«زعيم تنظيم داعش الإرهابى أبوبكر البغدادى موجود فى منطقة الجزيرة، بالقرب من الحدود السورية، والحقيقة أنه فقد السيطرة بالكامل على الأرض».. هكذا تحدث الفريق الركن عبدالأمير رشيد يار الله، نائب قائد العمليات المشتركة العراقية، قائد عمليات «قادمون يا نينوى»، مؤكدًا فى حوار خاص لـ«اليوم السابع» عبر الهاتف أن تنظيم داعش الإرهابى لا يمثل الإسلام، وأن الحرب ضد التنظيم المتطرف ليست بين طوائف، وأن الدول العربية لم تقدم أى دعم لقوات الجيش العراقى على الأرض، وأن العراق يرسل ضباطًا للتدريب فى مصر والأردن، نافيًا ما تردد حول استخدام تنظيم داعش أسلحة كيماوية ضد الجيش العراقى.
وفيما يلى نص الحوار..
كم تبلغ مساحة الأراضى التى حررها الجيش العراقى فى مدينة الموصل؟
- بداية، الموصل هى ثانى أكبر مدينة بعد بغداد من حيث عدد السكان، وتمكن تنظيم داعش الإرهابى من السيطرة عليها يونيو 2014، وقد بدأ التخطيط لعملية الموصل بداية عام 2015، لكن بعد سقوط مدينة الرمادى مايو 2015 تغيرت كل الخطط العسكرية، وقمنا بالذهاب للرمادى، وتركنا الموصل كمرحلة ثانية، وبدأ الانطلاق لتحرير الرمادى فى عملية استمرت سبعة أشهر، وقد تحررت المدينة فى فبراير 2016، كذلك كانت هناك عمليات أخرى فى صلاح الدين لإكمال تحريرها، وتوجهنا للفلوجة فى مايو 2016، حتى تم تحريرها، وبعدها توجهنا لتحرير الموصل، وانطلقت عملية تحرير الموصل فى أكتوبر 2016، بمشاركة الجيش والشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الإرهاب والحشد الشعبى، وبدأنا بعملية كبيرة جدًا فى عدة مناطق، وتمكنا فى 24 يناير الماضى من تحرير الساحل الأيسر لمدينة الموصل، وأيضًا مساحات شاسعة من الجهة الغربية لنهر دجلة.
وانطلقت المرحلة الثانية لتحرير الساحل الأيمن للموصل 19 فبراير الماضى، ومازالت العمليات مستمرة، ولم يتبق من الموصل سوى نصف الساحل الأيمن، وقضاء تلعفر، وقضاء البعاج، والحضر، وناحية العياضية، والقيروان، وهذه المناطق حاليًا تحت سيطرة داعش، والتى تمثل من 10 إلى 15% من مساحة الموصل.
وكم المدة التى ستستغرقها القوات العراقية لتحرير مدينة الموصل؟
- لا يوجد وقت محدد لانتهاء عمليات الموصل، لكن عقب تحرير الساحل الأيمن للموصل نتمكن بعدها من تحديد المدة الزمنية التى يمكن خلالها تحرير مدينة الموصل بالكامل، والسبب يرجع إلى أنه ولأول مرة خلال عمليات التحرير التى تمت خلال العامين الماضيين تقاتل القوات العراقية فى منطقة سكنية، فقد كانت عمليات الجيش العراقى تقاتل فى تكريت والفلوجة والرمادى والرطبة، وهى مناطق كانت فارغة، لكن الآن نقاتل فى منطقة مكتظة بالسكان، أى ما يقرب من مليون ونصف مليون إلى مليونى مواطن، نحن مطالبون بالحفاظ على حياتهم، وعلى البنية التحتية، وتحرير تلك المناطق، لذلك تقدمنا يكون ببطء، وقد اضطررنا للتقدم بحذر حتى لا تحدث خسائر فى أرواح المدنيين، والظروف الجوية فى الوقت الراهن لا تساعدنا، لهطول الأمطار، ما يؤخر عملياتنا، أما البنايات الموجودة فى محافظة وقضاء الموصل فى الساحل الأيمن فمعرقلة أيضًا، لأنها مبانٍ قديمة، وهى تشبه المناطق الشعبية فى مصر، فهى عبارة عن بنايات قديمة وممرات ضيقة تحتاج إلى القتال من منزل لآخر، فى ظل استخدام تنظيم داعش المدنيين دروعًا بشرية.
كيف تتعاملون فى المناطق المكتظة بالسكان فى الساحل الأيمن للموصل؟
- لقد أجبرنا على تحييد كثير من أسلحتنا، فمن النادر استخدام سلاح المدفعية أو الهاون، وكذلك الطائرات نلجأ لضربات دقيقة جدًا من طراز f16، حتى نضمن ضرب الهدف فقط، وعدم سقوط قتلى من المدنيين، لهذا السبب المقاتلون فى المدينة سواء من الشرطة الاتحادية أو قوات مكافحة الإرهاب يستخدمون أسلحتهم الشخصية، ومن النادر أن نستخدم الأسلحة الثقيلة، حتى لا نسقط المدنيين، وهذا السبب أدى لتأخير الحسم فى العمليات العسكرية، وبالرغم من مرور شهر لم ننجز 50% من الساحل الأيمن للموصل، بسبب تلك المعوقات التى تمنع تقدم القوات، لأننا نسعى للحفاظ على البنية التحتية والمواطنين.
ما تقييمك لمشاركة الحشد الشعبى فى العمليات العسكرية؟ وبماذا تردون على التقارير التى تتحدث عن قيامه بجرائم ضد السنة؟
- الحشد الشعبى هو مؤسسة أمنية، وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، ومقاتلوها يمتلكون عقيدة، وبعضهم يقاتل دون راتب، أى أنهم متطوعون بجانب قوات الجيش، وكان لهم دور كبير فى المعارك السابقة، ولاسيما فى ديالى وصلاح الدين والفلوجة، وحتى المعارك فى الموصل، وقد وضعنا الحشد الشعبى فى الجهة الغربية، وقد تمكن من تطهير 4 آلاف كم مربع، وما يقارب أكثر من 175 قرية، والأهم من هذا تمكنهم من قطع الإمدادات لتنظيم داعش من سوريا إلى العراق، فعملهم رائع وكبير، وهم عبارة عن قوة تدعم الجيش العراقى، فنحن نعمل مع فصائل الحشد لتحرير بعض المناطق، والسيطرة على الطرق بين الساحل الأيمن للموصل وقضاء تلعفر.
أما عملية استهداف وتشويه دور قوات الحشد الشعبى فليست بجديدة، وما نرغب فى قوله أن كل هؤلاء الناس الذين يقاتلون فى الموصل هم عراقيون، هدفهم واحد، هو تحرير محافظة نينوى، والحفاظ على أهلهم فى المحافظة، وهذا هو الهدف الرئيسى، ولا يوجد هدف آخر.
هل هناك أى وجود لمستشارين عسكريين أجانب لمساعدة الجيش العراقى فى معركة الموصل؟
- هناك مستشارون من التحالف الدولى فى عمليات الموصل، وأغلبهم من الولايات المتحدة، وهناك من بريطانيا، وهناك مستشارون إيرانيون مع الحشد وموجودون بغرض الدعم.. قوات التحالف واجبها تقديم الدعم الجوى، والمعلومات الاستخباراتية، والتدريب، أما من يقاتل على الأرض ويحرر المناطق فهم القوات العراقية بكل مسمياتها.
فى 2014 انهار الجيش العراقى أمام تنظيم داعش.. ما السبب؟ وكيف تمكن من العودة بقوة؟ وفى رأيك هل كانت الطائفية سببًا فى انهيار الجيش العراقى؟
- نحن لا نعرف الطائفية وتلك المسميات سوى فى هذا الوقت، لقد قضيت 35 عامًا فى الجيش العراقى ولم نعرف مصطلح الطائفية، وهى تسمية جديدة، هناك عدة أمور أدت لسقوط بعض المدن، على رأسها الموصل، ونفس الجندى الذى أسقط الموصل يحررها الآن، نحن لم نأت بجيش جديد، لكن حدث تغيير فى القادة العسكريين، ونفس الجندى الذى سلّم الموصل عام 2014 الآن يعيدها، سواء من الجيش العراقى أو قوات مكافحة الإرهاب.
جهاز مكافحة الإرهاب العراقى هو الأقوى بحسب تقارير أمريكية.. كيف تمكن الجهاز من تطوير قدراته مؤخرًا؟
- قوات مكافحة الإرهاب شكلت من قبل الأمريكيين عام 2007، وتطورت وأصبحت جهازًا يمتلك مقاتلين لهم خبرة كبيرة، فهم أناس نسميهم النخبة، وهم دائمًا يتولون المهام الصعبة والقتال فى المناطق المبنية، ونلقى عليهم المهمة، وهؤلاء تلقوا تدريبًا راقيًا، وتأهيل المقاتل يصل لمدة عام كامل، وخلال معركة الموصل المقاتل يحارب بالموصل ويعود لأخذ دورة تدريبية فى بغداد كى يعود ويواصل، فالجهاز بُنى بشكل صحيح وأخذ على عاتقه التحرير، نحن نحتاج لمقاتلين مدربين تدريبًا عاليًا، فهؤلاء يقدمون دعمًا وإسنادًا للجيش العراقى، فهؤلاء المقاتلون يتقدمون الصفوف الأولى، ويستحقون أن يكونوا الأبرز فى الشرق الأوسط.
ما أبرز الدول العربية التى تدعمكم؟ وما أشكال الدعم التى يحتاجها العراق فى الفترة المقبلة؟
- للأسف، خلال العامين الماضيين لم أجد أى دعم من القوات العربية أو الدول العربية على الأرض، لكننا نشارك دورات للقوات الخاصة فى الأردن، أو نرسل ضباطًا للتدريب فى مصر، لكن كدعم حقيقى لا يوجد أى دعم من الدول العربية المحيطة بالعراق أو الدول العربية بشكل عام.
نحن نحتاج سلاح الهندسة وأسلحة الردع، فالعدو سلاحه المفخخات، فنحن نحتاج عناصر فى سلاح الهندسة، للتعامل مع تفخيح داعش للبنايات والطرق، وهؤلاء أكثر سلاحين نحتاجهما، وهما الجهد الهندسى، وأسلحة مقاومة الدبابات فى مواجهة العمليات المفخخة.
وقد زودنا الجانب الأمريكى بمعدات هندسية، وهى عجلات للتعامل مع العبوات، ودرّب مقاتلين للتعامل ولهم خبرة، وتم تدريب وتجهيز قواتنا، لاسيما فى سلاح الهندسة.
من أين تأتى خطوط الإمداد والتموين لتنظيم داعش؟ وهل لا تزال هناك خطوط دعم للتنظيم الإرهابى؟
- الجيش قطع الإمداد بين الساحل الأيمن وتلعفر بالكامل، وأصبح عزل الساحل الأيمن نهائيًا عن الإمداد، والحشد الشعبى قطع خطوط الإمداد من سوريا إلى تلعفر بالكامل، ولهذا كل إمدادات داعش الخارجية والداخلية تم قطعها.
هل استخدم داعش أسلحة كيماوية أو محرمة دوليًا ضد الجيش العراقى خلال معركة الموصل؟
- لم نشهد استخدام تنظيم داعش أسلحة كيماوية فى الموصل.
هل وضعتم خطة لـتأمين الموصل بعد التحرير من قبضة داعش؟
- بالتأكيد، قيادة العمليات المشتركة وضعت الخطط الكاملة للتحرير والسيطرة، وكذلك الخطط الإنسانية وإعادة الحياة، وعندما نحرر الموصل ستنفذ تلك الخطط والاستراتيجية بصورة كاملة، لمنع عودة داعش للسيطرة أو الظهور مرة أخرى.
أين يوجد أبوبكر البغدادى زعيم تنظيم داعش؟ وهل تتبعونه؟
- المعلومات المتوفرة لدينا أنه غير موجود فى المناطق التى نقاتل بها، وبحسب معلوماتنا الاستخبارية فهو موجود فى منطقة الجزيرة بالقرب من الحدود السورية، لاسيما فى المناطق التى لم تحرر، وهناك معلومات تقول إنه جرح بعد غارات جوية ونقل إلى الرقة، وهناك معلومات تقول إنه مختبئ بالبعاج.. هذا الشخص لا يمثل لنا أهمية، فهو فقد السيطرة بالكامل على الأرض، ومن يقاتلون معه يقومون بذلك دون قيادة، وبسيطرة لامركزية فى المناطق التى نقاتل بها، ودوره انتهى فى هذه المنطقة.
رسالة أخيرة للمواطن العراقى والعربى؟
- رسالتى لإخواننا فى مدينة الموصل، وعدناكم أن نحرر الموصل من قبضة داعش، وفى الأيام القليلة المقبلة سنحررها، والمهم لنا عودة ثقة المواطن فى الجيش، فنحن نسعى لإعادة الثقة بين المواطن والجيش وقواته الأمنية، لأننا فقدنا هذه الثقة، وكان ذلك أحد أسباب سقوط الموصل، فالقوات المسلحة العراقية تقدم الشهداء والجرحى لتحرير الأرض، ويجب محاربة داعش فكريًا فى المستقبل عقب الانتصار عسكريًا.
رسالتنا للدول العربية، العراق جزء من الأمة العربية، وأنتم مطالبون بدعمه، نحن جزء من العرب، وعليكم دعمنا فى حربنا ضد داعش الذى يمثل تهديدًا للأمة العربية والإسلامية والعالم.
تحدثتم عن الحرب الفكرية ضد داعش.. هل أنتم بحاجة لدعم الأزهر الشريف لتجديد الخطاب الدينى؟
- نحن بحاجة من كل المراجع الدينية الشيعية والسنية والكنائس لدعم العراق والقوات الأمنية، فالحرب هنا ليست بين الطوائف، الحرب مع فكر متطرف فى العراق، وهذا الفكر قد يكون غدًا فى دول أخرى، فالتنظيم ضرب الدول المتقدمة، وعلينا جميعًا محاربة الفكر حتى نعطى الوجه الحقيقى للإسلام، فداعش لا يمثل الإسلام، وعلينا جميعًا إرشاد شبابنا بعدم الانجراف وراء هذا الفكر المتطرف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة