره رجل أعمال وزيرًا للوظيفة العمومية.. أحزاب بوثيقة قرطاج: تجاوز أسس الوفاق ويضرب مفاهيم الوحدة الوطنية رئيس الحكومة التونسى يوسف الشاهد والرئيس التونسي الشاهد
كتبت آمال رسلان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

شهدت تونس زلزالًا سياسيًا عنيفًا، فى غضون الساعات القليلة الماضية، بعد لجوء يوسف الشاهد رئيس الحكومة إلى تعديل وزارى محدود آثار غضب القوى السياسية الموالية والمعارضة دون استثناء، حتى كاد أن يعصف بـ"وثيقة قرطاج" التى تحظى بتوافق أغلب القوى السياسية والمدنية، والتى كان لها الفضل فى إنقاذ البلاد بتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد أن كانت على حافة الانهيار، بسبب ما شهدته تونس من أحداثًا عصيبة خلال المرحلة الانتقالية فى أعقاب ثورة الياسمين.

 

أحزاب وثيقة قرطاج: رئيس الوزراء انفرد بالقرار وتجاوز أسس الوفاق

إعلان التعديل الوزارى بشكل مفاجئ ودون التشاور مع أى من الكيانات السياسية آثار غضب الأحزاب وأحدث صدمة لدى الطبقة السياسية والمنظمات الوطنية، حتى لجأت الأحزاب المشاركة فى وثيقة قرطاج إلى اجتماعات عاجلة اتفقت جميعها على أن الشاهد تجاوز أسس الوفاق الوطنى وانفرد باتخاذ قرار التعديل الوزارى، فى حين انقسمت تلك الأحزاب حول الإجراء الذى لابد من اتخاذه.

 

حزب نداء تونس وحركة النهضة فى بيان مشترك: من حق رئيس الوزراء اختيار حكومته

وحاول نداء تونس - حزب الرئيس التونسى - وشريكه فى الحكم حركة النهضة الإسلامية تخفيف وطأة ما أقدم عليه الشاهد من تعديل قد يدخل البلاد إلى أزمة جديدة، حيث أصدرا بيانا مشتركا دعما فيه خطوات رئيس الحكومة الشاب، مؤكدين على أنه من حق رئيس الوزراء اختيار الوزراء وفقًا لأولوياته، إلا أنهما طالبا الشاهد بأن يراعى فى المرة المقبلة التشاور مع القوى السياسية، تجنبا لأى خلاف سياسى.

 

حزب آفاق تونس: التعديل الوزارى يضرب مفاهيم الوحدة الوطنية

فى حين قررت أحزابًا آخرى إلى التصعيد دون هوادة، حيث أعتبر آفاق تونس أحد أضلع ائتلاف السلطة، أن التعديل الوزارى مفاجئ ويضرب مفاهيم حكومة الوحدة الوطنية، ويوحى بوجود خلاف يمكن أن يهدد مستقبلها، فى حين دعا حزب التيار الشعبى كل "القوى الوطنية الموقعة على وثيقة قرطاج بإِبْلاغ انسحابها منها"، مشددًا على أن الشاهد خرج عما تعهد به للمشاركين فى الحكم وللدوائر الخارجية، وكذلك يعد خطوة للعودة بالبلاد إلى نظام رئاسى عائلى.

 

التعديل الوزارى التونسى شمل 3 حقائق وزارية فقط

ولكن ليس الإعلان المفاجئ عن التعديل الوزارى هو سبب كل تلك الغضبة السياسية فى الداخل التونسى، بل أن هناك أسبابا خفيه وراء عدم مشاركة الأحزاب السياسية فى اجراء التعديل الوزارى، فالتعديل الوزارى محدود للغاية ولم يشمل سوى ثلاث حقائب وزارية فقط أحدهما كانت اضطرارية وهى وزارة الشئون الدينية بسبب شغور المنصب منذ نوفمبر الماضى، عقب إقالة الوزير على خلفية سبه للوهابية وتسببه فى أزمة مع السعودية، ولكن إقالة عبيد البريكى وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد وتعيين خليل الغريانى أحد رموز رجال الأعمال بدلا منه كان السبب الحقيقى فى هذا الزلزال وسط الرأى العام التونسى.

 

تعيين رجل أعمال وزيرًا للوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد سبب الأزمة

فهذا التغيير وفقا للمراقبين له علاقة بقرض صندوق النقد الدولى والإجراءات المفروضة على الحكومة التونسية، حيث كان الوزير السابق البريكى يساند الاتحاد العام للشغل فى تونس، والذى ينادى بحقوق الموظفين العموميين، وقال اتحاد الشغل إن الهدف من التعديل الوزارى إلهاء التونسيين عن حقيقة الأزمة فى البلاد، خاصة بشأن ما تخطط له الحكومة من إجراءات غير مقبولة شعبيا تشمل خصخصة خدمات المياه والكهرباء والصحة والتعليم، وهو ما يعد خضوع تام لإملاءات الصناديق المالية العالمية.

 

حكومة الشاهد تسعى لاستكمال برنامج "الإصلاح الشامل" من قبل البنك الدولى

فحكومة الشاهد ترغب فى استكمال برنامج "الإصلاح الشامل" المفروض من قبل صندوق النقد الدولى، واستكمال برنامج الإصلاح الإدارى فى قطاع الوظيفة العمومية، وهو ما تزامن مع أنباء حول عزم الحكومة التونسية تسريح ما يقرب من 10 آلاف موظف عام، فضلا عن قرارات بالتقاعد الوجوبى، وكلها إجراءات تندرج ضمن التزامات دولية تعهدت بها حكومة الشاهد والحكومات السابقة مع صندوق النقد الدولى فى إطار ما يعرف ببرنامج "تسهيل الصندوق الممدد" الذى حصلت بمقتضاه تونس على قرض مدته أربعة أعوام بقيمة 2,8 مليار دولار.

 

الاتحاد العام للشغل: تعهدات الحكومة لصندوق النقد مثقلة لكاهل الشعب

إلا أن آمال الشاهد فى إنقاذ الاقتصاد التونسى الذى يعانى أزمة حقيقية اصطدمت بالمقاومة النقابية، إذ اعتبر الاتحاد العام التونسى للشغل أن تعهدات الحكومة امام صندوق النقد الدولى "مثقلة لكاهل الشّعب"، دخلت الحكومة والاتحاد فى معركة تكسير عظام على مدار الأشهر القليلة الماضية، وفشل الشاهد فى بناء توازن مع المواقف النقابية أو تحييدها، بل قامت النقابات بتنظيم تظاهرات وإضرابات عمت تونس بسبب تدنى الأجور، وهو ما دفع الحكومة إلى الاتجاه نحو سياسة الأمر الواقع وفرض الإجراءات الإصلاحية خوفا من ضغوط صندوق النقد الدولى.

 

يوسف الشاهد بين مطرقة الأزمة السياسية والاقتصادية.. والسبسى يسعى لإنهاء الأزمة

ويجد يوسف الشاهد نفسه اليوم بين مطرقة الأزمة السياسية جراء التعديل الوزارى غير المقبول وسندان الأزمة الاقتصادية وتعهداته لصندوق النقد الدولى، وفى تلك الساعات يشهد قصر قرطاج محاولات من قبل الرئيس التونسى الباجى قائد السبسى لاحتواء تلك الأزمات بأقل الخسائر الممكنة، حيث ذهبت التكهنات إلى إمكانية إتمام صفقات مع الاتحاد العام للشغل لضمان عدم التصعيد مجددًا فى مقابل غير معروف حتى الآن.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة