سيطرت الضربة العسكرية التى وجهتها القوات الأمريكية لمطار الشعيرات السورى، فجر الجمعة، على تغطية الصحف العالمية اليوم، حيث قال الكاتب والمحلل البريطانى ديفيد أوزبورن إن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، غير نهجه "أمريكا أولا" فى أقل من 48 ساعة، وشن أول عملية عسكرية موجهة بشكل أساسى ضد الرئيس بشار الأسد، متوقعا أن تزيد هذه الخطوة من شعبية الرئيس فى الولايات المتحدة، لأنها تعيد واشنطن إلى الصورة، وتعكس "الذكورية" الأمريكية.
واعتبر الكاتب أن نهج الرئيس الأمريكى ليس متناسقا، فهو أدان مقتل الأطفال فى إدلب، متخذا ذلك كتبرير للضربة، ومع ذلك أغلق الباب أمام اللاجئين الفارين من الصراع الدموى.
وأشار أوزبورن فى مقاله بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن الرئيس ترامب، يظن أنه بشنه ضربة عسكرية ضد نظام الأسد، يصلح الضرر الذى تسبب فيه الرئيس باراك أوباما، فهو بذلك يرسل تحذيرا للعالم، خاصة موسكو ودمشق، مفاده أنه سيستخدم القوة العسكرية عندما يطيب له ذلك.
وأضاف الكاتب أن نتيجة ذلك من وجهة نظر ترامب أن بلاده لن يتم التلاعب بها مجددا، وأن ذلك تحذيرا لطهران وبيونج يانج.
أما صحيفة "نيويورك تايمز" فقالت إن هذه الضربة تحمل فرصا ومخاطر فى الوقت نفسه للرئيس دونالد ترامب، موضحة أن القرار تم بعد مشاورات من الرئيس الأمريكى وأفراد إدارته وفى مقدمتهم وزير خارجيته ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومى اتش ار ماكماستر، ومساعدته دينا حبيب باول، وفريق الأمن القومى، بخلاف صهره جارد كوشنير.
وأوضحت الصحيفة أن هذا الهجوم سيشكل اللقاء المتوقع الأسبوع المقبل بين وزير الخارجية الأمريكى ريكس تيلرسون والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، والذى سيكون أول لقاء مباشر بين الرئيس الروسى وعضو فى إدارة ترامب.
وقبل توجيه الضربة لمطار الشعيرات، كان من المتوقع أن يطغى على الاجتماع المرتقب التحقيقات التى تجرى حول الهجمات الإلكترونية الروسية والتدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح ترامب، إلا أن التحرك فى سوريا يمنح الإدارة الأمريكية فرصة لمطالبة بوتين إما احتواء الرئيس السورى بشار الأسد أو الإطاحة به، أو أن الرئيس ترامب سيطلب توسيع التحرك العسكرى الأمريكى المحدود وسريعا لو فشل الرئيس الروسى فى تحقيق ذلك.
ونقلت الصحيفة عن أنتونى بلينكين، الذى عمل مساعدا لوزير الخارجية فى إدارة أوباما، أن الهجوم الكيماوى للحكومة السورية فى الأراضى الواقعة تحت سيطرة المعارضة يعنى أنه يجب التحرك، وأضاف فى تصريحاته التى جاءت قبل توجيه الضربة العسكرية أن الأمر يتجاوز سوريا، فالأسد كان يسير عكس القاعدة التى وضعناها منذ الحرب العالمية الأولى، عندما استخدمت الحرب الكيماوية لأول مرة على نطاق واسع.
وكان العديد من كبار مساعدى الرئيس أوباما، ومن بينهم بلينكن، قد دعوا لتحرك مماثل فى صيف 2013 عندما وقع هجوم الغوطة، وأشار أوباما إلى أن الأسد تجاوز الخط الأحمر، الذى وضعه باستخدام الأسد للسلاح الكيماوى.
غير أن الصحيفة تشير إلى وجود مخاطر كبيرة لترامب فى الأسابيع القليلة المقبلة، بمجرد أن ينتهى الرضا الفورى بجعل الأسد يدفع ثمن أفعاله، الخطر الأول أن تفشل مقامرته مع بوتين، فالرئيس الروسى طالما فضل ترامب عن منافسته فى الانتخابات الرئاسية هيلارى كلينتون، لكن بوتين لن يدخل على الأرجح فى اتفاق يهدد نفوذه فى سوريا.
الخطر الثانى يتمثل فى أن ترامب بتوجيهه ضربة للأسد، سيضعف هدفه الرئيسى فى المنطقة وهو هزيمة داعش.. فلو انهارت سوريا، قد تصبح ملاذا للإرهابيين، وهو نفس الوضع الذى يحاول ترامب منعه.
من ناحية أخرى، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن قرار ترامب بتوجيهه ضربات جوية ضد سوريا أعاد الكونجرس إلى نقاش شهده قبل ثلاث سنوات ونصف، مع دعم عدد من المشرعين من كلا الحزين لرد الفعل على الهجوم الكيماوى فى سوريا، لكنهم بدأوا يدرسون أى التحركات المستقبلية التى ربما تتطلب موافقتهم.
وأشارت الصحيفة إلى إشادة عدد من أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب من الحزبين الديمقراطى والجمهورى بقرار ترامب، غير أن البعض قال أنه فى حين أتن ترامب لديه سلطة توجيه ضربة صاروخية، وكان محقا فى ذلك، إلا أنه قد يحتاج إلى موافقة من الكونجرس قبل تكثيف القتال.
فقال سيناتور فلوريدا الجمهورى ماركو روبيو إن ترامب لديه السلطة لشن هجوم بالصواريخ دون موافقة الكونجرس.. لكن الالتزام بوجود قوات أمريكية برية فى المعركة سيكون أمرا أخرا، وأشار إلى أنه سيتطلب تفويضا.. بينما قال آخرون أن ترامب تحرك دون سلطة فى هذا الشأن. بينما قال السناتور الجمهورى راند بول: "فى حين أننا ندين جميعا الفظائع فى سوريا، فإن الولايات المتحدة لم تتعرض لهجوم، والرئيس يحتاج لتفويض من الكونجرس للقيام بعمل عسكرى وفقا لما ينص عليه الدستور، وأدعوه للمجئ إلى الكونجرس من أجل نقاش سليم".
وفى سياق آخر، قالت مجلة "تايم" إنه قبل ساعات قليلة من إعلان الرئيس دونالد ترامب إطلاق الولايات المتحدة 59 من صواريخ كروز على مطار فى سوريا، دعت المرشحة الرئاسية السابقة هيلارى كلينتون إلى فعل هذا.
وفى مقابلة لها مع الكاتب بصحيفة نيويورك تايمز نيكولاس كريستوف، خلال مؤتمر النساء فى العام بمانهاتن، ردت كلينتون على الهجوم الكيماوى القاتل فى سوريا بالقول "الأسد لديه قوى جوية، وهذه القوة الجوية هى سبب سقوط القتلى المدنيين.. وأعتقد حقا أنه كان ينبغى، ولا يزال أن نقضى على هذه المطارات ومنعه من أن يكون قادرا على استخدامها فى قصف المدنيين وإسقاط غاز السارين عليهم".
وكانت كلينتون، التى عملت وزيرة للخارجية خلال الفترة الأولى لباراك أوباما، من أنصار مزيد من التدخل ضد نظام الأسد، فى الوقت الذى لم يقدم فيه ترامب إستراتيجية متماسكة، وعارض التدخل فى البداية ثم انتقد أوباما لفشله فى استخدام القوة عندما تم تجاوز الخط الأحمر باستخدام المواد الكيماوية.
ومن جانبها، قالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن الضربة العسكرية الأمريكية ضد مطار "الشعيرات" أسفرت عن رفع أسعار النفط لأعلى معدل خلال شهر، وفى الوقت نفسه، تراجع أسواق البورصة وسعر الدولار.
وأوضحت الصحيفة أن خام البرنت ارتفع إلى ما يقرب من 56 دولارا للبرميل، بعد الهجوم العسكرى، ولكنه تراجع قليلا بعدها ليصل إلى حوالى 55.70 دولار للبرميل.
وقال محللون إن الهجوم لن يعطل إمدادات النفط، أما الذهب، فأثرت الضربات أيضا على الأسواق العالمية حيث قفزت الملاذات الآمنة مثل الذهب بأكثر من 1.5% ليعود للاستقرار عند مستويات 1265 دولار للأونصة.
كما تأثر سعر صرف الدولار بالعدوان الأمريكى على سوريا إذ تراجع بشكل حاد مقابل سلة العملات الرئيسية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة