بالفيديو والصور.. آخر شواية سمك بالفرن البلدى فى الدقهلية

السبت، 13 مايو 2017 09:00 ص
بالفيديو والصور.. آخر شواية سمك بالفرن البلدى فى الدقهلية أم رانيا أخر شواية سمك بفرن بلدى فى الدقهلية
الدقهلية محمد حيزة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

دخان كثيف يملأ المكان، وسيارات مصطفة، فى مشهد زحام رهيب، لا تصطف تلك السيارات أمام أحد المطاعم الفاخرة، أو مركز من مراكز الصيانة، إنما فى انتظار الدور عند "أم رانيا" آخر شواية سمك بالفرن البلدى، صاحبة المذاق الرفيع لشى السمك، فالسمك فى الفرن البلدى له طعم آخر، يفتقده الجميع، بعد أن أصحبت أفران الغاز هى البديل الأسهل والأسرع، والأكثر انتشارا بل هى المتحكمة فى جميع أفران السمك، إلا فرن أم داليا لا زال محافظ على رونقه البلدى القديم والأصيل.

 

"أم رانيا" المرأة ذات الخمسين عاما، والتى تملك من الحياة 4 أبناء، ولدين وبنتين، هما كل حياتها بعد وفاة زوجها، اتجهت للعمل بفرن شى السمك، بعد أن وجدت نفسها فى حاجة للعمل، ومعاش زوجها لا يكفى فكان اختيار فرن السمك هو أحد أسهل الإختيارات، ولكنها لم ترد أن تجلس فى أى من أسواق المدينة، فهى ليست ابنة سوق، وليست من هؤلاء الذين يستطيعون التعامل مع الإتاوات، ومدير السوق، وكومسيونجى السوق، والكثير من المناصب الودية التى ينصبها أصحاب السوق، للناس، من أجل دفع الإتاوات والغرامات، ولم تكن ذات مقدرة أيضا على شراء محل فى أى من تلك الأسواق، فابتعدت عن جميع أسواق المنصورة، لتجد لنفسها قطعة أرض فراغ، فى تقسيم الزيتون، بالمنصورة، وتقيم فى مشروعها الجديد، المتميز عن باقى المشاريع، والمختلف، والذى نجحت فى جذب الآلاف له.

 

تبدأ المرأة الخمسينية، عملها فى صباح كل يوم، عدا يوم السبت، فأهل المنصورة يحجمون عن شراء السمك يوم السبت، فى تقليد قديم لم يعرف له أحد سببا، تفتح باب فرنها وهو عبارة عن كوخ خشبى، والفرن مبنى من الطوب اللبن، والطين الحرارى، يتكون من رفين الرف الأرضى، يوضع فيه الخشب والقش، وقود الفرن البلدى، والرف العلوى، هو الرف الحديدى، الذى يتم شواء السمك فيه، تبدأ بغسل الرف العلوى جيدا، ثم تبدأ بفرز الأخشاب، ومن ثم تقوم بإشعالها، مع أول وهلة ينبعت دخان كثيف، يملأ المكان، ثم تقوم بتسخين الفرن جيدا قبل العمل، وفى هذه الدقائق تعرف ربات البيوت أن أم داليا المميزة بدأت فى العمل، واستقبال الزبائن، فتذهبن إلى الأسواق لشراء السمك، وأخذه للفرن البلدى لتبدأ عملية الشواء.

 

وتقول "أم رانيا": "أنا سعيدة بالفرن البلدى، صحى، وله طعم تانى غير طعم الفرن الغاز، ولا غنى عن الفرن الغاز خاصة وأن كل المنازل أصبحت مغلقة، والفرن البلدى يحتاج مساحات كبيرة، للدخان والأدوات وما شابه، وأنا الحمد لله عندى مساحة أقدر أعمل فيها كدا، ولا يوجد أحد من الجيران يؤذيه عملى فى شئ وهذه نعمة كبيرة، حب الناس لى وللعمل الذى أقوم به، ولكن الفرن البلدى له مذاق خاص، كله مصنوع من الطبيعة، طوب من الطين، الطوب التصق ببعضه بالطين أيضا، الوقود من الخشب الطبيعة، وقش الأرز من الطبيعة أيضا"، ثم تقطع "أم رانيا" حديثها مع محرر اليوم السابع، وتبتسم وتقول "أنا حليت للحكومة مشكلة قش الأرز المفروض يعطونى مكافأة، بشوى به السمك، وبطلع أحلى سمك بالقش اللى بيحرقوه، وبيتعبوا به صدور الناس".

 

وتتابع "أم رانيا حديثها، "فرن السمك البلدى، بياخد وقت كبير من أجل شى السمك، حيث أن النار تكون طبيعية، والنار الطبيعية ليست نار حارقة وسريعة كنار الغاز، يمكن التحكم فيها، بمجرد كبسة زر، إنما النار أتحكم فيها، بكمية الخشب، الذى أضعه فى الفرن، وفى حال يكون عندى زبائن كثيرون عندى، أقوم بتزويد الخشيب والقش، حتى أتمكن من إنجاز العمل، أحيانا بعض الزبائن يتضايقون من الإنتظار لأوقات طويلة، ولكن أنا لم أفرض على أحد القدوم إلى، وأنا أتعامل مع شئ لا يقدر عليه إلا الله وهو النار، ولا يوجد محبس للوقود أتحكم فيه، أنا فقط أتحكم فى درجة حرارة الفرن عن طريق كميات الخشب، وأحافظ على درجة الحرارة، فلا ترتفع، ولا تنخفض، وهذا هو سر الصنعة والخبرة، وهذا ما يخرج سمك مشوى بأسلوب محترف، ومذاق خاص، لا يستطيع أحد أن يقاومه أبدا".

 

وتضيف صاحبة الفرن البلدى "أنا اتجهت للفرن البلدى، كفكرة جديدة، وعمل مميز، هو ليس أرخص من الغاز بل الغاز أرخص بكثير، وأسهل جدا، جوال الخشب الكبير يتكلف 75 جنيه، القش لا ثمن له، وأنا استهلك يوميا جوالين خشب، بـ 150 جنيه، أكبر فرن غاز يستهلك 50 جنيه غاز فقط يوميا، لذلك أنا أسعارى غالية فى شى السمك، وأيضا فى تسوية "البرايم"، وأيضا مسألة إنى كل فترة أقوم بحمل خشب، ووضعه فى النار، من أجل أن يحترق مسألة مرهقة جدا، ولكن أما بشوف الناس واقفة طوابير على، لحد الساعة 8 بالليل، أشعر بأهمية العمل الذى أقوم به، وبأنى لى دور فى المجتمع، أنا اكتسبت ثقافة كبيرة جدا، من هذه المهنة، قضاه ورؤساء محاكم، ووكلاء نيابة وضباط، وصحافيون وكتاب، وقيادات كبيرة تأتى إلى من أجل شى السمك، بدل تجلس بجوارى على الأرض، فى المكان يأنف منه أى أحد، ويتحدثون إلى وأتحدث إليهم، وتطورت نظرتى للحياة بعد أن انخرطت فى هذه البيئة، فأصبحت أكثر نقدا، وثقافة، وعلما، والحياة بالضبط هى تبادل المصلحة، شوبت لهم السمك فأعطونى مالا، استقبلتهم، فتثقت من حديثهم، وأتمنى أن أظل بقية عمرى فى هذه المهنة.

 

أم رانيا تجمع الأخشاب من أجل الوقود
أم رانيا تجمع الأخشاب من أجل الوقود

 

إشعال الفرن بالخشب
إشعال الفرن بالخشب

 

نار الطبيعة تشوى السمك
نار الطبيعة تشوى السمك

 

شوى السمك فى الفرن البلدى
شوى السمك فى الفرن البلدى

 

سعادة أم رانيا بعملها
سعادة أم رانيا بعملها

 

السيدة المكافحة
السيدة المكافحة

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة