عشت حياتى مؤمنًا بالعنصر البشرى، مدركًا بأن الفارق بين إنسان وآخر، إنما يكمن فى مزيج من العقل والقلب، تحت مسمى الوجدان، هكذا قال الدكتور مصطفى الفقى فى مقدمة كتابه، "شخصيات على الطريق"، الصادر عن دار المصرية اللبنانية.
وإيمان الدكتور مصطفى الفقى بهذا العنصر البشرى وما به من تركيبة متفردة عن سائر مخلوقات الله، سبحانه وتعالى، الدافع الأساسى لتأليف هذا الكتاب، على أساس إيجاد محاولة للغوص فى أعماق كل شخصية من الشخصيات التى وردت على صفحات الكتاب، فى سعى واضح لفهم النفس البشرية، باعتبار أن هناك قاسمًا مشتركًا بين البشر فى كل زمان ومكان، يستحيل معه -رغم ذلك- التعميم وفقًا لعوامل الاختلاف الثابتة بين البشر، كما يحاول علم الأجناس البشرية أن يتوصل إلى تنميط البشر.
وفى رحلة الحياة، أو على الأحرى رحلة الكتاب، يتوقف "الفقى" فى أربع محطات رئيسية، تأتى أولاها تحت عنوان "نساء شهيرات" حيث قصد المؤلف أن يبدأ كتابه بهذه المحطة، تقديرًا لدور المرأة فى الحياة البشرية وفى تشكيل نماذجها، باعتبارها المدرسة الأولى والأثيرة للرجل فى طفولته، والمشاركة له فى صباه وشبابه، والرفيقة طوال ما تبقى له من عمر على درب الحياة.. وجاء استعراضه لهؤلاء النساء الشهيرات متنوعًا مقصودًا فى أن يرد ذكر أمثلة لنساء تركن بصمة، برزت تجلياتها فيما حققن من شهرة، وقد اختلفت مواقعهن، فمنهن الفتاة والزوجة والأم، واللاتى شكلن –فى مجموعهن- قدوة ودليلًا ونبراسًا، يستدل به فى شتى مناحى الحياة.
وتأتى المحطة الثانية "فى محراب الجامعة" منطلقة من التنوع نفسه الذى حرص الدكتور مصطفى الفقى عليه، إذ تناول تلك الشخصيات التى قابلها أو تعرف إليها أو سمع عنها فى ذلك المحراب المقدس، وهى تضم رموزًا حملت مشعل العلم والنور، وأنارت طريقًا لجيل "الفقى" وما تبعه من أجيال إلى دروب العلم والمعرفة والفكر، كما أنهم كانوا أصحاب تأثير بارز على ملامح الحياة العلمية والفكرية فى مصر آنذاك حتى الآن، ذلك التناول الذى يؤكد "الفقى" أنه ليس بتوصيف لسيرة ذاتية أو تجميع لأوراق شخصية، وإنما هو نوع من الفهم للعقل، الذى أتعامل معه، ونوع من التذوق للروح التى أكتب عنها بين من عرفتهم..
وفى المحطة الأخيرة من الكتاب "خارج الحدود"، ينتقل المؤلف لأن يحكى لقرائه عن تلك الشخصيات التى عرفها وقابلها وسمع منها وعنها، موضحًا أن العنوان لا يشير إطلاقًا إلى شخصيات غير مصرية أو عربية أو أجنبية فحسب، وإنما يتناول كذلك أولئك المصريين الرائعين، الذين شاءت الأقدار أن تجعل مسيرة إنجازاتهم وإبداعاتهم وإسهاماتهم خارج حدود الوطن.. فقد ارتبط د. الفقى بحق هؤلاء فى أن يندرجوا تحت ذلك التوصيف المكاني، فى محاولة منه لأن يعطيهم حقهم من ناحية، وأن تكتمل منظومة عرض النموذج والقدوة من ناحية أخرى.