منذ وصوله السلطة استخدم رئيس الفلبين رودريجو دوتيرتى لغة الكتاب المقدس لكى يدافع عما يقوم به من قتل جماعى، وتعهد بالتضحية بنفسه وحتى بابنه من أجل تطهير البلاد من الجريمة وتجارة المخدرات.
وأطلق دوتيرتى موجهة مسلحة ضد عصابات تجارة المخدرات، أودت حتى الآن بحياة 7 آلاف شخص على الأقل، ما دفع المعارضة إلى شن هجوماً قوياً عليه، إلا أن الدعم العام للرئيس ظل مرتفعا وظلت المؤسسات ومنها الكنيسة الكاثولكية طوال أغلب هذه الفترة صامتة.
لكن الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على تولى دوترتى الحكم، وارتفاع معدل القتلى فإن القيادة الكاثوليكية، بحسب ما قالت صحيفة واشنطن بوست، أصبحت تعبر عن موقفها، وفى خطاب نشر فى فبراير الماضى انتقد قادة الكنيسة حملة دوترتى ووصفوها بأنها "عهد الإرهاب" ضد الفقراء.
كما أن الراهبات والمبشرين، الذين تشجعوا بموقف أساقفتهم، يتخذون موقفا بدورهم ويقدمون ملاذا للشهود الخائفين ويدفعون مقابل إقامة الجنازات وتنظيم المسيرات. وبدأ القادة الدينيون الذين أيدوا الرئيس من قبل يديرون ظهورهم له، وهو الأمر الذى يمكن أن يضر بشعبيته السياسية.
وتقول صحيفة واشنطن بوست إن حياة الآلاف أصبحت على المحك فى الفلبين، وكذلك مصداقية مؤسسة طالما لعبت دورا أساسيا فى الحياة الفلبينية. فكان القادة الدينيون قد ساعدوا على الإطاحة بحكم الديكتاتور فيرديناند ماركوس عام 1986، وقادوا منذ هذا الحين حملات دفاعا عن الحقوق المدنية وحقوق البيئة.
إلا أن الكثيرين يرون أن دور الكنيسة الكاثوليكية ينحسر. ويتهم المنتقدون، ومنهم دوترتى نفسه، قادة الكنيسة بالفساد، ويقولون إن الأساقفة تخلوا عن دورهم كضمير وطنى وتحالفوا مع الأقلية الحاكمة.
وبعض الكهنة ومنهم جويل تابورا، الذى يترأس جامعة فى البلدة التى تعد مسقط رأس دوترتى، دعم الرئيس فى البداية لأن الأخير تعهد بأن يعيد السلطة للفلينيين العاديين من حلال التعامل مع الجريمة بقوة. لكن الشهر الماضى، ومع ظهور أدلة على إفلات الشرطة من العقاب، كتب تابورا رسالة إدانة للرئيس قال فيها "تصويتى لدوترتى كان تصويتى له كرئيس للفلبين، وليس كإله، ولم يكن تصويتا له كشيطان". إلا أن دوترتى، وكما تقول واشنطن بوست، سعيد بالرقص مع الشيطان. فعندما أدان الكهنة انتشار القتل، لم يردعه ذلك وقال لمواطنى بلاده "سأذهب إلى الجحيم، تعالوا معى".
ويميل الفلبينيون إلى المزح بأنهم أكثر كاثوليكية من البابا نفسه. فبلادهم تحظر ليس فقط الإجهاض ولكن الطلاق أيضا، وبعض الكهنة يعارض استخدام الواقى الذكرى لأنه يتعارض مع ثقافة الحياة، وهو ما يجعل صعود دوترتى لافتا بشكل أكبر.
وتعلم القادة السياسيين فى الفلبين أن يلبوا أجندة الكنيسة، حيث أن أكثر من 80% من الفلبينيين من الكاثوليك أو يعرفون أنفسهم كذلك، مما يجعل العقيدة الدينية قوة سياسية فعالة. وعندما دخل دوترتى إلى السياسة الوطنية، بعد أن ظل لفترة طويلة ناب رئيس بلدية ثم رئيس بلدية مدينة دافاو الجنوبية، لم يتودد لرجال الدين ، بل هاجمهم. وعندما كان طفلا، تعرض لتحرش من قبل قس، كما يقول. ورأى أن الكنيسة مليئة بالمنافقين.
وعرض دوترتى على الفلبينيين نوعا مختلفا من الخلاص. فقال إنه لم يرد أن يكون رئيسا، لكن لو كان الناس بحاجة إليه، وهو بحاجة إليهم، فإنه سيقتل كل المجرمين فى البلاد خلال ستة أشهر، وسيغرق الجثث حيث يسمن السمك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة