فتيات فى عمر الطفولة يسردن وقائع التحرش الجنسى

الإثنين، 17 أبريل 2017 07:35 م
فتيات فى عمر الطفولة يسردن وقائع التحرش الجنسى وقائع التحرش الجنسى
كتبت إيناس الشيخ - مى الشامى - شيماء سمير - سارة درويش - سلمى الدمرداش - أسماء زيدان - رشا الشرقاوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- حوالى 12% من النساء المصريات اللاتى سبق لهن الزواج تعرضن للعنف الجنسى من أزواجهن.

 

- السويد الأولى بين الدول الأوروبية بنحو 69 حالة اغتصاب لكل 100 ألف نسمة، وتتعرض ثلث النساء فيها للاعتداء الجنسى، بعد تجاوزهن سن المراهقة.

 

- ما يزيد على 9 ملايين سيدة أوروبية وقعن ضحايا لانتهاكات جنسية، أى 33% من النساء الأوروبيات، لكن واحدة فقط من كل 3 سيدات أبلغت عما تعرضت له.

 

- أشارت منظمة الأمم المتحدة للمرأة إلى أن معدل الاغتصاب فى دول الكاريبى يفوق المعدل الطبيعى، حيث تتعرض 48% من المراهقات للاعتداء الجنسى.

 
 

حكاية «ملك» أول مرة تحرش وعلى يد «المستر»

 
استيقظت فى الصباح الباكر قبل موعد الاستيقاظ الطبيعى شأنها شأن أى فتاه تستعد للمشاركة بحفل عيد الأم بالمدرسة مع زميلاتها بالفصل السادس الابتدائى، بخطوات سريعة ارتدت ملك محمد، التى شيرت الأحمر والبنطلون الأسود الزى المتفق عليه للمتشاركات فى الحفل، وساعدتها والدتها فى صنع ذيل حصان مميز لتذهب على الفور إلى المدرسة وهى تحمل هدايا لمدرساتها، ولم تكن تعرف أن أولى صدماتها فى الحياة مع التحرش ستواجهها حينها على يد معلمها وداخل الفصل.
 
مرت الحصة الأولى والثانية، ونزلت الطالبات إلى حوش المدرسة ليقدمن الاستعراض، تقدمت ملك الصفوف لحيويتها وإتقانها للرقصة، وسريعًا ما انتهين من مراسم الحفل حتى عادت إلى فصلها مسرعة لتأخذ الزى المدرسى وتستبدله بملابس الحفل، ليكون فى استقبالها مدرسها الذى أثنى على رقصها وطلب منها إعادة إحدى الحركات، وبتلقائية تغمرها الفرح نفذت ملك الحركة لمدرسها لتجد يده تلتف حول نهدها بشكل سريع، جعلها تشعر بالخوف فما كان منها إلا أن جرت مسرعة إلى الحمام لتبكى «لأن حط إيده على مكان عيب» كما قالت لها والدتها، وهى لا تعرف أن هذه أولى تجاربها المريرة مع التحرش الجنسى.
 
وبخجل شديد قالت ملك: «أنا كنت خايفة أحكى لماما، لأنى مكنتش فاهمة فى أيه، أنا عيطت عشان ماما قالتلى أوعى تخلى حد يحط أيده على المكان ده عشان عيب، وأنا كنت فرحانة إن الحفلة عجبت المدرسين، بس مش عارفة المستر عمل كدة ليه، أنا قلت خلاص مش هرقص تانى فى أى مكان عشان محدش يشوفنى ويعمل كدة تانى».
 
كان هذا هو قرار ملك الذى آلت إليه بعدما تلقت أول دروس التحرش فى فصلها وعلى يد معلمها.
 

«ملبس» هدية لجودى من «عمو» بعدما تكشف له عن لون ملابسها الداخلية

 
لم تكن جودى تعلم أن «عمو» صاحب السوبر ماركت، الذى تذهب له يوميًا لشراء الحلوى وبعض الأغراض لوالدتها عقب عودتها من المدرسة لا ينظر إلى سنواتها الـ9 بقدر ما ينظر إلى تفاصيل جسمها كفتاة فقط، اعتادت جودى على تقبيل «عمو» منذ أن كانت فى الرابعة من عمرها، على اعتبار أنه أكبر من أبيها ويقبلها وهى مع أهلها، واستمر الوضع هكذا حتى لاحظت الصغيرة أن هذا الرجل يسألها عن لون ملابسها الداخلية ويطلب منها أن تظهرها له، ويتحسس جسدها الصغير ثم يعطى لها «ملبس».
 
وبمحض المصادفة ودون أن تعلم جودى أنها إحدى ضحايا هذا «العمو» الذى يتحرش بطفولتها، أخبرت والدها أن عمو «طيب أوى» ويعطيها يوميًا الحلوى «ببلاش» بعدما تكشف له عن ألوان ملابسها الداخلية، وكان خوف الأم من فضيحة «الراجل الكبير» أمام الجيران كخوفها على ابنتها، حتى قررت أن تحتفظ بهذا السر وتمنع ابنتها من الذهاب إليه مجددًا.
 
وبدأت والدة جودى فى سرد حكاية طفلتها، وقالت «لم أتخيل يوما أن هذا الرجل الكبير المحترم الذى لا نراه سوى فى المسجد أو المحل، ويتعامل مع ابنتى بشكل ودود جدًا، لكن حينما سألتها عن الملبس بتاع كل يوم وأخبرتنى أنها تحصل عليه من قبل عمو بعدما تكشف له عن لون ملابسها الداخلية ويراها، لم أتحمل الصدمة، خاصة أنها حتى الآن لا تفهم معنى ما حدث، وترددت أن أخبر والدها لأن الرجل سنه كبيرة وفى عمر جدها، واكتفيت بمنعها من الذهاب على هناك وأصحبها إلى الدروس والمدرسة».
 

السبب «شنطة المدرسة»

 
بعد انتهاء اليوم الدراسى، حملت رنا محمد حقيبتها الممتلئة بالكتب على ظهرها وخرجت برفقة صديقاتها لتذهب إلى بيتها لتستعد لدروسها، وبينما هى تسير فى طريق العودة انقطعت حقيبتها وافترشت الكتب على الأرض فلملمتها وأخذت حقيبتها لتذهب بها إلى أحد المحلات الخاصة بالتصليح، وبعد أن قام صاحب المحل بإعادة خياطة الحقيبة طلب منها أن ترتديها لتجربتها بعد الإصلاح والاطمئنان على عدم انقطاعها مرة أخرى، فاستغل ذاك الرجل، الذى كان فى الأربعينيات من عمره، الأمر وتحرش بالفتاة الصغيرة ذات الـ13 عاما، لتتفاجأ وتحمل حقيبتها وتخرج من المحل سريعًا تبكى من الصدمة.
 

الجيران ملهمش أمان

 
أما هدير عبد الرحمن «10 سنوات» اعتادت على اللعب مع جيرانها أمام المنزل وفوق سطحه، وفى إحدى ليالى الصيف الحارة قرروا جميعًا أن يعتلوا السطح ليقضوا سهرة مليئة بالألعاب فى الهواء الطلق، فخرجت هدير من منزلها وصعدت إلى السطح لتجد أحد جيرانهم الشباب يجلس بمفرده يدخن سيجارة وسألته عما إذا كان رأى بقية جيرانها، فطلب منها أن تجلس معه لحين يأتى أصدقائها، وقام بمحاولة التحرش بها فجرت مسرعة على والدتها لتروى لها ما حدث، لتنشب «خناقة» فى تلك العمارة بين أسرة هدير وأسرة جارهم، الذى حاول التحرش بها، وقامت والدتها بمنعها من اللعب مع جيرانها نهائيًا فوق السطح أو فى الشارع.
 

كلمة السر «الشيخ اللى بيحفظنى قرآن»

 
كعادة الأسر المصرية، التى ترسل أبناءها وبناتها ليحفظوا القرآن الكريم، ذهبت ميار لتتلقى دروس تحفيظ القرآن مع الأخوة والجيران، وكانت ميار تنتظر أن يأخذها أخوها عقب انتهاء الدرس، الذى تأخذه فى شقة تتكون من صالة واسعة وحجرتين، ولم يكن «سيدنا الشيخ» محفظ القرآن يتعامل مع ميار معاملة تليق بسنواتها الـ10، بقدر ما كان يراها أنثى له الحق فى مداعبتها مستغلًا عدم فهمها لما يفعله بحكم سنها الصغيرة.
 
ولم تكن لدى «سيدنا» القدرة ليكتفى بالنظر إلى الصغيرة فقط، لكنه قرر أن يستغل عقلها الصغير ونادى عليها عقب انتهاء الدرس، وطلب منها أن تنتظره لأنه يريد أن يرى خطها، وهى تكتب حتى يقيم مستواها فى كتابة حروف الهجاء، لم تتردد ميار وأخذت تجهز نفسها ودخلت له، فطلب منها أن تجلس على «حجره» متحججًا برغبته فى رؤية خطها عن قرب، وافقت الصغيرة على مضض لأنها «اتكسفت»، وفجأة لم تر إلا يدا «سيدنا» تتحسس جسدها وقبلاته تلاحقها من كل اتجاه.
 
بصوت مرتعش وعينين استرجعتا المشهد، الذى لا يمكن أن يغيب عنها حكت ميار ما حدث معها لـ «اليوم السابع» وقالت «أنا كنت مكسوفة أقعد على رجله، لكن هو قاللى عاوز يشوفنى بكتب إزاى وأدانى كراسة وقلم، بس لايته بيحط إيده على جسمى مش عارفة ليه، وبعدين فضل يبوسنى كتير وأنا خفت أروح أقول لماما، بس مبقتش أروح هناك تانى وبخاف دلوقتى أشوفه فى الشارع».
 

حكايات التحرش داخل «الحرم الجامعى»

 
لم تخل الشوارع والمواصلات من التحرش، الذى بات أمرًا طبيعيًا نسمع عنه يوميًا ونستمع لقصص فتيات تعرضن للتحرش فى البرامج التلفزيونية، ولكن لم يتخيل أحد أن يصل الأمر إلى داخل الحرم الجامعى لتتعرض الطالبات للتحرش والمضايقات من كل الأنواع داخل المدرجات وفى الكافيتريات سواء من زملائهم الطلبة أو حتى المعيدين والدكاترة.
 
ويروى عدد من طالبات الجامعة لـ«اليوم السابع» حكاياتهن مع التحرش داخل الحرم الجامعى، ومشاعرهن المختلطة من الخوف والقلق والتوتر الذى يصاحبهن بدءًا من دخول الجامعة وحتى نهاية اليوم الدراسى.
 
لم تكن تتخيل هدى مجدى «20 سنة» أن التحرش وصل إلى الحرم الجامعى، ظنت أنه فى الشارع فقط، فلم تصدق كيف تجرأ أحد زملائها وفكر فى التحرش بها داخل الجامعة دون أن يشعر بحرج أو خوف من المكان والمحيطين به، وبدأت القصة حينما انتهت هدى وزملاؤها من إحدى المحاضرات المسائية، ومكثوا ساعات طويلة داخل الجامعة إلى أن غابت الشمس وحل عليهم المساء، حتى كادت شوارع الجامعة خالية من الطلبة فيما عدا القليلون، لتذهب هدى وزميلها لشراء وجبات الطعام من إحدى الكافيتريات بالجامعة لتتفاجأ بتطاول زميلها عليها والمزح معها بشكل غير طبيعى ليلمس كتفها ويدها، لتتفاجأ هدى بما فعله وتعود لتلملم أشياءها وتهرب بعيدًا عن الجامعة دون أن تروى لأصدقائها ما حدث.
 

«حتى الدكاترة مبتعتقش»

 
أما سهام مصطفى «21 سنة» قررت أن تواجه أحد الدكاترة، الذى كان سببًا فى رسوبها فى نفس المادة على مدار مرتين متتاليتين، فاتجهت لغرفة أستاذها المعروف عنه سلوكه السيئ بين الطلبة - وفقًا لقولها - وطلبت مقابلته وبالفعل سمح لها بالدخول، وبدأت فى الحديث معه عن أسباب رسوبها فى نفس المادة رغم ثقتها من إجاباتها فى كل مرة، لتتفاجأ به يتعامل معها بطريقة غير طبيعية، ويلقى عليها عبارات غير لائقة وحاول لمسها إلا أن الطالبة بدأت فى توبيخه، وخرجت منهارة من مكتبه لتروى لصديقاتها ما حدث.
 

تحرش على باب الجامعة

 
وبعد يوم دراسى طويل ملىء بالمحاضرات، همت مريم على «20 سنة» بالخروج من الجامعة وتركت صديقاتها لتتجه إلى منزلها وحدها، وبعد أن خرجت من باب الجامعة قام بمعاكستها شابان من طلبة الجامعة، فقامت بتوبيخهما فقاما بالرد عليها ثم تركتهما وذهبت، حتى تفاجأت بأحدهما يقترب منها ليشد حجابها ثم يجرى سريعًا دون حياء ودون أن يخشى حتى المحيطين به.
 

معاكسة وتحرش لفظى 

 
بينما كانت علا سامى «21 سنة» تهرول لتلحق بمحاضرتها برفقة زملائها البنات والشباب، عاكسها أحد الطلبة معلقًا على ملابسها بألفاظ خارجة، لتنشب مشادات كلامية بين علا وزملائها وبين ذلك الطالب، لتسارع علا بالرد على الشاب، ليتجمع على الفور بقية الطلبة المحيطين بهم ومحاولة فك الاشتباك.
 

تحرش فى المدرج

 
اصطف الطلبة على مقاعد المدرج استعدادًا للمحاضرة، حتى تأخر الدكتور عليهم فقررت ضحى عبد الرازق «19 سنة» ترك المحاضرة، فقامت وبدأت تتخطى الطلبة والطالبات الجالسين جنبها فى نفس المقعد، حتى وصلت لنهاية المقعد لتطلب من الطالب الجالس بنهايته السماح له بالخروج، وبينما تمر من أمامه تحرش بها «وفقًا لقولها» فقامت ضحى بصفعه على وجهه لينقلب المدرج رأسًا على عقب لتوبيخ الطالب وطرده من المدرج ومحاولة تهدئة الطالبة.
 

منة تحكى قصة تحرش أستاذها 

 
بدأت منة محمد قصتها قائلة: «كنت طالبة هادئة الطباع ومتفوقة فى دراستى، مما كان يدفع أساتذتى إلى معاملتى بطريقة تختلف عن باقى زملائى، لذا كنت أشعر دائمًا أن تلك المعاملة طبيعية ومنطقية من الجميع».
 
كنت فى الصف الثانى الثانوى عندما قبلنى أستاذى فى منزلى، كان مثله مثل أى مدرس قمت بالتعامل معه، وكان يعطينى «الدرس» فى منزلى، ولكنه كان أحيانًا يتعمد أن يطلب منى أى شىء كأن أجلب له مياها ليشرب حتى يتمكن خلال تلك اللحظات من تقريب الكرسى الخاص بى منه، وكان يلمس يدى التى أضعها بجانبى على الكرسى كلما سنحت له الفرصة، تكرر هذا الأمر أكثر من مرة وللأسف لم أخبر أحدا بذلك، فقد كنت وقتها فتاة صغيرة فى مرحلة المراهقة لا تعى ما يحدث، ولا تجد له تفسيرًا، بل وقادتنى مشاعرى إليه.
 
اقترب موعد الامتحانات وبدأنا معه المراجعة النهائية، وفى آخر «حصة» مراجعة حضر إلى منزلنا قبل الموعد المحدد لها بنصف ساعة تقريبًا، وكانت أمى وأخى موجودين بالمنزل، وجلست أتحدث معه عن المنهج الدراسى والأسئلة، التى أجد صعوبة فى حلها حتى يحضر باقى زملائى لنبدأ الدرس، وفجأة وجدت يمسك يدى ويقربها من شفتيه ليطبع عليها قبلة، ثم اقترب منى وقبلنى أول قبلة فى حياتى، دفعته بعيدًا عنى واندفعت نحو أمى فى الغرفة المجاورة لأحتمى بها دون أن أخبرها بشىء، وظللت أرتعش طوال اليوم بعدها، تلك القصة التى لم أخبر بها أحدا حتى الآن، ولكنها مازالت تترك أثرها فى نفسى بعد مرور أكثر من 12 عامًا.
 

«مى»: كان بيزقنى فى عربيته وأنا شايلة بنتى

 
بدأت مى صلاح قصتها مع التحرش عندما كانت تسير حاملة ابنتها خلال أحد الأيام الممطرة، وتقول: «كنت أحاول حمايتها من هذا البرد الشديد وأضمها لصدرى بشدة محاولة منع المياه من الوصول إليها، رغم علمى أننى لن أتمكن من فعل ذلك بشكل كامل، ولكننى كنت أحاول خوفًا من إصابتها بالمرض».
 
حاولت البحث عن «تاكسى» يقلنى معها إلى المنزل، وأثناء ذلك توقفت سيارة بها ثلاثة أشخاص وعرضوا توصيلى بحجة الطقس السيئ والطفلة، رفضت وابتعدت عنهم بسرعة، لا أعرف لماذا شعرت أن هناك شيئا ما وراء هذا الطلب، وأن الأمر ليس «شهامة» منهم لتوصيل سيدة تحمل طفلة فى المطر.
 
ابتعدت خطوات لأجدهم يعودون بالسيارة للخلف ويقتربون منى، ويحاولون جذبى أنا وطفلتى داخل السيارة، ظللت أصرخ بشدة فى مكان من المفترض أنه ملىء بالأشخاص، لكن للأسف لم ينقذنى أو يلتفت إلى أحد.
 
وجدت نفسى أصارعهم بمفردى دون أى مساعدة من أحد، فتشبثت بابنتى بشدة، ودفعتهم بقدمى وأنا أصرخ بشدة، الأمر الذى دفعهم لتركى فى النهاية خوفًا من أن يتعرض لهم أحد نتيجة لصراخى الشديد، ظللت بعدها أبكى فى الشارع بهيستيريا حتى استطعت أن أصل لمنزلى بسلام مع ابنتى، لكننى للأسف فقدت الثقة فى كل شىء بعد هذا الموقف، وظللت فى حالة نفسية سيئة لمدة يومين تقريبًا، وكلما تذكرت الموقف حتى الآن أشعر بالرعب.
 

أميرة تتعرض للتحرش من أحد أقاربها

 
قصة أميرة مجدى مختلفة قليلًا عن سابقتها، فالمتحرش كان أحد أقاربها، تحكى القصة قائلة: «كنت طفلة لم تتجاوز العشر سنوات، وكانت عائلة أبى مترابطة كثيرًا، ومنزلنا مفتوح دائمًا أمام أعمامى وعماتى فى أى وقت، ورغم أن والدى كان أصغرهم سنًا، إلا أنهم جميعًا كانوا يعتبرونه «كبير العيلة»، لذا كانت عمتى وأسرتها يزورونا بشكل شبه يومى، وكنت أذهب لإلقاء التحية عليهم، واللعب مع أبنائها».
 
بدأت القصة حين كان زوجها يصر على اللعب معى، ويطلب منى الجلوس على «حجره»، هذا الأمر الذى يعد طبيعى فى أغلب الأوقات، خاصة أننى طفلة صغيرة لا أعى أى شىء عن فكرة التحرش من الأساس، استمر الأمر لسنوات دون أن أفهم غرضه، ولكننى كنت أشعر أن هناك شيئا مريبا يحدث ولا أعرف ما هو.
 
قررت أن أخبر أمى برفضى التعامل زوج عمتى معى، وعندما أخبرتها أننى لا أريد اللعب معه لأن جلوسى على قدميه يجعلنى أشعر بشىء مريب، فهمت ما أردت قوله دون أن أفهمه أنا حتى، وأخبرت بدورها والدى، الذى منعه هو وأسرته من دخول منزلنا مدى الحياة، ومع مرور السنوات عادت علاقة الود بين أبى وأخته إلى سابق عهدها، أما زوجها فما زال ممنوعا من دخول منزلنا، ورغم مرور سنوات طويلة على هذه الذكرى السيئة، التى طبعها هذا الرجل فى ذاكرتى، إلا أننى أتذكرها دائمًا، وأحاول حماية ابنتى من التعرض لنفس الأمر، وأحرص على ألا أعطى الثقة لأقرب الأشخاص إليها.
 

بسمة: سواق التوك توك ما رحمناش

 
كعادتها اليومية تسير بسمة محمد مع صديقاتها متوجهات إلى أحد دروس الثانوية العامة، التى تجعلهن يقضين معظم يومهن بالشارع متنقلات ما بين مراكز الدروس الخصوصية، وكعادة التاكتك، التى أخذ من الشوارع والأرصفة وأقدام المواطنين طرقًا ممهدة تسير عليها غير عابئة بأى شخص يمر بجوارهن، ليقرر أحد سائقى التكاتك الخروج عن مساره ومتابعة بسمة وصديقاتها.
 
لم تشعر الفتيات بشىء غريب فى توك توك يسير بجوارهن أو يلقى عليهن معاكسات سخيفة من نوعية «أحلى واحدة فيكم اللى برجل واحدة» فهذه هى سُنة التعامل فى الشارع المصرى حاليًا، لكن بدأت الريبة تتغلغل إلى قلب بسمة حينما لاحظت التوك توك يبطئ من حركته ويحاول أن يسحبها من بلوزتها من الخلف، لكنها تسرع من خطوتها فلا يلحق، لتبدأ معركتها معه.
 
«كنت مع 3 صحابى ورايحين درس تاريخ، ولما لاقيته عاوز يشدنى بقيت أمد عشان أطلع على الرصيف، بهذه الكلمات بدأت بسمة محمد صاحبة الـ 16 عاما حديثها لـ اليوم السابع وقالت «بطبيعة تواجدنا فى الشارع للذهاب إلى الدروس اعتدنا على مضايقات التكاتك، لكن كانت لا تتعدى المعاكسات فقط، لكن هذه المرة سائق التوك توك كان مصرًا أى يسمك بجسدى ويشدنى إلى البلوزة، وفى كل مرة يحاول أن يمسك بى يضع يده على مكان فى ظهرى، حتى صرخت فى الشارع وأخذنا نجرى أنا وصديقاتى واختبأنا عند أحد المحال حتى اختفى من الشارع، ومن وقتها وأنا بترعب أمشى فى الشارع».
 

صبا: المتحرش مسكها تحت بيتها

 
تقترب الساعة من السابعة والنصف مساءً، وتقترب صبا مصطفى صاحبة الـ 20 عاما من بيتها، فلا يفصلها عنه سوى بعض الأمتار التى تسيرها وهى واضعة سماعات هاتفها المحمول فى أذنها، وتفكر فى الطعام، الذى أعدته والدتها بعد قضاء يوم شاق فى الجامعة، الزحام متوسط فى الشارع المؤدى إلى بيتها، وتأمن أصحاب المحال الذين يعرفون ابنة المنطقة جيدًا، لذلك تسير بخطى منهكة حتى تصل إلى باب العمارة التى تقطن بها.
 
بينما تنزع صبا سماعة الهاتف من أذنها لتتصل بوالدتها تسألها هل تريد شيئًا قبل أن تصعد، لتجد أصابع تعبث بمؤخرتها بشكل سريع جدًا، ثم تعالى ضحكات الشابين اللذين جريا مسرعين، وتركاها فى صدمتها لا تعرف ماذا تفعل وهى أمام مدخل العمارة، هل تصرخ أم تصمت أم تستغيث بأحد أخوتها، ولم تجد سوى بكائها ونظراتها، التى تخشى أن يكون أحد من الجيران رأى ما حدث لها.
 
«كان يوم أسود فى حياتى»، هكذا بدأ صبا حديثها لـ«اليوم السابع» عن وقعة التحرش، التى مرت بها وهى فى عامها الثانى من الجامعة، وتقول: «الحمد لله كنت بسمع صديقاتى يتحدثن عن التحرش، وكنت أردد الحمد لله لم أتعرض لأى موقف من قبل، لكن فى ذاك اليوم المشؤوم كرهت حياتى، لأنى تعرضت للتحرش أسفل بيتى، فمن الطبيعى أنأى شخص يشعر بالأمان فى الشارع الذى يسكن فيه وفى مكان سكنه، لكننى حينها فقدت شعورى بالأمان تمامًا، وظللت بعدها أكثر من شهرين أنزل مع أحد أخوتى، وأفكر هل شاهدنى أحد جيرانى، وأسأل نفسى من أين ظهر هذان الشابان لم أشعر بأى أحد خلفى، حتى البلوزة التى كنت قد أرتديتها فى ذاك اليوم، لم أعد أرتديها بعدها أشعر بأنها تحمل إهانة وحسرة لا أستطيع التخلص منها طوال حياتى».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة