خمس سنوات مرت على تلك اللحظة التى أعلنت فيها الكنيسة غياب البابا شنودة الثالث، خمس سنوات كاملة تبدلت فيهم الكنيسة كثيرًا، وظل البابا الراحل حاضرًا فى أى محاولات للتغيير، فكل القرارات مرهونة بما فعل أو لم يفعل، وكل الأفعال تقارن بمواقفه، وكأنه مسطرة قياس للكنيسة العريقة تعبر عن استقامة قراراتها.
البابا شنودة لم يغيب حتى أن تركته الكبيرة ما زالت تشغل بال خلفه البابا تواضروس، وتدفعه أحيانًا وتعطله أحيانا أخرى عن اتخاذ قرارات كثيرة، وللبابا شنودة حواريين وتلاميذ لا يقبلون بأقل مما كان يفعل.
تلاميذ البابا شنودة يخلدون ذكراه
تلاميذ البابا شنودة أصروا على تخليد ذكراه، حتى أن سكرتيره الأنبا أرميا، والذى ظل ملاصقًا له ما يزيد عن 19 عامًا، قد أتخذ من الدور الأرضى بالمركز الثقافى القبطى بالكاتدرائية متحفًا لمقتنيات البابا الراحل، حيث يضم عدد من ملابس الخدمة الكهنوتية والرهبانية التى ارتداها البابا فى المناسبات المختلفة، وكذلك عصى الرعاية التى حملها، بالإضافة إلى بعض الهدايا التى قدمت له من لوحات مرسومة ومهداه للبابا وتاج خاص بالبابا، وكذلك صور تذكارية قديمة وحديثة أخذت له، وأيقونات وبعض الأدوات التى كان يستخدمها، ومخطوطات كتبت بخط يده، أهمها البيان التاريخى الذى بارك به البابا شنودة ثورة يناير 2011.
كذلك فإن كنيسة العذراء بالزيتون، التى شهدت ظهور العذراء فوقها فى الستينات، وكانت من ضمن الكنائس المفضلة لدى البابا شنودة قد أسست هى الأخرى متحفًا صغيرًا لبعض مقتنيات البابا الراحل يضم بعض من ملابسه والأناجيل التى صلى بها فى الكنيسة، وأدوات وأقلام استخدمها فى حياته.
دير الأنبا بيشوى ينتج فيلم المزار عن حياة البابا
أما القمص بولس الأنبا بيشوى أحد طاقم سكرتارية البابا شنودة فى أيامه الأخيرة، فقد حمل على عاتقه الإشراف على إنتاج فيلم المزار الذى انتهى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون من تصويره، وحمل اسم "المزار"، يجسد حياة البابا شنودة منذ مولده وحتى وفاته ودفنه بمزاره بدير الأنبا بيشوى.
الفيلم الذى أخرجه ألبير مكرم، أعده وكتبه الراهب القمص بولس الأنبا بيشوى، وشارك فيه عدد ممن عايشوا البابا، مثل المطران منير حنا مطران الكنيسة الأسقفية بمصر وسائر إفريقيا، وجرجس صالح الأمين العام الفخرى لمجلس كنائس الشرق الأوسط.
وتقول نانسى مجدى المذيعة بقناة (CTV) التابعة للكنيسة، والتى أعدت التعليق الصوتى للفيلم، إن العمل يجسد قصة حياة البابا الراحل، وأهم محطات حياته، بالإضافة إلى حكاية بناء مزاره فى دير الأنبا بيشوى ووصيته بأن يدفن فيه بعد وفاته، بالإضافة إلى تحليل لمواقفه فى القضايا السياسية المختلفة، وكيف تصرف إزاء أحداث الفتن الطائفية مع الحرص على توثيق العمل بخطبه وكتاباته.
الأقباط يزورون البابا شنودة فى ذكرى رحيله
فيما يحرص شعب الكنيسة وفى مثل هذا اليوم سنويًا على زيارة ضريح البابا شنودة أو مزاره بدير الأنبا بيشوى ينشدون مديحه وتمجيده، يحفون قبره لينالوا البركة، "فى آلامنا وفرحنا ياما شاركتنا، سألنا جاوبتنا.. البابا شنودة الثالث"، وهى تتطلع إلى السماء وتستكمل تمجيد البابا شنودة الذى تلقبه بآخر الباباوات العظام، وعلى اليمين يشاركها أولادها الصلاة أمام صورته وهو ينظر إلى السماء حيث يكتب عليها "ربنا موجود"، جهاد صلواتك، ثمارهم فى حياتك، وكتبك وعظاتك، البابا شنودة الثالث"، يردد رجل أربعينى بصوت عالى وهو يحف بيده مزار البابا شنودة.
فى مزار البابا تتدلى ملابسه الرهبانية السوداء، من سقف متحف صغير يضم مقتنياته ولا يخلو من طلبات كتبها له الأحبة رغبة فى نيل شفاعته وبركته، وفى الخلفية صوت البابا يعظ فى محبيه، حيث يشغل الدير تسجيلات صوتية لأشهر عظاته التى شغل بها الدنيا فكسب قلوب المسلمين والأقباط، وفى الواجهة كتبه وأعماله الباقية إرثًا لكنيسته وللتاريخ.
البابا تواضروس يرقى قساوسة لدرجة القمصية اليوم
ومن جانبه، حرص البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية على إحياء ذكرى رحيل البابا شنودة سنويًا بزيارة مزاره بدير الأنبا بيشوى وادى النطرون وتطييب رفاته، كما قرر أمس الاحتفال بترقية عدد من القساوسة الكهنة إلى درجة القمصية فى صلوات يرأسها بالدير.
إنجيل استخدمه البابا للصلاة
جانب من متحف البابا شنودة بكنيسة الزيتون
مقتنيات البابا شنودة بكنيسة الزيتون