"صفحة وطويت".. رئيس البرلمان ربما أراد بهاتين الكلمتين أن يضع حدا للجدل الذى تصاعد خلال الأسبوعين الماضيين حول مشروع قانون تعديل الأزهر، ليؤكد فى جلسة أمس الاثنين، وجود عوار دستورى به، مفاجئا الجميع بأنه التقى الإمام الأكبر وأبلغه تقدير نواب المجلس لدور المشيخة، وعدم تلقيه مشروع قانون بشأنه.
فى الجهة الأخرى، بعد حديث الدكتور على عبد العال أمس، تمسك مقدم مشروع القانون النائب محمد أبوحامد، بموقفه طالما توافر توقيعات 60 نائبا، مشددا فى تصريح خاص: "قانونى من أهم المشاريع التى سأعمل عليها طوال الفصل التشريعى، وليس الدورة الحالية فقط".
وفيما يبدو أن النار لن تهدأ مع عدم تراجع النائب، وإعلانه أنه سيتقدم بمشروع القانون بعد انتهاء "حملة التوقيعات الرافضة"، وسحب 50 نائبا توقيعاتهم، من إجمالى 250 نائبا ينتظر "أبو حامد" رأيهم فى مشروع القانون الذى وقعوا عليه.. لكن حين يتم "طوى الصفحة" فعليا نستعرض قصة قانون أثار جدلا كبيرا.
هل القانون مرتبط بأزمة الطلاق الشفوى؟
بدأت قصة مشروع القانون فى منتصف فبراير الماضى، تزامنا مع أزمة الطلاق الشفوى التى أكدت هيئة كبار العلماء وقوعه، وأعلن "أبو حامد" أنه يعكف لإعداد مشروع قانون لتعديل الأزهر، مشددا فى الوقت ذاته أن قانونه ليس له علاقة بأزمة الطلاق، وأن فلسفة التعديل الجديد تتمثل فى ضرورة أن تدخل المؤسسات الدينية المختلفة لترشيح أعضاء هيئة كبار العلماء وتوسيع دائرة الهيئة، وإن كان هناك تعيين لأعضائها يكون من خلال رئيس الجمهورية وليس شيخ الأزهر.
مع نهاية فبراير أعلن حصوله على الدعم القانونى من توقيعات النواب لتعديل قانون رقم ١٠٣ لسنة ١٩٦١، لضبط تشكيل هيئات الأزهر، وقواعد اختيار الإمام الأكبر.
جدل بعد نشر مشروع القانون
مع نشر النسخة النهائية من مشروع القانون الشهر الماضى، بدأ الجدل حول مادة تحصين الإمام الأكبر الذى تتضمنت معاقبته حين يخل بواجبات وظيفته، مع اقتراح أحد الجزاءات: (الإنذار، اللوم، عدم الصلاحية)، فضلا عن تحديد مدة شيخ الأزهر بـ 12 سنة حد أقصى، وينص على فصل الكليات العلمية ودخولها دون تمييز دينى، وكذلك وقف إنشاء المعاهد الأزهرية والإبقاء على 3000 فقط.
تعالت الأصوات الرافضة من نواب وفى الأوساط السياسية ضد القانون، وبالأخص باللجنة الدينية مع التمسك باستقلالية الأزهر وفقا للمادة 7 من الدستور، فتصدرت "حصانة الإمام الأكبر" مانشتيات الصحف الأولى آنذاك، لكن النائب أبو حامد، ظل يؤكد أنه لا يستهدف شخص الدكتور أحمد الطيب، وأنه لا يوجد مسئول فوق المحاسبة.
توالى دعم نواب وأحزب للمشيخة ضد القانون، فيما خرج أحمد زارع المستشار الإعلامى لجامعة الأزهر، ليشدد على أن ما طرحه النائب، لن يتم الاعتداد به طالما لم يخرج من البرلمان بصفة رسمية.
بابا الفاتيكان يثقل ميزان الأزهر
ربما كان للزيارة التاريخية لبابا الفاتيكان لمصر فى نهاية أبريل الماضى، ملبيا دعوة شيخ الأزهر، لإرسال رسالة سلام للعالم وتأكيد دور الأزهر كراعى السلام، أثرا كبيرا فى الانتصار لميزان الأزهر، فاستقبال كلمة شيخ الأزهر من المشاركين فى فعاليات مؤتمر الأزهر العالمى الذى شارك فيه بابا الفاتيكان، بموجة تصفيق حاد، كما التصفيق الحاد أيضا أثناء دخول الطيب قاعة المؤتمر. وانهالت كلمات الإشادة على كلمة الإمام الأكبر فى وسائل الإعلام ومواقع التواصل.
استقبال حار للإمام الأكبر فى عيد العمال
فى احتفالية عيد العمال، التى حضرها الرئيس عبدالفتاح السيسى، لاقى الإمام الأكبر استقبالاً حاراً وتصفيقاً شديداً لدقائق عدة، أثناء دخوله مقر الاحتفالية، وعبر الحضور عن تقديرهم للطيب ولجهوده.
البرلمان ينفى تلقى مشروع الأزهر
وفى أول صدى لزيارة البابا، نفت الأمانة العامة لمجلس النواب، فى بيان لها السبت قبل الماضى، ما تناولته بعض وسائل الإعلام من عرض مشروعات قوانين تتعلق بالأزهر أو سن شيخه على المجلس أو لجانه حتى الآن.
بدء حملة الانسحابات
بدأت حملة انسحابات النواب من بداية الأسبوع الماضى، فتقدم نحو 5 نواب بطلبات لأمانة البرلمان لسحب توقيعاتهم من مشروع القانون حال تقديمه للبرلمان، معللين عدم معرفتهم بأن المشروع يمس الإمام الأكبر، لكن واصل "أبو حامد" التحدى بإعلانه أن 150 نائبا أعربوا عن موافقتهم.
نواب ينظمون زيارة للمشيخة
الأسبوع الماضى، أبدى عدد من النواب، عن اعتزامهم تشكيل وفد برلمانى لزيارة المشيخة لدعم شيخ الأزهر، تخطى عددهم أكثر من 150 نائبا بحضور وكيلى البرلمان، فى إعلان صريح لرفض مشروع قانون أبو حامد.
رئيس البرلمان يلتقى شيخ الأزهر
كانت زيارة الوفد البرلمانى مقرر لها اليوم الثلاثاء، حتى أعلن أمس رئيس البرلمان، أنه التقى فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، وأبلغه خالص تحياته وتحيات نواب المجلس لفضيلته، وتقديرهم لدور الأزهر فى مصر والعالم الإسلامى، مشيرا إلى "أنه أخطر الإمام الأكبر بأن المجلس لم يتلق أى مشروعات قوانين أو اقتراحات بقوانين تتعلق بشيخ الأزهر، وبعد هذا اللقاء لم تعد هناك حاجة لزيارة النواب لشيخ الأزهر، التى كان مخططا لها".
مذكرة لرئيس البرلمان لرفض مشروع القانون
الأربعاء الماضى قدُمت مذكرة من النائب أسامة شرشر، وعدد من النواب، إلى د.على عبد العال، طلبوا فيها رفض مشروع القانون الخاص بالأزهر المقدم من النائب محمد أبو حامد، مؤكدين دعمهم لمؤسسة الأزهر الشريف وشيخها. فى المقابل رفض أبو حامد التراجع معلنا استمراره فى معركته "حتى بعد الهوجة اللى حصلت ضده" حسب تعبيره، وأن هناك 160 نائبا مستمرون فى توقيعهم على القانون حتى هذه اللحظة، فى المقابل تراجع 15 نائبا فقط. فى حين أعلن أحمد رفعت عضو مجلس النواب أن هناك أكثر من 300 نائبا وقعوا على بيان لرفض المشروع.
تزايد الانسحابات يرجئ تقدم القانون
أول أمس، أعلن النائب أبو حامد، انسحاب 50 اسما من إجمالى التوقيعات على القانون البالغة 250، موضحا تسلمه خطاباً من الأمين العام للبرلمان برفض 15 اسما، وأنه علم رفض 35 آخرين من الإعلام، وأن 40 آخرين لم يبدوا حتى الآن موقفهم النهائى من مشروع القانون. وقال إنه أرجأ تقديم مشروع القانون، لحين الإطلاع على التوقيعات التى أعلن النائب أسامة شرشر عن جمعها، لرفض مشروع القانون.
هل يحسم الدستور؟
رئيس البرلمان، وخبراء قانون، لمحوا لوجود عوار دستورى، لكن "أبو حامد" يؤكد عد وجود أى مخالفة دستورية، ورد على حديث الدكتور على عبد العال أمس بقوله: "لا أعرف متى أطلع رئيس مجلس النواب على القانون حتى يحدد العوار الدستورى الذى يشوبه؟".
وحسم الدستور مسألة عزل شيخ الأزهر، وجاء فى المادة 7 منه "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء".
لكن يبدو أن النائب "أبو حامد" مستمر فى معركته، وستطوى صفحة مشروع القانون فعليا إذا تراجع أو إذا لم يحصل على توقيع 60 نائبا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة