يعد موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من التنظيمات الإرهابية وفى مقدمتها جماعة الإخوان، من أبرز القضايا التى ساهمت فى إعادة التقارب بين مصر والولايات المتحدة فى الأشهر الأخيرة، حيث يؤيد العديد من مسئولى الإدارة تصنيف الجماعة كتنظيم إرهابى، ويساندون مساعى داخل الكونجرس لتحويل هذه الخطوة إلى حقيقة بالفعل.
وبعد أيام من انعقاد الدور الجديدة للكونجرس الأمريكى فى يناير الماضى، انضم عضو مجلس النواب عن ولاية فلوريدا ماريو دياز بلارت إلى السيناتور الجمهورى البارز تيد كروز فى تقديم مشروع مجددا لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية، وقال دياز عن تلك المساعى، والتى لم تكن الأولى من نوعها، أن الإخوان جماعة لا تزال تدعم التنظيمات الإرهابية المسئولة عن أعمال العنف حول العالم، مشيرا إلى أن مشروع القانون يفرض عقوبات صارمة على الجماعة التى وصفها بالكريهة والتى نشرت العنف وولدت حركات متطرفة فى الشرق الأوسط.
وفى الدورة السابقة للكونجرس، قاد السيناتور تيد كروز محاولات لإدراج الإخوان على قوائم الإرهاب، وأشار إلى أن القانون يعترف بالحقيقة البسيطة بأن الإخوان جماعة إسلامية راديكالية. ومع إحيائه لجهوده فى ملاحقة الإخوان، نشر تغريدة شهيرة على موقع تويتر، قال فيها "حان وقت تسمية العدو". إلا أن جهود كروز السابقة لم تلق صدى كبيرا فى ظل وجود إدارة باراك أوباما التى طالما دعمت الإخوان سواء فى مصر أو فى دول أخرى، ورأت أنهم يندرجون تحت من أسمتهم بالمسلمين المعتدلين.
لكن تغير هذا الموقف بدخول ترامب إلى البيت الأبيض، حيث إن سياسيته القائمة على مكافحة التطرف والإرهاب جعلته يرى مدى الخطورة التى يمثلها تنظيم الإخوان.. وكانت اختيارات ترامب لمسئولى إدارته تسير فى هذا الاتجاه. فمن أبرز المعادين للإخوان فى الحكومة الأمريكية الحالية ريكس تيلرسون، وزير الخارجية، والذى تطرق للحديث عن التنظيم خلال جلسة الاستماع التى عقدت بمجلس الشيوخ الأمريكى للمصادقة على تعيينه، وتحدث عن خطط لتعقب الجماعات الأصولية الإسلامية مثل تنظيم القاعدة وجماعة الإخوان وبعض العناصر داخل إيران.
وخلال خطابه حول منطقة الشرق الأوسط، قال تيلرسون: "القضاء على تنظيم داعش يمثل الخطوة الأولى لوضع نهاية لقدرات جماعات وأفراد آخرين قد يشنوا هجمات ضدنا أو ضد حلفائنا. تصفية تنظيم داعش سوف تسمح لنا بتوجيه مزيد من الاهتمام للجماعات الأخرى التى تتبنى الإسلام الأصولى، مثل تنظيم القاعدة، وتنظيم جماعة الإخوان، وبعض العناصر داخل إيران".
ولا يقتصر الأمر على مساعى إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب، بل إن هناك استبعادا للمسئولين الذى أحاطت بهم شبهات الصلة بالتنظيم الإرهابى أو مجرد الدفاع عنه، وأبرز دليل على ذلك ما حدث أن باترسون، التى رشحها وزير الدفاع الأمريكى جيمس ماتيس لشغل منصب هام فى البنتاجون، حيث اضطر ماتيس إلى سحب ترشيح باترسون، والتى كانت سفيرة لواشنطن فى مصر بين عامى 2011 و2013، وسط معارضة من نواب الكونجرس الذين شعروا بقلق من علاقتها الوثيقة بالتنظيم الإرهابى.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أنه برغم ما قيل عن أن باترسون تحظى بدعم رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ جون ماكين، وأنها كانت ستحصل على الأرجح على أغلبية أصوات الديمقراطيين والجمهوريين، إلا أن إدارة ترامب أعربت عن دعم قوى للرئيس عبد الفتاح السيسى، الحليف القوى فى محاربة الإرهاب، ورفضت الانتقادات الموجهة له.
ويعد أشد معارضى باترسون، عضو مجلس الشيوخ تيد كروز وتوم كوتون، من أبرز أعداء الإخوان فى الكونجرس فقد شبه كوتون التنظيم بداعش والقاعدة، وطالب المسلمين حول العالم بقيادة حركة إصلاح لرفض التنظيم، بينما قدم السيناتور تيد كروز مشروع قانون لتصنيف التنظيم جماعة إرهابية.
وقبل ساعات من سحب ترشيحها، ذكر موقع "واشنطن فرى بيكون" أن المعارضة لباترسون داخل الكونجرس قد تزايدت، مشيرا إلى أنها كانت سببا فى تقويض العلاقات مع الرئيس السيسى. وقال مصدر إن هناك قلقا متزايدا بشأن اختيار باترسون لهذا المنصب الرفيع لأنه هذا من شأنه أن يبعث رسالة خاطئة بالنظر إلى خلفيتها فى مصر وخاصة تعاطفها مع الإخوان المسلمين.