تمر اليوم ذكرى انفجار مفاعل تشرنوبل، مخلفًا كارثة نووية كبرى صُنفت كأسوأ حادث للتسرب الإشعاعى والتلوث البيئى فى تاريخ البشرية.
وقع الحادث فى أبريل 1986، عندما انفجرت إحدى المفاعلات الأربعة لمدينة تشرنوبيل، التى كانت آنذاك تابعة للاتحاد السوفيتى، وأدى الانفجار مباشرة إلى مقتل 36 شخصًا وأزيد من 2000 مصاب، بينهم رجال إطفاء بعد تعرضهم للإشعاع، وتسبب الحادث، لاحقًا، فى مقتل العشرات، بينما لا يزال عدد الضحايا غير دقيق، إذ يقدر البعض القتلى بالآلاف... ومن الكتب التى تعرضت لهذه الكارثة:
صلاة تشرنوبل.. سيفتلانا أليكسفيتش
الكتاب ترجمه للعربية أحمد صلاح الدين عن اللغة الروسية مباشرة وصدر عن "دار مصر العربية للنشر والتوزيع".
فى الكتاب تنقل سيفتلانا بوح كثير من الأشخاص الذين كانوا شهودًا على الحدث المهول، ومن ساهموا فى الحد من آثاره المفجعة، فوقعوا ضحايا التلوث الإشعاعى، تستهل بزوجة رجل إطفاء فقد حياته فى التفجير، تقول إنها لا تدرى عما تتحدث، عن الموت أم عن الحب.
تحكى قصة حبها لزوجها وقرارها ملازمته فى المستشفى فى أيامه الأخيرة رغم تحذيرات الأطباء لها، وكيف أن كل مصاب بالإشعاعات يتحول إلى قنبلة بشرية متنقلة يعدى من حوله ويؤثر عليهم بطريقة مدمرة بدوره، وتأثير الحادث عليها وتشتتها بين عالم الحلم والواقع وفقدانها ابنتها بعد ولادتها ثم بقائها رهن صورة زوجها الراحل وذكراه الباقية.
تكتب سفيتلانا عما تسميه بالتاريخ المُغْفل، تقول إنها شاهدة على تشرنوبل، التى تصفها بكارثة الزمن، وتسأل نفسها عن ماذا تشهد، على الماضى أم المستقبل؟ تقول إنها تنظر إلى تشرنوبل كبداية للتاريخ الجديد، وتعتقد أنه ليس معرفة فحسب، بل مقدمة المعرفة، لأن الإنسان دخل فى جدال مع التصورات القديمة عن نفسه وعن العالم. وتلفت إلى أنها تكتب وتجمع الأحاسيس اليومية والأفكار والكلمات، وتحاول الارتقاء لتكون روحا.
"لحظات غرق جزيرة الحوت".. محمد المخزنجي
الكتاب صدر مطلع التسعينات، وتناول فيه مشاهد من وقائع انفجار المفاعل النووى فى تشيرنوبل.
قسّم المخزنجى كتابه أربعة فصول مناخية، سماها "فصول تشيرنوبل الأربعة"، تناول خلالها مشاهدات عام كامل أعقب وقوع انفجار المفاعل، متتبعا تأثير الكارثة على طبيعة حياة البشر من أهل كييف، العاصمة الأوكرانية التى تبعد حوالى 80 كيلومترا من تشيرنوبل، وتعد قريبة جدا من محيط الإشعاع الذى أثّر فى محيط يتجاوز مداه 500 كيلومتر، ووصل إلى بعض الدول القريبة من مركز انطلاق الإشعاع النووي.
تضمنت نصوص كتاب المخزنجى مشاهد سردية للبشر والطبيعة، للأطفال والشيوخ، للسيدات والنساء. بدا السارد فيها شاهدا بنفسه كل ما تتضمنه النصوص. الحسرات والآلام. المخاوف والرعب. الآمال والكوابيس. كما شهد مظاهر التلوث، حين ألقى بنفسه فى الشوارع والطرق، والمخابئ تحت الأرض، فى الأنفاق المخصصة للقطارات، التى عُدّت ملاذا آمنا فى الفترات الأولى لبدء رحلة الإشعاع من مكمنه المفترض فى موقع المفاعل إلى الأجواء المحيطة، وراح يبحث عن أثرها على البشر. أنصت الراوى – الكاتب إلى الأصوات البشرية، وراقب الطبيعة. استمع إلى خلجات أهل المكان، الذى كان يبدو واحدا منهم، بشكل أو آخر؛ الأطفال، والكبار، العشيقات والنساء، والجدات والشاردين الهائمين فى الطرق وغيرهم. وتفاعل إنسانيا، ثم كتب ما رأى فى قالب سردى مكثف وشفيف. كأنما كان يراقب ما يسمّيه "حلمه المغدور فى سنواته الأخيرة قبل الأفول"، أو مشاهد غرق حوت الحلم الإنسانى الكبير بالعدل والمساواة. وكأن واقعة تشيرنوبل كانت بمثابة نذائر انحلال الكيان الكبير المسمّى الاتحاد السوفياتي، التى رصدها فى آخر فصول الكتاب تحت عنوان "طوابير موسكو".
رواية لودميلا .. لينا كيلانى
تستعيد رواية "لودميلا" للكاتبة السورية لينا كيلانى الظلال الإنسانية لكارثة انفجار مفاعل تشرنوبل، من دون أن تعيد التفاصيل.
ترصد الكاتبة فى الرواية التى صدرت ضمن سلسلة "روايات الهلال" بحس إنسانى من خلال الممرضة "لودميلا" مقدمات الحدث الذى وقع رغم القبضة الحديدية السوفيتية، وربما بسببها.
وتتناوب السرد "ناديا" ابنة "لودميلا"، البالغة تسع سنوات، وقد أنضجتها الذكرى، وأنهكت ذاكرتها، ولكن "لودميلا" تظل الشاهدة على الجحيم الأرضى الذى صاغته مؤلفة الرواية مؤلفة الرواية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة