سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..5 مارس 1955.. أول مصرى يدخل «عمان» من مائة عام سرا بتكليف من جمال عبدالناصر

الأحد، 05 مارس 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم..5 مارس 1955.. أول مصرى يدخل «عمان» من مائة عام سرا بتكليف من جمال عبدالناصر عبد الناصر وغالب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سأل البكباشى «على خشبة» الملحق العسكرى فى «جدة» أصدقاءه السعوديين ذوى الخبرة عن كيفية السفر إلى «عمان».
 
كان مقصد السؤال هو، تنفيذ مهمة مخابراتية خاصة تتكشف حقيقتها من سطور خطاب تلقاه من الرئيس جمال عبدالناصر فى شهر فبراير عام 1955، يقول فيه: «اتصل بنا طالب بن على أخو الإمام فى بلاد عمان «بضم العين»، وشرح لنا طرفا من قضية تعدى الإنجليز على بلاده، عليك أن تتوجه إلى عمان ولا تسألنا عن الوسيلة، قابل الإمام وابحث القضية وابعث لنا بالتفاصيل».
 
كان هذا الخطاب مفتتحا لقصة طويلة ومعقدة يرويها «فتحى الديب» ضابط المخابرات المصرية ومسؤول الدائرة العربية فيها، فى كتابه «عبدالناصر وتحرير المشرق العربى» «مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية- الأهرام- القاهرة«، يذكر «الديب» أنه فى شهر نوفمبر 1954 وصل إلى القاهرة شخص قدم نفسه باسم «طالب بن على» شقيق الإمام غالب بن على حاكم إمارة عمان، مبديا رغبته فى لقاء جمال عبدالناصر ليبلغه رسالة شخصية من شقيقه الإمام غالب، ويوضح «الديب» طبيعة شخصية «طالب» قائلا: «تتسم بكل ما تحمله معانى البداوة من صفات أكدها الرداء البدوى الذى يرتديه والخف الذى انتعله والصرامة الجافة على وجهه، والصوت الأجش الذى صدر عنه، والبعد الواضح عن الإلمام بأى صورة من صور المدنية فى التعامل»، ولهذا بذل «الديب» جهدا مضنيا لثلاث ساعات لإقناعه بالكشف عما يريد إبلاغه للرئيس عبدالناصر.
 
قال «طالب»، إنه جاء بعد أن تدارس هو والإمام غالب ومعاونيه من مشايخ القبائل العمانية، وما سمعوه عن وقوف جمال عبدالناصر وثورة 23 يوليو إلى جانب الشعوب العربية المناضلة من أجل حريتها، وأنهم يواجهون غزو السلطان سعيد بن تيمور سلطان مسقط والإنجليز لأرض عمان «لم تكن الدولة موحدة وقتها»، ويطلبون من مصر إمدادهم بألف وخمسمائة إبرة ضرب نار جديدة لاستخدامها فى البنادق المعطلة حاليا لمواجهة الغزو «قدم نموذجا من الإبر ة المطلوبة».
 
تعددت اللقاءات مع «طالب» بعد أن أبلغ «الديب» القصة إلى «عبدالناصر» واستعان «الديب» بوزارة الخارجية والجامعة العربية لمعرفة الأوضاع فى «عمان» و«مسقط»، ثم رفع تقريرا متكاملا إلى «عبدالناصر»، فقرر معاينة الأمر سرا على أرض عمان، واختار «خشبة» لهذه المهمة، وبعث إليه بخطابه، وحسبما يذكر «خشبة» فى شهادة له فى كتاب «الديب»، فإنه بعد تسلمه للخطاب، وأسئلته عن كيفية السفر، التقى مع الشيخ إبراهيم السليمان مدير مكتب الأمير فيصل بن عبدالعزيز ولى عهد العاهل السعودى، الذى زوده بمفتاح الرحلة الأول، وهو اسم أحد رجال المملكة فى «دبى»، وهمزة الوصل بينها وبين إمام عمان.
 
بدأ «خشبة» الرحلة من قطر إلى الشارقة صباح يوم 5 مارس «مثل هذا اليوم» 1955، وفى الشارقة سجل اسمه بالفندق الذى ينزل فيه ثم ترك حقيبته وغير ملابسه بأخرى عمانية حتى لا يلفت الأنظار، ودس نفسه فى عربة الفندق متوجها إلى «دبى»، وتوجه إلى الرجل الذى حدثه عنه الشيخ «السليمان»، وكان فى محل تجارته، وسلمه خطاب توصية من «السليمان»، لكنه رد باستحالة هذه الرحلة الآن، لأن القوات البريطانية طوقت المنطقة كلها وتبحث عن الثوار والأسلحة، وأصر «خشبة» على تنفيذ الرحلة، فخبأه الرجل فوق سطح بيته خارج دبى سبعة أيام، حتى رتب رحلة بحرية لمركب يحمل أخشابا إلى عمان.
 
تخفى «خشبة» فى زى عمانى، وصعد إلى المركب الذى دار حول مضيق هرمز ووصل إلى شاطئ عمان بعد 60 ساعة، ومن الشاطئ تسلل ومعه دليلين عبر طريق جبلى سار فيه ثلاثة أيام، ليدخل «نزوى» عاصمة عمان، ويلتقى الإمام غالب، ووفقا لـ«الديب»، كان «خشبة» أول مصرى يدخل عمان منذ أكثر من مائة عام، واستبشر العمانيون خيرا بقدومه خاصة أن الأمطار كما ذكر الإمام هطلت بعد انقطاع دام عشرين عاما، وبدأت الاجتماعات وحدد العمانيون فيها مطالبهم من مصر، وبعد انتهاء المهمة قرر الإمام أن تكون العودة عن طريق واحة البريمى وبواسطة الإبل، ويقودها «دليل عمانى».
 
استغرقت الرحلة 15 يوما سيرا، وأثناءها مرض «خشبة» بالملاريا، واشتدت عليه فاضطر الدليل العمانى إلى ربطه على الجمل، ليمنعه من السقوط، حتى وصل إلى بلدة البريمى، وما إن علم حاكمها السعودى حتى نقله إلى المستشفى للعلاج، ومن البريمى انتقل إلى الظهران الذى فشل حاكمها الأمير سعود بن جلوى، فى محاولة التعرف على أسباب وجوده وزيارته إلى عمان، وأخيرا التقى الملك سعود به بناء على رغبته، وبتوجيه من عبدالناصر، أعطاه «خشبة» صورة عامة لما حدث معه لطمأنته.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة