جرت الاتصالات بجميع نواب مجلس الأمة «البرلمان» من مبنى التليفزيون: «آلو».. «أيوه»: «النائب فلان».. «نعم»: «كلم النائب مصطفى كامل مراد»
يأخذ «مراد» السماعة: «أهلا بك.. فيه انقلاب ضد رئيس الجمهورية، وتحضر غدا فى الجلسة».
الجلسة المقصودة كانت لـ«مجلس الأمة»، والاتصال كان مساء يوم 13 مايو 1971، واستمر حتى السابعة صباحا، والحشد كان يتم لإسقاط عضوية رئيس المجلس الدكتور لبيب شقير ووكيليه و15 نائبا، وفى الساعة السادسة مساء يوم 14 مايو «مثل هذا اليوم1971» تجمع 280 نائبا، لينفذوا المهمة دون تحقيق أو سؤال، أو انتظار لنتيجة المحاكمة،أو المساءلة،أو حتى تقصى الحقائق «عبد الله إمام – انقلاب السادات – أحداث مايو 1971 – دار الخيال – القاهرة».
جاء الحدث فى سياق الصراع بين الرئيس السادات والمجموعة التى اصطلح على تعريفها بـ«15 مايو 1971»، وضمت نائب رئيس الجمهورية على صبرى الذى أقاله السادات، ووزراء تقدموا باستقالتهم يوم 13 مايو، وقيادات فى مفاصل الدولة والتنظيم السياسى الوحيد «الاتحاد الاشتراكى»، وفيما جرت عملية القبض على كل هؤلاء تمهيدا لمحاكمتهم، جاء الدور على مجلس الأمة ونوابه المحسوبين عليهم، وفى مقدمتهم الدكتور لبيب شقير، والقصة التى وقعت أحداثها فى يوم 14 مايو «مثل هذا اليوم 1971» يروى «عبد الله إمام» تفاصيلها من كل أطرافها، ويؤكد فيها أن السادات لم يكن صادقا حينما قال فى خطابه أمام مجلس الأمة يوم 20 مايو ، إن أعضاء المجلس فاجأوه بعملية تصحيح بإسقاط العضوية مساء يوم 14 مايو عن عدد من الأعضاء، ويستند «إمام» فى ذلك على شاهدين رئيسيين من صناع الحدث،وهما «سيد مرعى» «رئيس مجلس الشعب فيما بعد ووزير الزراعة فى زمن عبد الناصر وصهر السادات»، ويقول فى مذكراته، إن الرئيس السادات استدعاه مساء يوم 13 مايو فوصل إليه فى منتصف الليل، و«كلفنى بمهمة أصبح على أن أنجزها فى مجلس الأمة فى اليوم التالى –الجمعة 14 مايو – نظرا للعلاقات المستمرة بكثيرين من أعضاء المجلس، وهى الخاصة بإسقاط العضوية عن رئيس المجلس والأعضاء القليلين الذين تحركهم مراكز القوى».
أما مصطفى كامل مراد فيروى شهادته: «ذهبت إلى منزل السادات وكان معى من أعضاء مجلس الأمة الذين أصبح بعضهم وزراء، يوسف مكاوى، ومحمد شاهين، ومظهر أبو كريشة، وأحمد عبدالآخر، ومحمد عثمان إسماعيل، ومحمد حامد محمود وغيرهم، وقال لهم السادات: أنتم متآمرون على فى المجلس،المجلس لازم ينشال، وهناك اتفقنا على كل شىء، اتفقنا أن نعد العدة لقلب التآمر من القضاء على السادات للقضاء على المتآمرين»، ويضيف،أنه ذهب إلى مبنى التليفزيون ومعه نظمى المكاوى، ولحق بهما يوسف مكاوى، وأحمد يونس، ومحمد عثمان إسماعيل، ومحمد حامد محمود، واشتركوا جميعا فى الاتصال بجميع أعضاء مجلس الأمة، وكان كل منهم يطلب النائب ويسلم السماعة لمصطفى مراد ليقول له: أنا مصطفى كامل مراد وفيه انقلاب ضد رئيس الجمهورية وتحضر غدا الجلسة».
عقد المجلس اجتماعه، ووفقا لمضبطة الجلسة، فإنها بدأت فى الساعة الثامنة وأربعين دقيقة، برئاسة الدكتور إسماعيل معتوق أكبر الأعضاء سنا، وحضر عدد من الوزراء منهم، الدكتور عزيز صدقى نائب رئيس الوزراء للإنتاج والتجارة ووزير الصناعة والبترول والثروة المعدنية، والمهندس سيد مرعى نائب رئيس الوزراء للزراعة والرى ووزير الزراعة، وكمال هنرى أبادير وزير المواصلات، ومحمد عبد الله مرزيان وزير الاقتصاد، والدكتور سيد جاب الله وزير التخطيط، ومحمد حمدى عاشور وزير الإدارة المحلية، والدكتور أحمد السيد درويش وزير السياحة، وعبد اللطيف بلطية وزير العمل، ومحمد عبد السلام الزيات وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة، وقال رئيس المجلس: «إن البلاد شهدت فى الأربع والعشرين ساعة الأخيرة أحداثا كان لزاما على مكتب المجلس ورئيسه أن يقوموا بدعوته إلى الانعقاد، فلما لم يقوموا بواجبهم تقدم الأعضاء بطلب للدستور، واستجاب رئيس الجمهورية، وأصدر القرار الجمهورى بدعوة المجلس.
تبارى النواب فى الهجوم أثناء كلماتهم ضد زملائهم، وألقى مصطفى كامل مراد خطبة حماسية ثم أخذ رئيس الجلسة التصويت على إسقاط عضوية لبيب شقير، محمد فايق، كمال الدين الحناوى، على السيد على، ضياء الدين داود، صبرى مبدى، أحمد شهيب، عبد الهادى ناصف، علام عبد العظيم، عبد العاطى نافع، جابر عبد العزيز، نبيل نجم، محمد البديوى فؤاد، أحمد كمال الحديدى، حمدى حراز، أحمد إبراهيم موسى، محمد سيد عبد المنعم، متولى النمرسى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة