المحكمة الدستوريه العليا، هى المحطة الأخيرة التى سيكون لها القول الفصل فى مصير اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتى يترتب عليها نقل تبعية جزيرتى تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية، بعد صدور حكمين قضائيين متعارضين، أحداهما حكم صادر من دائرة فحص الطعون بالإدارية العليا يقضى ببطلان الاتفاقية، وآخر صادر عن الأمور المستعجلة بإسقاط الحكم القضائى الأول.
ورغم أن الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة، آثار جدلًا قانونى حول الآثار المترتبة عليه، حيث يرى فريق أن الحكم الصادر عنها يقضى بنفاذ اتفاقية تعيين الحدود وصحة إرسالها إلى البرلمان، وممارسة البرلمان حقه الدستورى فى مناقشتها، بينما ذهب الفريق الآخر إلى أن" محكمة الأمور المستعجلة" تفصل فى الأمور الوقتية وليس الموضوع، وبالتالى فهى غير مختصة بالفصل فى هذا الشأن، إلا إن الجميع أجمع على أن المحكمة الدستورية هى من سيكون لها القول الفصل فى هذا الصدد.
مصدر قضائى: المحكمة الدستورية هى التى تقرر مصير الاتفاقية
بدايه، أكد مصدر قضائى على أن الوضع القانونى السليم والنهائى الآن فى قضية اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية فى يد المحكمة الدستورية العليا، حيث تنظر منازعة التنفيذ بين حكمين، الأول صادر من القضاء الإدارى ببطلان الاتفاقية، والثانى صادر من محكمة عابدين للأمور المستعجلة بوقف حكم القضاء الإدارى.
وقال المصدر فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن المحكمة الدستورية، والتى هى من بين اختصاصاتها الفصل فى المنازعة بين حكمين قضائيين هى التى ستقرر أى من الحكمين الذى سينفذ.
عضو لجنة العشرة لكتابة الدستور: يحق لمجلس النواب مناقشة الاتفاقية فى أى وقت
وهو ذات الرأى الذى ذهب إليه الدكتور صلاح فوزى، رئيس قسم القانون الدستورى بجامعة المنصورة، الذى أكد أن النزاع بين الحكمين القضائيين تحمسه المحكمة الدستورية العليا، وذلك بعد لجوء أى من أطراف الدعوى إلى "الدستورية العليا" لحسم هذا النزاع، لكن ذلك لا يمنع البرلمان فى جميع الأحوال من ممارسة أعماله واتخاذ إجراءاته المناسبة بشأن الاتفاقية.
ويرى فوزى، أنه بموجب الحكم الصادر اليوم، الأحد، من محكمة الأمور المستعجلة، بإسقاط حكم الإدارية العليا، الذى قضى ببطلان اتفاقية تعيين الحدود بين مصر والسعودية، يحق لمجلس النواب ممارسة اختصاصاته الدستورية بمناقشة الاتفاقية وقتما يشاء.
وقال فوزى فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن الحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة يقضى بنفاذ اتفاقية تعيين الحدود، وصحة إرسالها من الحكومة إلى البرلمان.
وأضاف فوزى، أن القضاء المستعجل لا يزال مختص بنظر "وقف التنفيذ"، لأن المادة (175) من قانون المرافعات نافذة ولم تلغ، وهى المادة التى منحت القضاء المستعجل هذه الاختصاصات، فرغم أن المادة (190) من الدستور منحت القضاء الإدارى اختصاص"منازعات التنفيذ" فى شأن أحكامه لكن هذه المادة ليست نافذة بذاتها فلا يوجد نظام لقاضى التنفيذ بمجلس الدولة، الذى لا يعرف نظام إشكاليات التنفيذ إنما وقف التنفيذ فقط، علاوة أن جميع القوانين بموجب الدستور أيضًا نافذة حتى يتم تعديلها.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يرى فيه المستشار أحمد عبد الرحمن نائب رئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى السابق أن محكمة الأمور المستعجلة غير مختصة، بل أن ما أصدرته هو عقبة أمام تنفيذ حكم الإدارية العليا، موضحًا أن القضاء العادى غير مختص بنظر ما يصدر عن القضاء الإدارى، وإنما الجهة الوحيدة التى من شأنها أن توقف الحكم هى ذات المحكمة التى أصدرته وليس الأمور المستعجلة.
وعن ما إذا كان هناك أثر قانونى للحكم الصادر من محكمة الأمور المستعجلة، قال عبد الرحمن لـ"اليوم السابع" : "ليس هناك أثر قانونى"، مشيرًا إلى أن مجلس النواب هو من يقرر الأمر بعد مناقشته والاتفاقية مصيرها يحسمه مجلس النواب، لافتًا إلى أنه بنص الدستور فإن مجلس النواب هو المعنى بمناقشة الاتفاقية، وشدد على أن حكم المحكمة الإدارية العليا لا يمنع البرلمان من مناقشتها.
طارق نجيدة: ما يصدر من الأمور المستعجلة نوع من اقتفاء الأثر لأحكام القضاء الإدارى والإدارية العليا
ومن جانبه، أكد المحامى بالنقض طارق نجيدة وعضو هيئة الدفاع فى قضية "تيران وصنافير" على أن محكمة الأمور المستعجلة غير مختصة، وقال أن ما يحدث هو نوع من اقتفاء الأثر للأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإدارى والإدارية العليا، فقد سبق أن صدر حكم من القضاء المستعجل بوقف حكم القضاء الإدارى ببطلان الاتفاقية، وأيضًا حين أيدت المحكمة الإدارية بطلان الاتفاقية، أقيمت دعوى بعدم الاعتداد أمام الأمور المستعجلة وهى ما قضت به فى حكمها اليوم الأحد.
وأكد نجيده فى تصريحات لـ"اليوم السابع" على أن الحكم الصادر من الأمور المستعجلة، هو نفسه الصادر فى المرة السابقة مع اختلاف المسميات، المرة السابقة كان وقف تنفيذ فى منازعة تنفيذ وقتية، وهذه المرة منازعة تنفيذ موضوعية بعدم الاعتداد بحكم الإدارية العليا، وكلا الحكمين يقومان على نظرية أعمال السيادة، وأن القضاء الإدارى اغتصب سلطة لا يملكها، وأشار نجيدة إلى أنه حتى الآن لم يصدر أحد يصدر حكمًا يتعلق بمضمون الاتفاقية سوى محكمة القضاء الإدارى فقط.
وشدد نجيده على أنه لا توجد حتى هذه اللحظة أى حكم يمس القضاء الموضوعى، وقال لا توجد فى مصر أى محكمة أو سلطة تملك إلغاء حكم الإدارية العليا بتأييد حكم القضاء الإدارى ببطلان اتفاقية تيران وصنافير.
وكيل البرلمان: هيئة مكتب مجلس النواب لم تتخذ قرارها بعد
وبالنسبة لموقف البرلمان الحالى من مناقشة اتفاقية "تعيين الحدود" بين مصر والسعودية، أكد السيد محمود الشريف، وكيل مجلس النواب، أن هيئة مكتب المجلس لم تجتمع حتى الآن بشأن بحث توقيت إحالة اتفاقية ترسيم الحدود، إلى اللجنة المختصة لدراستها.
وأضاف الشريف، فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، الاتفاقية يتم التعامل معها طبقًا للاختصاص الدستورى، حيث أن هناك إجراءات يتم استكمالها، وسيتم إحالتها إلى اللجنة المختصة لدراستها بمجرد انتهاء هذه الإجراءات.
مصطفى بكرى: هناك تنازع فى الاختصاص والدستورية هى "الفيصل"
وحول الحكم القضائى الصادر اليوم من محكمة الأمور المستعجلة، قال النائب مصطفى بكرى، عضو لجنة الشئون التشريعية والدستورية بمجلس النواب، إنه بموجب الحكم الصادر اليوم الأحد، من محكمة الأمور المستعجلة بإسقاط حكم الإدارية العليا فإننا أمام حكمان قضائيان نهائيان متعارضان، أحداهما حكم صادر من دائرة فحص الطعون بالإدارية العليا يقضى بالبطلان، وآخر صادر عن الأمور المستعجلة بإسقاط الأول، ما يعنى أنه على هيئة قضايا الدولة ممثلة عن الحكومة اللجوء إلى المحكمة الدستورية العليا لوجود تنازع إيجابى فى الاختصاص.
وأضاف بكرى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن الكرة حاليًا فى ملعب الحكومة، والمحكمة الدستورية ستنظر فى شأن مدى دستورية أى من الحكمين، وذلك فى ضوء المادة الدستورية (151) التى تنص على أن رئيس الجمهورية يمثل الدولة فى علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور.
وتابع بكرى : أن "ذلك لا يغل يد البرلمان فى نظر اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وقتما يشاء"، مشيرًا إلى أنه لن يتقدم بطلب استعجال لمناقشة الاتفاقية تحت قبة مجلس النواب، وأن المجلس سيحدد الوقت المناسب لمناقشتها، لاسيما أن الدكتور على عبد العال سبق وأوضح أن الاتفاقية يتم التعامل معها طبقا للاختصاص الدستورى، وأن هناك إجراءات يتم استكمالها وبمجرد ذلك سيتم إحالتها إلى اللجنة المختصة لدراستها.
أمين سر اللجنة التشريعية: على البرلمان أن ينتظر لحين فصل الدستورية فى الأمر
بينما قال النائب إيهاب الخولى، أمين سر لجنة الشئون التشريعية والدستورية بمجلس النواب، أن الحكم الصادر اليوم الأحد من محكمة الأمور المستعجلة بإسقاط حكم الإدارية العليا الذى قضى ببطلان اتفاقية ترسيح الحدود بين مصر والسعودية، لا يعد حكم موضوعى إنما وقتى.
وأضاف الخولى، فى تصريحات لـ"اليوم السابع" أن الأمر حاليًا فى يد المحكمة الدستورية العليا التى من المنتظر أن تنظر طبيعة الحكم، مضيفًا : "أجد أنه على البرلمان أن ينتظر بعدم مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود، لحين فصل المحكمة الدستورية فى الأمر".
علاء عبد المنعم : حكم الإدارية العليا لا توقفه محكمة القضاء المستعجل
وكذلك يرى النائب علاء عبد المنعم، عضو لجنة الشئون التشريعية والدستورية، أن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا، لا يمكن أن يُوقفة حكم من القضاء المستعجل وبالتالى فالحكم منعدم، مشيرًا إلى أن محكمة الأمور المستعجلة تختص بالفصل فى الأمور الوقتية وليس الموضوع، وحين يقضى القضاء المستعجل بوقف تنفيذ حكم ما فأنه يقضى بوقفه لحين الفصل فى الموضوع، وإذا ما فصلت المحكمة فى الموضوع أصبح لا حجية لهذا الحكم.
وحول توقيت مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود تحت قبة مجلس النواب، قال عبد المنعم إنه لا يجب أن يناقش البرلمان الاتفاقية لكونه خصمًا أصيل منضم للحكومة أمام القضاء، فكيف يكون البرلمان خصم وحكم فى ذات الوقت، علاوة أن قرار إحالة الاتفاقية من الحكومة للمجلس التشريعى باطلة، لأن المادة (197) من اللائحة الداخلية للبرلمان، تنص على أنه لا تحال الاتفاقيات والمعاهدات إلا من رئيس الجمهورية، وهذا حق حصرى، ومن ثم هناك مخالفة فى إحالة الاتفاقية.
ورفض عبد المنعم، مناقشة البرلمان لاتفاقية ترسيم الحدود لأسباب سالف ذكرها، مشيرًا إلى أنها ستعد سقطة تاريخية حال مناقشتها تحت القبة.