حماية الصناعة الوطنية فى كل دولة، أصبح توجه عالمى لكافة الدول حتى الدول ذات الاقتصاديات الكبرى التى غزت بمنتجاتها العالم كله، لكن هذا التوجه لابد أن لا يتعارض مع اتفاقيات التجارة الدولية التى تسعى لخلق سيولة فى عملية التبادل التجارى، وعدم وضع اجراءات خانقة لحركة المنتجات، وهو توجه بدأت تعمل به الإدارة الأمريكية الحالية من أجل حماية صناعة الصلب فى الولايات المتحدة.
إدارة الرئيس دونالد ترامب تعى جيدا كيف تحمى الصناعة الأمريكية، إذ بدأت تحقيقا فيما إذا كانت الواردات الأجنبية من الصلب تقوض الأمن القومى الأمريكى، فيما يعد خطوة للوفاء بتعهدات ترامب خلال الحملة الانتخابية بالقضاء على الممارسات التجارية غير العادلة لدول مثل الصين، حيث اجتمع ترامب مع مدير شركات صناعة الصلب فى المكتب البيضاوى مساء أمس الخميس، لوقيع مذكرة توجه وزارة التجارة من أجل التعجيل بالتحقيق الذى بدأ رسميا الأربعاء الماضى، حول تضرر صناعة الصلب الأمريكية من واردات الحديد من بعض الدول.
ما قامت به الولايات المتحدة من إجراءات لحماية صناعتها المحلية، يؤكد وجود منهج عالمى لحماية الصناعات الوطنية، وأعتقد أننا فى مصر نفكر فى أن نسير على الخطى العالمية الصحيحة فى حماية الصناعة الوطنية، خاصة الصناعات الأساسية فى الاقتصاد مثل صناعة الحديد والصلب، والتى تطورت بصورة كبيرة جدا، بعدما أصبح الحديد المصرى يفوق فى مميزاته أنواع الحديد فى كثير من الدول.. من بينها الدول التى يلجأ بعض المستوردين لاستقدام شحنات حديد منها، بأسعار قليلة مقارنة بسعر الحديد المصرى، مما يُحدث حالة من اغراق السوق بالحديد المستورد الأمر الذى يضر صناعة الحديد والصلب بمصر.
المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء اجتمع عدة مرات مع المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة ومنتجى الحديد والصلب، من أجل الوقوف على المشكلات التى تواجه هذا القطاع، خاصة قضية اغراق السوق المصرى بالحديد المستورد من الصين وتركيا وأوكرانيا، وهى خطوة جيدة جدا من الحكومة، وكذلك مجهودات وزارة التجارة والصناعة متمثلة فى جهاز مكافحة الدعم والإغراق الذى عمل لعدة أشهر لإثبات إغراق الأسواق المصرية من صنف حديد التسليح "أسياخ ولفائف وقضبان وعيدان" من الدول الثلاثة والتى تحصل الشركات فيها على دعم حكومى الأمر الذى يقتل المنافسة بين الحديد المستورد والمنتج المصرى.
كل ذلك يؤكد أن الحكومة المصرية تفكر فى أن تواكب التوجهات العالمية لحماية الصناعات المحلية، ومن بينها الحديد والصلب، هو توجه محمود ومفيد للصناعة المصرية، خاصة أنه يراعى كافة اعتبارات التجارة العالمية، كما أنه يعطى الحماية والأفضلية للمنتجات المحلية، حتى لا تتأثر بالقادم من الخارج، وأذكر هنا تحديداً صناعة الحديد والصلب، التى تحتاج لدعم من الدولة فى مواجهة محاولات الأغراق من الخارج، خاصة أن مصانع الحديد المحلية تنتج سنويا 12,5 مليون طن حديد تسليح، فى الوقت الذى تبلغ فيه احتياجات السوق المصرى 8,5 مليون طن فقط، بما يعنى وجود 4 ملايين طن فائض فى الحديد سنويا، وهو ما يؤكد أن كل عمليات استيراد الحديد غير مبررة من الأساس، كما أن الفائض المحلى يمكن الاعتماد عليه فى خفض أسعار الحديد وتوجيهه للتصدير.