تحتاج إلى أيام بل إلى أسابيع كى تقرأ عن اليابان وشعبها، لكن عن تجربة مباشرة مع بعض الشركات اليابانية ومن يعملون بها وأسرهم وبعض القراءة لحالنا وحال من حولنا، أردت أن أكتب عن هؤلاء البشر الذين يسكنون معنا على الكرة الأرضية يضيفون لها ولنا حضارة ورقيا وتقدما وإنسانية وتعاليم دنيوية، نستطيع جميعا أن نتعلم منها.
إن حجم التقدم الذى وصل إليه هذا الشعب بعد صدمات كبيرة فى تاريخه يحتاج إلى وقفة، كى نعرف كيف تقام الدول بعد مرورها بأصعب الأوقات، وكيف يتم إعادة تشكيل المؤسسات وتنظيم العمل فيما بينها، وكيف تنتهى الفوضى فى المجتمع وتكون القضايا الأهم هى التى تحتل مساحة كبيرة من تناول الرأى العام.
بناء الدول هو من أصعب الأمور، وأصعب مرحلة فى بناء الدولة هو أن يجمع الشعب بكل طوائفه وانتماءاته على أهمية البناء وعلى أن الخيارات ليست كثيرة فإما البناء وإما الهلاك.
والحقيقة أننى أسأل نفسى دائما أليس رب العباد مطلعا على ما تخفيه الأنفس؟ أليس هو الذى أراد ممن يعمل أن يتقن عمله؟ أليس هو من أمرنا إذا حكمنا بين الناس أن نحكم بالعدل؟ أليس هو الذى دعانا كى نبتكر ونعمر فى الأرض؟
إذًا رب العباد وحده هو الحكم على من يدخله جنته أو من يخرجه منها، ولا يستطيع أى إمام أو فقيه أن يحكم فى ذلك أو أن يقرأ شواهد كى يقرر من يدخل الجنة ومن يخرج منها.
الحقيقة أن اليابان استطاعت أن تخلق جنة على الأرض قد تصل بهم إلى جنة السماء، ولا يستطيع شعب به بيوت للعبادة لا تخلو ليل نهار من المصلين ولا يعمل أن يقول إننى ذاهب للجنة وهؤلاء الذين يعملون بجد وتعب وكفاح ويطبقون كل تعاليم الدين فى دنياهم يقال عليهم إنهم سيدخلون النار.
عندما نتحدث عن السلوك الإنسانى الراقى الذى طالما وجد اليابانى فى مكان التزم بقوانين المكان أو البلد ولم يحصل إلا على حقه ولم يرفع صوته ولا يحاول أن يزاحم ويترك مكانه نظيفا مرتبا.
ولنأخذ مثالا على واحدة من أهم المؤسسات فى اليابان وهى السلطة العليا «برلمان اليابان».
فى اليابان البرلمان يعمل بجد دون تكتلات واهية يعرف أصحابها تماما هى أين ومن أين وإلى أين، برلمان اليابان تستطيع أن ترى فيه استجوابا فعليا حقيقيا للحكومة وليس قائمة من رغبات فى استجوابات لم ترَ النور حتى اليوم.
فى برلمان اليابان تستطيع أن تقول رأيك بكل حريه ودون أن يعترض عليك أحد، أو تعطى إشارة للأغلبية العددية أن تنهال عليك بالكلمات الجانبية كى تخرج عن شعورك، وأيضا عندما تنتهى من رأيك لا يقيمك أحد فأنت حر لأنك نائب عن الشعب تقول ما تمليه عليك الأمانة التى تحملتها.
ولا يكون هناك علاقة بين الإعلام وبعض من البرلمان للنيل من جزء منه يتم ترهيبه أو ترويضه.
وتكون هناك حلول فعلية للقضايا ليس مجرد إظهار بطولة فى الكلمات للمسؤولين وللشارع السياسى.
فى اليابان يعرفون طبيعة مشاكل مجتمعهم جيدًا ولا يزايدون على حكوماتهم لمجرد إظهار أن هناك عملا بل تكون هناك شراكة حقيقية فى حل المشكلات دون النظر إلى من يجب أن تظهر صورته أو يشار إلى أنه صاحب الإنجاز.
رئيس برلمان اليابان يعلم أنه رجل دولة ويحرص على أن تكون كل كلماته بميزان من ذهب ويراعى الكل لأنه مسؤول عن الكل أغلبية ومعارضة، وتكون إشاراته دون ترهيب أو ترغيب أو قبلات من على المنصات، ولا يسمح بأن يقول أحد الأعضاء إنه هايضرب حد بالجزمة، لأن فى اليابان الكلام ده عيب وعيب قوى إنه يتقال فى البرلمان، وأكيد رئيس برلمان اليابان له خبرة كبيرة فى اللغة اليابانية.
فى برلمان اليابان التكتل يكون للصالح العام فى قضية بعينها وليس فى كل القضايا فأنت لست ملزما أن تبقى على تكتلك السياسى فى مقابل تنازلك عن رأيك فى قضية أنت مؤمن بها.
فى برلمان اليابان تعلموا من أخطاء الماضى التى جعلت من بعض أصحاب السوابق البرلمانية مجرد عدد دون قيمة، صوت يطلب منه أن يرتفع أو ينخفض وفقا لسياسات ليس له دور فيها.
فى برلمان اليابان العلاقة بين الإعلام وكل أعضاء البرلمان قائمة على الاحترام وتبادل المعلومات والصالح العام وتقبل النقد إيمانا بالحرية، ومن ينتقد برلمان اليابان ويقول عليه كرتون لا يذهب إلى النيابة وإنما يناقش وتتم محاورته «حتى إن اتفق الجميع على تجاوزاته فى كثير من الأحيان.
فى برلمان اليابان يعرفون تماما أن التحديات التى تواجه وطنهم أكبر بكثير من أى مهاترات ومزايدات، وعارفين أن فيه ضربات من زلزال قوى يريد أن يعصف ببلادهم فلذلك يتكاتفون ويترفعون عن الصغائر، فقد قرروا أن يبنوا بلادهم لتكون أرقى وأفضل مثالا يحتذى به فى العالم أجمع.
فى برلمان اليابان تخرج التشريعات منضبطة وبسرعة والجلسات تكون مكثفة والأهم من كل ذلك الجلسات يحضرها البرلمانيون أنفسهم ولا يغيبون ولا يشتكى رئيسهم من ذلك ليل نهار يحضرون الجلسات ويتابعون ويكتبون ويستمعون لا ينامون ويرى ويسمع الشعب فى اليابان كل ما هم فاعلون.
فى برلمان اليابان لا تستخدم الحصانة للسب والقذف ثم يرفض المجلس رفع الحصانة عن أعضائه كى تأخذ العدالة مجراها، بل يكون المجلس أول من يطلب من أعضائه التحلى بالأخلاق والتلفظ بما يليق ومكانتهم كأعضاء فى البرلمان «بتاع اليابان».
إن محاولة استنساخ الماضى فى مركزية القرار فى البرلمان حتى إن تجددت الأساليب صورة أراد الجميع تغييرها، حتى إن توافر تماما حسن النية، وتوافر تماما نبل المقصد.
وعلى الإعلام فى كل الدول أن يساعد برلمانه ويقف خلفه ويقيمه وينتقده بكل موضوعية، وله فى ذلك أيضا أن يشبه ويسترسل ويعطى إيحاءات وصورا كى يوصل صوته، دون إهانات لفظية أو تجريح شخصى، أيضا نواب كل برلمانات العالم يحترمون الإعلاميين ويقدرون أهمية إمدادهم بالمعلومات كى تعلم دوائرهم ماذا هم فاعلون لهم وحجم الجهد المبذول لخدمتهم.
إن التقاضى فى الأمور التى يتعرض فيها الإعلاميون للمؤسسات العامة بالنقد اللاذع أمر لا يتفق مع ثوابت الديمقراطية الصحيحة، على الرغم من اقتناعى التام أن بعض الإعلاميين تخيل له نفسه أنه زعيم وليس إعلاميا ويجب عندما يتخذ قرارا فى الدولة أن يمر عليه أولا قبل العرض على رئيس الدولة.
العمل ثم العمل ثم العمل، والكف عن الصخب والترفع عن الصغائر وعدم التصيد وقبول الآخر وتفهم طبيعة الوظيفة العامة، والتفريق بين سلوك أتى بحسن نية هدفه الصالح وسلوك بسوء نية هدفه الهدم كل ذلك ضوابط ومعايير يراعيها ويحافظ عليها ويلتزم بها برلمان اليابان.
ومن أولها كده المقال ده عن البرلمان اللى هو بتاع اليابان
عدد الردود 0
بواسطة:
Mohammed
تعليق
يعرف يابانى ويعرف الشوبكى كمان
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبد الواحد
يا قلبي لا تحزن
فى برلمان اليابان لا تستخدم الحصانة للسب والقذف ثم يرفض المجلس رفع الحصانة عن أعضائه كى تأخذ العدالة مجراها
عدد الردود 0
بواسطة:
محسن محمود
هل رئيس البرلمان الياباني اسمه عبعال
ان كانت الاجابة بالنفي اذا عرفنا السبب .
عدد الردود 0
بواسطة:
حكيم
اكيد
معندهمش في البرلمان الياباني "مرتضكيوتو منصوراشي"