قال الكاتب البريطانى جدعون راخمان، أن تفعيل المملكة المتحدة للمادة 50 من اتفاقية لشبونة بنهاية الشهر الجارى يعنى بداية العملية القانونية للطلاق من الاتحاد الأوروبى، وأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى سيبدو فجأة أمرًا حقيقيا.
واستدرك راخمان -فى مقاله بالـفاينانشيال تايمز- بأن هذا الشعور باليقين النابع من تفعيل المادة 50 سيتكشّف، بطرق عديدة، عن محض وهم؛ ذلك أن خروج بريطانيا من الأوروبى (بريكسيت) لا يزال مُحاطا بأجواء من عدم اليقين.
ورجح راخمان أن يعود الخروج بالسلب على بريطانيا وإلى حد ما أيضا على الاتحاد الأوروبي؛ لكن ثمة العديد من المتغيرات المتضمنة فى ذلك والتى لا يمكن لأحد أن يتيقن من أى منها.
وقال الكاتب أن ثمة ثلاثة مجاهيل رئيسية تكتنف عملية الخروج تلك؛ أولها المفاوضات نفسها، ذلك أن كلا الطرفين يتحدثان باحتداد فيما يتعلق بتسوية عملية الخروج، ويسعى الاتحاد لخروج مكلف يصل ثمنه إلى 60 مليار يورو رافضا مناقشة أى اتفاق تجارى إلا بعد أن توافق المملكة المتحدة على السداد، فيما كان الردّ البريطانى المبدئى متصلبا لا سيما من جانب وزير الخارجية بوريس جونسون... أن قضية الأموال هذه كفيلة بتعطيل المفاوضات قبل أن تنطلق فعليا.
وحتى إذا ما شهدت المفاوضات روحًا من المرونة، فإن ثمة علامات استفهام كبرى حول مدى إمكانية التوصل إلى اتفاق حول علاقة تجارية جديدة والمصادقة على ذلك فى غضون عامين اثنين- أن معظم الخبراء المختصين يشككون فى إمكانية ذلك من الناحية الفنية.
ثانى المجاهيل التى تكتنف عملية الخروج بحسب الكاتب تتعلق بالأحداث العالمية التى تستطيع تغيير سياق مفاوضات تلك العملية بشكل جذرى على مدى العامين المرصدوين لتلك المفاوضات ريثما يتم التوصل إلى اتفاق؛ وستتوقف الأمور كثيرا على مَن سيفوز فى الانتخابات الفرنسية والألمانية هذا العام، وإذا ما حدث فوز غير محتمل فى فرنسا لمارين لوبان زعيمة الجبهة الوطنية فى أقصى اليمين فإن ذلك الفوز كفيل بوضع الاتحاد الأوروبى فى حال من الاضطراب.
السياق العالمى ملفوفا بالضباب؛ أن خطوة حادة صوب الانعزالية فى الولايات المتحدة أو نشوب حرب فى شبه الجزيرة الكورية لكفيل بإظهار خروج بريطانيا من الأوروبى بمثابة قضية ثانوية على مدى عامين مما قد يغرى الأطراف بتمديد الفترة المحددة أو حتى إرجاء العملية كليا.
ثالث المجاهيل التى تكتنف عملية الخروج بحسب الكاتب يتعلق بعدم استطاعة المفاوضين أن يجزموا بالتبعات الحقيقية عالميا الناجمة عن أى من قراراتهم: مثلا إمكانية عدم وجود اتفاق تجارة جديد ولا حتى ترتيب مؤقت مناسب- أو حال مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبى وعملها بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية: أن تبعات ذلك تبدو سلبية جدا على المملكة المتحدة التى قد تفقد جراء ذلك الكثير من فرص العمل فى قطاع التصنيع.
واختتم راخمان مؤكدا على أنه فى ظل تلك المجاهيل والمتغيرات لا يمكن غير التخمين، أما اليقين فليس لأحد أن يدعيه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة