يوما بعد الآخر يظهر الدور التركى التخريبى الداعم للتنظيمات الإرهابية المتطرفة ودعم الكتائب المسلحة والإرهابيين فى سوريا، عن طريق دفع أنقرة لعناصر تابعين لأجهزتها الأمنية وأذرعها الاستخباراتية فى تنفيذ أجندتها التى تخدم استراتيجيتها فى تفتيت المنطقة وإحياء عصر الدولة العثمانية.
عناصر الذئاب الرماديه
"الذئاب الرمادية" أحدى الحركات التركية التى تعمل تحت ظلال واستخبارات أنقرة، عناصرها رجال المخابرات التركية السابقين أو متعاقدين عسكريين، وتتهم موسكو أحد عناصر تلك الحركة فى مقتل الطيار الروسى عام 2015، ويشارك عناصرها فى القتال ضمن الفرقة الثانية الساحلية فى الجيش الحر ضد قوات الجيش السورى.
"ألب أرسلان جيليك" مسمى أحد العناصر التابعة للحركة التركية، برز مع ظهوره فى مقطع فيديو لحادثة إسقاط الطائرة الروسية فى ريف اللاذقية عام 2015، وتحدث عن تفاصيل عملية تصفيته لأحد الطيارين الروس بفتح النيران عليه خلال هبوطه بالمظللة، عقب استهداف طائرته بصاروخ موجه، حيث يعد "أرسلان" أحد ناشطى حركة الذئاب الرمادية الفاشية والمقربة من الحركة القومية التركية، وتعد من أبرز الحركات الموالية للدولة التركية، فقد قام رئيس الوزراء التركى السابق أحمد داوود أوغلو فى سبتمبر 2015 بزيارة قبر "ألب أرسلان توركيش"، مؤسس منظمة "الذئاب الرمادية" وحزب الحركة القومية فى العاصمة التركية أنقرة، فيما تسبب استخدام رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم لإشارة الذئاب الخاصة بالحركة صدمة بين الأكراد، وهو ما يؤكد الارتباط الفعلى بين مؤسسات الدولة التركية والحركة المتشددة.
ارسلان
وبرز نجم "الذئاب الرمادية" خلال فترة الصراع السياسى التركى الداخلى آواخر سبعينات القرن الماضى، وساهمت عملياتها فى إنهاك معارضى الجيش التركى، وتورطت الحركة فى عمليات إرهابية منها التفجيرات التى وقعت فى بانكوك صيف عام 2015، والتى أدت لمقتل 20 شخصًا، وهى المتهم الأبرز فى محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثانى، وتورطت فى تنفيذ مجموعة عمليات تصفية واغتيالات ضد شخصيات شيوعية وكردية وأرمينية وعلوية تجاوز عددها 700 ضحية.
والحركة التركية المعروفة رسميا باسم "أولكو Ocakları" هى منظمة قومية تشكلت أواخر العام 1960 من قبل العقيد "ألب ارسلان توركيش" الذى استلهم اسمها من أسطورة قديمة مرتبطة بالأصول العرقية التركية المتواجدة فى سهول آسيا الوسطى، وتمثل حركة "الذئاب الرمادية" القومية المتطرفة والفاشية الجديدة وذراع المتشددين باعتبارها الجناح شبه العسكرى لحزب الحركة القومية المتطرف.
الذئاب الرماديه فى تركيا
ويستخدم أنصار "الذئاب الرمادية" إشارات معينة تكشف مدى عنصرية عناصره خلافا لحقدهم على كافة الشعوب، ولاسيما الشعوب العربية لأنه يدعون أن العرب خانوا أجدادهم العثمانيين سابقا.
وتركز منظمة الذئاب الرمادية فى أفكارها على التفوق للعرق والشعب التركى واستعادة أمجاده وتاريخه، بالإضافة إلى السعى لتوحيد الشعوب التركية فى دولة واحدة تمتد من البلقان إلى آسيا الوسطى مستلهمين ذلك من تاريخ الدولة العثمانية التى جمعت تحت سلطتها الكثير من الولايات فى آسيا وأوروبا وإفريقيا، ومحاولة دمج الهوية التركية والدين الإسلامى فى توليفة واحدة، وهو ما تراه مهيمن للغاية فى خطاباتهم وأفكارهم التى يطرحوها، إضافة لمعاداة القوميات الأخرى كالأكراد واليونان والأرمن وباقى المجموعات الدينية كالمسيحيين واليهود، ومعارضتهم الشديدة للقضية الكردية فى تركيا بشتى الوسائل، حيث تحظى الحركة بدعم واسع وكبير على صفحات الجرائد تركيا وتمجيد العمليات التى تقودها الحركة ضد الجيش السورى.
وتنشط الذئاب الرمادية فى قطاعات مختلفة من الاقتصاد، والتعليم، والمراكز الثقافية والرياضية فى تركيا وتمثل الجامعات والكليات أحد أبرز الأماكن التى يستهدفها نشاط عناصر المنظمة.
وتألفت منظمة الذئاب الرمادية من الشباب التركى حصرًا وغالبا من الطلاب أو المهاجرين الذين تركوا الريف ونزحوا إلى أكبر مدينتين فى تركيا وهى أسطنبول وأنقرة.
وتمتلك الحركة التركية عدد كبير من المعسكرات تصل إلى 1700 فرع وتضم حوالى 200 ألف عضو مسجلين رسميا ومليون من المتعاطفين، وتمكنت الحركة من تغذية معسكراتها بالمقاتلين والطلاب الأتراك بداية من عام 1980، وذلك بتدريبهم فكريا وعسكريا لاستخدامهم كقوة رئيسية تشارك فى أعمال العنف السياسى، حيث توصف "الذئاب الرمادية" بـ"فرق الموت" التى تشارك فى حرب الشوارع وتقوم بتنفيذ عمليات تصفية واغتيالات لعدد من الشخصيات التى تختلف معها فكريا.
ونفذت "الذئاب الرمادية" بعض العمليات الإرهابية خارج الأراضى التركية بدعم من الأجهزة الاستخباراتية، ولعل أبرزها دعم التركمان السوريين بالمال والسلاح والأفراد للقتال فى الجبهات ضد الجيش السورى، وتورطت عناصر الحركة عام 2015 فى فتح النيران على الطيارين الروسى أثناء هبوطهم بالمظللة عقب اسقاط سلاح الجو التركى لمقاتلة حربية روسية، واعترف "ألب أرسلان جيليك" لوسائل الاعلام بإطلاق تركمان سوريا الذين يعملون تحت قيادته باستهداف الطيارين الروس.
وتطالب السلطات الروسية نظيرتها التركية تسليم "ألب أرسلان" الذى اعترف بجريمة قتل الطيار الروسى، فيما تتذرع حكومة أردوغان بعدم وجود ارتباط بينها وبين "الذئاب الرمادية"، فيما يتقرح عدد من أعضاء مجلس الدوما الروسى وعدد من أعضاء الحزب الشيوعى بحزب المنظمة فى روسيا وتصنيفها إرهابية.
عناصر الذئاب الرمادية تسخدم شعارتها فى والخلفية علم داعش
وخاض أعضاء الذئاب الرمادية التركية القتال بجانب الانفصاليين الشيشان خلال الحرب الشيشانية الأولى فى الفترة من 1994- 1996 وحرب الشيشان الثانية "1999- 2000" ضد الجيش الروسى، ونقلت "الذئاب الرمادية" شحنات الأسلحة إلى الشيشان بمعرفة الحكومة التركية.
وعقب التصعيد التركى الأخير ضد ألمانيا، بدأت برلين فى رصد عناصر الذئاب الرمادية العاملين فى أراضيها، والتحقيق مع عناصرها المتورطين فى ارتكاب عدد كبير من الجرائم، فيما قدرت وسائل إعلام ألمانية عدد الأعضاء المنضويين تحت راية الحركة التركية بـ10 آلاف شخص انخرطوا فى تنفيذ هجمات وعمليات تصفية ضد الأكراد المقيمين فى ألمانيا.
قبرص لم تسلم أيضا من إرهاب حركة "الذئاب الرمادية" التى وجهتها أجهزة الاستخبارات التركية لاستهداف قبرص، ففى أعقاب الغزو التركى لشمال قبرص عام 1974 لعبت الحركة المتشددة دورًا فى تأجيج النزاع وجعله أكثر تطرفا مع القبارصة اليونانيين من خلال الانخراط فى أعمال عنف فى الجزيرة، ودعمها لرئيس قبرص الشمالية – غير معترف بها – بين عامى 1983 - 2005 بدعم من أجهزة الدولة التركية.
وكانت الحركة التركية حاضرة فى تنفيذ عمليات لصالح الدولة التركية فى الداخل بالاشتراك عام 1977 فى مذبحة ضد العلويين، وقتل ألف طالب فى جامعة أسطنبول، وأقدم محمد على أغا أحد عناصر فى محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثانى أثناء زيارته لتركيا، وفى عام 2004 منعت الذئاب الرمادية عرض فيلم يتحدث عن الإبادة الجماعية للأرمن فى تركيا.